نفي وزيرة وبرلمانية الأضرار المترتبة عن العلاقة الرضائية مغالطة وخدعة واهية

جريا على دأبه في الترويج للتوجه العلماني في البلاد نشر الموقع الرقمي  هسبريس مقالا نحت عنوان : " الصقلي : العلاقة الرضائية لا تضر المجتمع والقانون غير مبني على الإسلام " لصاحبه المدعو محمد بلقاسم ، وقد تناول فيه وجهة نظر اليسارية والبرلمانية والوزيرة السابقة نزهة الصقلي  التي تطالب بإسقاط عقوبة الزنا في المغرب البلد المسلم أهله .

وقد يبدو طبيعيا أن يدافع عن الزنا تحت مسمى العلاقة الرضائية كل من له مصلحة في ذلك سواء كانت جنسية  أو إيديولوجية أو هما معا إلا أن غير الطبيعي وغير المقبول هو إقحام الإسلام في قضية محسوم في أمرها بنص محكم من  القرآن الكريم  وهو قول الله تعالى : ((  الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )) . ومع حرمة فاحشة الزنا التي لن يغير من فحشها نعتها بنعت الرضائية جعل الله تعالى للزناة عقوبة في منتهى الصرامة  عزّابا ومحصنين . ولا يمكن أن يطلع علينا أحد  اليوم ليقول ما نسبه صاحب المقال للصقلي وهو : "  عقاب العلاقة الجنسية خارج الزواج بالسجن لا يوجد في الإسلام أو الحريات الفردية "  والملاحظة الأولى  في هذه العبارة أنها تجعل الإسلام في كفة واحدة مع ما سمته بالحريات الفردية، وهي كناية عن اللادين و اللاتدين ، أما الملاحظة الثانية فهي محاولة  مكشوفة لاستغلال عدم وجود عقوبة السجن على جريمة الزنا في الإسلام لينتهي الأمر بصاحبة هذه العبارة المنسوبة إليها  إلى  القول إسقاط العقوبة الموجودة فيه عليها انتصار لما يهدف إليه التوجه العلماني  اللاديني المكنى عنه في العبارة بالحريات الفردية .

ولقد اختارت صاحبة هذه العبارة حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها وهي أن عقوبة السجن لمرتكبي فاحشة الزنا  لا وجود لها في الإسلام  ، ولكنها تعمدت السكوت عن العقوبة المخصصة لها في الإسلام لتنفي وجود عقوبة لها أصلا اعتمادا على ما يسمى بالحريات الفردية التي يطالب بها التوجه العلماني وهي حريات تسقط العقوبتين  معا عقوبة النص النص الجنائي  490  والعقوبة المنصوص عليها في القرآن الكريم و في السنة النبوية المشرفة.

أما القول المنسوب إليها من طرف كاتب المقال أن العلاقة الرضائية لا تضر بالمجتمع لا يصح  لا نقلا ولا عقلا ولا واقعا لأن استباحة الأعراض بهذه العلاقة هي أخطر ضرر على المجتمع . وقبل الخوض في بيان ذلك يجدر التنبيه إلى أن دعاة الرضائية يتصورون أن الأمر يتعلق بعلاقة جنسية تنتهي نهاية سعيدة بإشباع  من يرتبطون بها غرائزهم دون أن يترتب عن ذلك نتائج فيها  أضرار عليهم وعلى المجتمع  يتعمدون تجاهلها ، و منها على سبيل المثال حصول الحمل عنها ،وهو أمر متوقع  مهما احتاط الرضائيون  من وقوعه ، وفي هذه الحالة ليس أمامهم سوى أحد أمرين: إما ارتكاب جريمة الإجهاض ،وقد صار هي الآخر مما يدافعون عن رفع التجريم عنه لأنه برفع التجريم عنه يكون رفع التجريم عن العلاقة الرضائية من باب أولى بالنسبة إليهم   أو مجيء مولود  من سفاح إلى هذه الدنيا ليكون مصيره إما الإلقاء به في الشارع ليلتقط وينشأ في دار من دور الأيتام إن كان سعيد الحظ  ثم يتربى يتيما محروما مما يتمتع به كل مولود ولد من نكاح شرعي ، ولا يتحمل من أنجبوه أدنى مسؤولية عنه حيث تقع مسؤوليته على المجتمع الذي عليه أن يوفر له ظروف العيش من خلال ما يجبى من ضرائب يدفعها المواطنون من عرق الجبين ، فهل يوجد ضرر أكبر  وأخطر من هذا خصوصا حين يكثر مواليد السفاح عندما يرفع التجريم عنه  وتتراكم تبعاتهم على المجتمع ؟  ولن يصدق  أحد أن المسافحين يعترفون بما ينتج عن سفاحهم من مواليد  لأنه عند استباحة السفاح لا يمكن أن يقتصر على مسافحين اثنين لأنه حينئذ يصير كالنكاح لا ينقصه سوى الإشهاد عليه وتوثيقه . والحقيقة أن الرضائيين لا حدود لرضائيتهم ، ذلك أن كل واحد منهم يصيب ما أتيح له من سفاح وما تسنح به الفرص ، ولهذا لا يمكن أن يعترف أحدهم بالمسؤولية عما ينتج من حمل عن السفاح ، وهو على يقين أن غيره يشاركه  فيه .

ولا يقف ضرر العلاقة الرضائية عند حد إجهاض الأجنة أو التخلي عنهم عندما يولدون بل هي علاقة مدمرة للمجتمع من خلال تدمير نواته الصلبة التي هي الأسرة ،وهي حاضنة وحامية الأنساب ذلك أن ما قد ينتج عن السفاح من مواليد عبارة عن فيروسات مدمرة لمناعة المجتمع من خلال تدمير نواته الصلبة لأنهم مواليد لا أرحام لهم وقد تنكر لهم الذين أنجبوهم سفاحا  وألقوا تبعتهم على المجتمع .

ولا يمكن أن يتصور أن إباحة هذه العلاقة سيقتصر على غير المرتبطين بعلاقة نكاح شرعية فقط لأنه حينئذ سيكون تقنيا مناقضا لمطلب الحريات الفردية التي يدعو إليها التوجه العلماني ، لهذا لا بد أن يكون للمرتبطين بعلاقة نكاح شرعية حظ من هذه  العلاقة الرضائية أيضا، وهو ما يعني تدمير علاقة النكاح الشرعي بعلاقة السفاح المحرم شرعا . وهل سيرضى المرتبطون بعلاقة نكاح شرعي ذكورا وإناثا بعلاقة سفاح التي هي جريمة خيانة زوجية تتسبب في أخطر ضرر على الإطلاق وهو تفكيك الأسر بداء الخيانة الزوجية  ؟ ومن هو  هذا  الزوج الذي سيتحمل أعباء نكاح شرعي بتوفير مسكن وظروف عيش ليشاركه مسافح  في زوجته مجانا ؟ ومن  هي هذه الزوجة التي ستتحمل أعباء نكاح شرعي وتضطلع بمهام بيت الزوجية لتشاركها في زوجها مسافحة مجانا ؟ 

وبأي منطق تتحدث الصقلي وأمثالها من دعاة فاحشة الزنا التي وصفها الله تعالى بقوله : (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) أهم أعلم من الله تعالى  علوا كبيرا بسوء هذه  الفاحشة المنكرة ؟

والغريب أن هذا المقال نسب أيضا  للصقلي قولها : "  من ارتكب ذنبا فإن ذلك يخص علاقته بالله ... ولو كان العقاب دينيا فإنه حري أن نسجن من لم يصل " وهذا منطق لخداع العوام السذج بقياس فاحشة الزنا على ترك عبادة الصلاة أو غيرها من العبادات، علما بأنه بين الذنبين بون شاسع ،ذلك أن الصلاة علاقة بين الإنسان وربه لا يضر بتركها إلا نفسه ، بينما الزنا علاقة بينه وبين غيره من الخلق تلحق الضرر بغيره الذي يكون إما جنينا بريئا يجهض أو مولودا يلقي في الشارع أو زوجا يعتدى على عرضه في غفلة منه أو زوجة تخدع في زوجها دون علمها ... إلى غير ذلك مما يلحق الضرر بالغير فضلا عن إلحاقه بالنفس .

وعلينا أن نتصور كيف سيكون مجتمع تقر فيه الأسر بالعلاقة الرضائية بين أفرادها آباء، وأمهات، وأبناء، وبنات، وإخوة، وأخوات، وأعمام، وعمات ،وأخوال، وخالات  وأزواج ، وزوجات .... وكيف تكون نفسية هؤلاء جميعا وهم يعلمون أنهم جميعا أو بعضهم يمارس فاحشة الزنا ؟

وخلاصة القول أن المشروع العلماني  الذي يستهدف المغرب البلد المسلم أهله وهو في منتهى  الخبث والمكر له جبهات متعددة وتضطلع بها طوابير خامسة مستأجرة ، وهي اليوم كلها مفتوحة ومنها جبهة تدمير الأسرة التي هي نواة هذا المجتمع الصلبة ليصير بعد إسلامه علمانيا على غرار المجتمعات العلمانية التي سارت أشواطا بعيدة في التفكك الأسري، وفي انحطاط القيم الأخلاقية ، وهي تصدر هذا الانحطاط إلى المجتمعات الإسلامية  عمدا وعن سبق إصرار عبر طوابيرها الخامسة التي استأجرتها وهي تسوق له إعلاميا بهوس غير مسبوق يروم نقض عرى الإسلام عروة عروة كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : "  لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، فأولهن نقض الحكم ، وآخرهن الصلاة " . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وسوم: العدد 919