في عَييتُ وأعيَيْتُ

(طرائف لغويَّة) 

روي أنَّ عليَّ بنَ حمزةَ الكسائيَّ وهو أحد القرَّاء السَّبعة المشهورين إنَّما 

تعلَّم النَّحوَ على كِبَر؛ لأنَّه جاء إلى قومٍ وقد (أعيا) من التَّعب، فقال: (قد 

عَييتُ) فقالوا له تجالسنا وأنت تلحن! قال: كيف لحنتُ؟ قالوا له: إنْ كنتَ 

أردتَ من التَّعبِ،  فقل: (أعيَيْتُ)، وإنْ أردتَ انقطاع الحيلة والحيْرةَ في 

الأمر فقل (عَييتُ)،  فأنِف من ذلك، وقام فوْرَه، فسأل عمَّن يُعلِّم النَّحو فدُلَّ 

على معاذ بن مسلم الهرَّاء النَّحويّ الكوفيّ  فلزمه، قيل سمِّي بالهرَّاء لبيعه 

الثِّيابَ الهرَويَّة الواردة من (هَراةَ)،  ثم خرج الكسائيُّ إلى البصرة  فلقي 

الخليلَ بن أحمدَ الفراهيديَّ، ثم خرج إلى بادية الحجاز. 

قال الفرَّاء: ناظرتُ الكسائيَّ يومًا وزدتُ،  فكأنِّي كنت طائرًا أشرب من 

بحر. وقال الشَّافعيُّ: من أراد أن يتبحَّر في النَّحو فهو عيالٌ على الكسائيِّ. 

(مسالك الأبصار في ممالك الأمصار لابن فضل الله العمريِّ ج5 ومصادر 

أخرى بتصرف).

قلتُ: يا سبحان الله! الكسائيُّ لحَن  في كلمةٍ واحدةٍ فدفعه غلطه إلى تعلُّم 

النَّحو واللُّغة والتبحُّر فيهما، فما بالك بمن اعوجَّ لسانه وغلب الغلط على 

معظم حديثه؟ 

وما بالك بمن يتَّكئ على الألفاظ الأعجميَّة  في كلِّ عبارةٍ يتلفَّظ بها؛ ليدلِّل 

بهذا على كثرة اطِّلاعه وسعة ثقافته؟

وسوم: العدد 983