"رايتس ووتش": قوانين الإمارات الجديدة تزيد من القمع

انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش''، قوانين إماراتية جديدة أقرت نهاية العام الماضي، باعتبار أنها تشرعن لمزيد من القمع.

وأوضحت المنظمة أن "التغييرات القانونية الواسعة التي أقرتها الإمارات أواخر 2021 لم تُعالج القيود طويلة الأمد والممنهجة على الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين والمقيمين. أبقت القوانين الجديدة على الأحكام السابقة وتتضمن أحكاما جديدة تُشكل تهديدات خطيرة لحقوق الإنسان الأساسية".

بحسب ما نقلت "وكالة أنباء الإمارات" الحكومية ("وام") في تشرين الثاني/ نوفمبر، تشمل التغييرات القانونية تعديلات في أكثر من 40 قانونا بما في ذلك قانون الجرائم والعقوبات وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ومكافحة المواد المخدرة، بهدف "تعزيز البيئة الاقتصادية والبنية الاستثمارية والتجارية في الدولة، بالإضافة الى دعم أمن واستقرار المجتمع، وحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات على حد سواء".

ولفتت المنظمة إلى أنه "مع أن التغييرات تسمح بتوسيع معتدل لمساحة الحريات الشخصية، إلا أن الإطار القانوني الجديد يُبقي على قيود صارمة على الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع".

وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "في حين أن الحكومة الإماراتية ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة قد أشادت بهذه التغييرات التشريعية الجديدة باعتبارها خطوة هائلة إلى الأمام نحو الحريات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها ستزيد من ترسيخ القمع الذي تفرضه الحكومة. اختارت حكومة الإمارات تبديد فرصة لتحسين الحريات في جميع المجالات، وبدلا من ذلك ضاعفت القمع".

أجرت "هيومن رايتس ووتش" تحليلا قانونيا شاملا لاثنين من القوانين الجديدة، وهما "قانون الجرائم والعقوبات" و"قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية"، لتحديد التغييرات التي تتعلق بالحق في حرية التعبير والتجمع. دخل كلا القانونين حيز التنفيذ في كانون الثاني/ يناير الماضي.

ما زالت القوانين بسحب المنظمة "تحظر انتقاد الحكام والخطاب الذي يُعتقد أنه يخلق أو يشجع على "تأليب الرأي العام أو إثارته"، ويفرض عقوبات صارمة على تهم غامضة التعريف. وأبقت على أحكام تجرّم القذف والسب في المحتوى اللفظي والمكتوب، سواء كان منشورا أو خلال حديث خاص. تجرّم الأحكام الجديدة المعلومات "الكاذبة" و"المضللة"، ومشاركة المعلومات مع المنظمات أو البلدان الأجنبية و"الإساءة إلى دولة الأجنبية". وما زالت الاحتجاجات والمظاهرات محظورة".

ولفتت إلى أنه "منذ 2011، تنفذ السلطات الإماراتية اعتداء مستمرا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، إذ اعتقلت ولاحقت قضائيا العديد من المحامين المستقلين والقضاة والمدرسين والطلاب والنشطاء، وأغلقت بشكل كامل جمعيات المجتمع المدني الرئيسية ومكاتب المنظمات الأجنبية وبالتالي قضت على أي مساحة للمعارضة".

وقالت إن السلطات الإماراتية "تجسست أيضا على الصحفيين والنشطاء الدوليين وحتى قادة العالم باستخدام برامج تجسس متطورة أنتجتها إسرائيل و"الاتحاد الأوروبي"، أو بمساعدة مسؤولي استخبارات أمريكيين سابقين. بعض أولئك الذين استهدفت المراقبة الحكومية اتصالاتهم وأجهزتهم هم من المقيمين في الإمارات، تعرضوا لاحقا للاعتقال والانتهاكات أثناء الاحتجاز. بينهم الناشط الحقوقي الإماراتي البارز أحمد منصور. حكمت محكمة إماراتية على منصور بالسجن 10 سنوات في أيار/ مايو 2018 بعد محاكمة جائرة للغاية، استندت جزئيا إلى رسائل البريد الإلكتروني الخاصة ومحادثات "واتساب".

وجدت "هيومن رايتس ووتش" أن الأحكام التعسفية في كل من قانون العقوبات الجديد وقانون الجرائم الإلكترونية تنتهك دستور الإمارات والمعايير الدولية.

وأضافت: "كفل الدستور الإماراتي حرية التعبير وحرية الصحافة. هذه الضمانات راسخة أيضا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ينص "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" على أن لكل إنسان الحق في حرية التعبير. يشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين". مع أن الإمارات ليست طرفا في العهد، إلا أنه يعتبر مرجعا موثوقا وتوجيهيا في ما يتعلق بالممارسات الدولية الفضلى، بحسب "هيومن رايتس".

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن على السلطات الإماراتية اتخاذ خطوات فورية لمواءمة قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية مع المعايير الدولية والإقليمية بشأن حرية التعبير والحريات الفردية. ولم تصادق الإمارات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تنص المادة 19 منه على الحق في حرية الرأي والتعبير. لكنها دولة طرف في الميثاق العربي لحقوق الإنسان. تضمن المادة 32 من الميثاق العربي الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير، وتكفل المادة 24 الحق في حرية الممارسة السياسية، والحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها، والحق في حرية الاجتماع والتجمع.

وعلق بَيْج: "لا يمكن للإمارات تسويق نفسها كدولة إصلاحية ومتسامحة بينما تُقر قوانين جديدة تزيد من مستويات القمع والرقابة المقلقة للغاية أصلا".

دخل القانون الاتحادي الجديد للجرائم والعقوبات الإماراتي 2021 حيز التنفيذ في كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو يبقي على العديد من الأحكام المسيئة في قانون العقوبات السابق ويضيف قيودا جديدة أو يزيد العقوبات على الأحكام الحالية. ويضم القانون الجديد 479 مادة تتعلق بالجرائم والجنايات وعقوباتها، وفي بعض الحالات كانت المواد بمثابة تراجع عن التعديلات التي أُدخلت في 2020 على قانون العقوبات الأقدم، والتي شهدت تخفيفا أكبر للقيود المفروضة على الحريات الفردية.

وسوم: العدد 985