دول غربية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن استنبات الكيان الصهيوني في فلسطين

محمد شركي
mohammed.said.chergui@gmail.com

دول غربية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن استنبات الكيان الصهيوني في فلسطين تتحدث عن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين وكأنها لم تكن موجودة من قبل

استخفافا بالرأي العام العالمي وبأسلوب فج أذاعت بعض الدول الغربية خصوصا تلك المسؤولة مسؤولية مباشرة عن توطين الصهاينة في أرض فلسطين قبل سبعين عاما خبر اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين ، وكأن هذه الأخيرة لم تكن موجودة من قبل ، ولا شهد التاريخ قديما وحديثا بوجودها.

وبهذا التصريح المثير للسخرية تعتقد إدارات تلك الدولة وهي واهمة أنه بإمكانها تضليل الرأي العام العالمي واستغفاله لطمس معالم جريمتها التاريخية المتمثلة في توطين الصهاينة بأرض فلسطين وفيها شعبها الذي كان تحت نير الاحتلال البريطاني ثم أصبح بعد ذلك تحت نير احتلال الكيان المستنبت فيها ، والذي لم يكن له وجود فيها من قبل إلا في أوهامه ، وتخاريفه، وأساطيره التلمودية .

 ومن العبث أن يشطب وطن له وجود حقيقي، وفيه شعب هو صاحب السيادة عليه بشهادة التاريخ قديما وحديثا من خريطة العالم ليصيرعن طريق قوة الاحتلال وطنا لشعب استنبت فيه بالقوة بعدما جلب إليه من كل أصقاع العالم حيث كان يعيش في شتات عبر التاريخ حتى سنحت له الفرصة في ظرف الاحتلال البريطاني البغيض لأرض فلسطين كي يحاول من جعل وهمه حقيقة وواقعا مفروضا ، وما كان ليستطيع ذلك إلا عن طريق هذا الاحتلال البغيض الذي وطنه فيها بالقوة .

ولقد كان من المفروض أخلاقيا قبل تسويق أنظمة غربية وعلى رأسها بريطانيا إعلاميا خبر اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين أن تعترف أولا بمسؤوليتها التاريخية عن توطين شعب بلا وطن في وطن له شعب كانت تحتل أرضه بالقوة.

ومن المؤسف والمحزن أن تتطلع بتلهف الأنظمة العربية والإسلامية وهي المسؤولة عقديا عن المقدسات في أرض فلسطين، وعن شعبها بموجب روابط الإسلام والعروبة التي تربطها به إلى طنز البلد المسؤول عن ضياع أرض فلسطين بالاعتراف بها كدولة ،وكأنها لم تكن كذلك يوم احتلها بالقوة ، ولا كانت موجودة قبل أن يحتلها .

ولا شك أن الرأي العالم العالمي خصوصا في بلاد الغرب قد استفاق أخيرا من غفلته ، ومن انخداعه الذي طال كثيرا بمقولة " معاداة السامية " التي اتخذها الكيان الصهيوني ذريعة للتمويه على احتلاله لأرض فلسطين وذلك بعدما عاين جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها في قطاع غزة بكل وحشية وهمجية ،الشيء الذي حمل بعض الأنظمة الغربية المحرجة أمام شعوبها التي تخرج في مسيرات مليونية منددة بدعمها للصهاينة المجرمين عسكريا وسياسيا على التسويق الإعلامي البخس لفكرة الاعتراف بدولة فلسطين ، وذلك من أجل امتصاص غضبها وهي التي لم تعد تخشى طابو " معاداة السامية "، ومنددة بالصمت الشيطاني المخزي على ما يرتكبه هذا الكيان المارق من فظائع في حق الشعب الفلسطيني الذي بات مهددا بالتهجير القسري من وطنه لإقامة وطن وهمي خرافي تلمودي .

وكرد فعل على وعي الرأي العام العالمي بمأساة الشعب الفلسطيني ومظلوميته وعدوانية ووحشية الكيان الصهيوني يحاول هذا الأخير معاودة ترويج مقولة " معاداة السامية " المتهافتة من جديد يائسا كل اليأس من تضليل هذا الرأي العام مرة أخرى .

وإن الشعب الفلسطيني الصامد بالرغم من تنكر القوى الغربية لحقه في الاستقلال ، وهي المتورطة مع الكيان الصهيوني في جرائم الإبادة الجماعية بأساليب في منتهى الفظاعة والوحشية لمصر شديد الإصرار على العيش فوق تراب وطنه المستقل ، وبالرغم من خذلان الأنظمة العربية والإسلامية له ، وبالرغم من انشغال باقي أنظمة العالم عن مأساته ، سيظل صامدا ومقاوما ومؤمنا بأن ما أخذ بالقوة إنما يسترجع بالقوة، وهو ما عبر عنه بواسطة حدث طوفان الأقصى التاريخي الذي له ما بعده ، ومؤمنا بأنه ما ضاع حق وراءه طالب ، وأنه لا يصح إلا الصحيح ، و أنه لا يمكن أبدا أن يكون وطنا خرافيا وهميا تلموديا بديلا عن وطن موجود حقيقة ، وأنه لا ينتظر اعترافا بوجوده من دول كانت سببا مباشرا في استنبات كيان سرطاني دخيل فوق تراب وطنه

وإن حجم التضحية التي قدمها هذا الشعب الفلسطيني البطل، ولا زال يقدمها هي أكبر دليل على قوة عزيمته ، وقوة تشبثه القوي بحقه الذي لا يقبل مساومة مهما كانت الظروف .ولقد ثبت تاريخيا عبر العصور أن منطق القوة لا يمكن أبدا أن يصمد أمام منطق الشرعية . وإن فجر الحرية في فلسطين قد أوشك على الطلوع إن شاء الله تعالى إن لم يكن قد طلع بالفعل ، يؤمن بذلك المؤمنون الإيمان الراسخ بوعده الناجز سبحانه في محكم تنزيله.

وسوم: العدد 1130