معركةُ الفوج 35: عندما يَحضُرُ القادة

معركةُ الفوج 35: عندما يَحضُرُ القادة

محمد عبد الرازق

يرى الخبراء فيها معركةً فاصلةً في تاريخ الجيش الحر، الحافل بالمآثر و المفاخر؛ في مسعاه لإسقاط نظام الأسد.

هذه المعركة التي شهدها ريف جسر الشغور في محافظة إدلب، منطقة (الزَّعَيْنِيَّة ) حيث يتمركز الفوج (35) قوات خاصة، و ينتشر في عموم المنطقة، و يتبع له عدد من الحواجز، هي:

1ـ حاجز أوبين.

2ـ حاجز بداما.

 3ـ حاجز الجمعية.

4ـ حاجز الغسانية.

5ـ حاجز مفرق الشِّغر.

6ـ حاجز اليعقوبية.

7ـ حاجز البشيرية.

8ـ حاجز خربة الجوز.

لقد حققت فيها كتائب الجيش الحر نجاحًا عسكريًّا سيسفر لاحقًا عن إكمال السيطرة على حدود سورية الشمالية مع تركيا، بعد أن بدأت المعارك تزحف من إدلب وجسر الشغور باتجاه شمال اللاذقية.

لقد كانت هذه المعركة بهذا الوصف لعدة أسباب، من أهمها:

1ـ الحضور الميداني لقيادة الجيش الحر، المتمثلة بشخص العقيد ( رياض الأسعد )، الذي كان له أيضًا فضل الإشراف على مراحل التخطيط منذُ بدأ التفكير بتحرير منطقة ( غرب إدلب ).

2ـ التخطيط الشامل و الدقيق، الذي سبقها من قبل قيادة الجيش الحر ( في الخارج، و الميدان ).

3ـ التنفيذ، و الأداء الممتازين لعدد من كتائب الجيش الحر من ثوار منطقة ( غرب إدلب ).

4ـ التواصل مع كتائب المجلس العسكري الأخرى في منطقة الساحل، الذين شكَّلوا مع رفاقهم في منطقة ( غرب إدلب ) جبهة متصلة يصعب على النظام مجابهتها في وقت واحد، تمتد من مشارف ( جسر الشغور حتى جبلي: التركمان، و الأكراد ).

5ـ النتائج الكبيرة التي تحققت من جرائها؛ حيث انهارت قوات النظام بشكل كامل في تلك المنطقة، و امتدّ أثرها إلى جبهة الساحل في جبلي ( التركمان، و الأكراد ).

6ـ الكمّ الهائل من الغنائم، التي وضع الجيش الحر يده عليها، و من مختلف صنوف الأسلحة.

7ـ أسلوب التعامل مع العدد الكبير من الأسرى، الذين استسلموا للجيش الحر، في سابقة هي الأولى من نوعها على المستوى الميداني، حيث تمَّ التعامل معهم وفق ضوابط الشرع الحنيف، و اتفاقيات ( جنيف للأسرى )؛ فتولَّت التحقيق معهم، و البت في الأحكام الصادرة بحقهم لجنةٌ شرعية منبثقة عن علماء الثورة، و قيادة الجيش الحر؛ الأمر الذي لاقى ترحيبًا من الأسرى أولاً، ثم من منظمات حقوق الإنسان ثانيًّا. و هو ما لم يعده المتابعون في كثير من الثورات من قبل. و جرى إطلاق سراح عدد كبير منهم ممّن لم يثبت تورطهم في قتل أبناء الشعب السوري بمرافقة عدد من وسائل الإعلام المعروفة مثل: (الجزيرة، و العربية، و سكاي نيوز )، و كان من المفترض أن يتمّ تسليمهم إلى طرف ثالث ( الجانب التركي ) يتولّى ترحيلهم؛ غير أن ذلك لم يحصل بشكل مباشر.

·        مرحلة التخطيط:

بدأ التخطيط لضرب، و تحرير هذا الفوج منذُ مدة، و بإشراف مباشر من قيادة الجيش الحر، المتمثلة بالعقيد ( رياض الأسعد: القائد العام للجيش الحر )، الذي تابع مراحل التخطيط، و التنفيذ ساعة بساعة، و خطوة بخطوة؛ فلقد حضر إلى أرض المعركة قبل أيام من انطلاقتها، و وقف على الجهوزية الكاملة للكتائب التي ستتولّى التنفيذ، و عاينَ مسرح العمليات، و وضع اللمسات النهائية للخطة، و أعطى إشارة البدء.

و كان برفقته ( العميد أحمد رحَّال: رئيس المجلس العسكري في منطقة الساحل)، الذي حضر مستشارًا للعقيد ( رياض الأسعد )، وليتابع سير العملية؛ استعدادًا للمؤازرة من قبل كتائب الساحل حينما يتمّ الانتقال إلى الخطة ( ب )، القاضية بمتابعة الزحف باتجاه ( رأس البسيط ) على الساحل؛ من أجل إيجاد منفذ بحري هناك، سيطوّر لاحقًا ليكون قاعدة بحرية للجيش الحر في الساحل السوري. و هو الأمر الذي لم يكتمل بسبب اجتهاد بعض ضباط الجيش الحر في منطقة المعرة بفتح جبهة ( وادي الضيف )؛ ممَّا نتج عنه تشتتٌ في الجهود، و حال ذلك دون الانتقال إلى الخطة ( ب ) الآنفة الذكر. 

و كان إلى جانبه خيرةٌ من ضباط الجيش الحر، المتواجدين في الميدان، الذين كانوا يقودون الكتائب المهاجمة بأنفسهم، و منهم:

ـ المقدم مازن بكور.

ـ المقدم أحمد حمادو.

ـ الملازم أول تيسير يونسو.

ـ الملازم أول أبو رحَّال ( شهرته غالبة على اسمه ).

·        بدء المعركة:

لقد المعركة بضرب حاجز ( أُوْبِين ) على الخط الفاصل بين محافظتي ( إدلب )، و ( اللاذقية )، الذي يوصف بأنه القوة الضاربة للفوج ( 35 )، لقد سقط بعد هجوم مباغت لعدة كتائب، و بانهياره انهار الفوج بأكمله.

ثم انتقلت المعركة إلى حاجز ( الكازية: محطة البترول )، الذي كان يسيطر على بلدة ( بداما )، و هو واحد من أقوى الحواجز في المنطقة، لقد قام الثوار بحصاره بعد سقوط حاجز (أُوْبِين )؛ فوقع في أيديهم بعد أقل من يومين، لقد هرب ضباطُه بشكل لافت للنظر؛ فتركوا وراءهم كل شيء. حتى سياراتهم، و أسلحتهم، و أمتعتهم الشخصية.

ثم يأتي حاجز ( الزَّعَيْنِيَّة )، الذي يضمّ قيادة الفوج، و فيه تجمع فيه عشرات الضباط، مع مئات الجنود من مختلف القرى، و الحواجز المتواجدين في المنطقة؛ و بالقضاء عليه حسمت الأمور بشكل نهائي، لقد ولَّت قيادة الفوج هاربة، تاركةً وراءها عناصر الفوج بلا حماية، أو آليات تمكنهم من الهروب؛ ممَّا جعلهم يستسلمون بالمئات لكتائب الجيش الحر، و معهم أعتدتهم ( الثقيلة، و الخفيفة ).

فسيطرَ بعدها الجيش الحر على مساحات واسعة في فترة قياسية. فخلال أسبوع واحد قامت كتائب الجيش الحر بتحرير مساحة تقدر بـ ( 180كم2 )؛ و بذلك أصبحت سيطرة الجيش الحر تمتد لتصل إلى مشارف مدينة ( جسر الشُّغور ).

إنها تطوراتٌ متسارعة في فترة زمنية قياسية قصيرة في معركة يقودها الجيش الحر في عموم ريف إدلب الغربي، بمشاركة عدة كتائب له، من بينها: لواء شهيد رياض عابدين، و كتيبة عز الدين القسام (من ثوار جبلة )، و بعض كتائب الجبل.

·        نتيجة المعركة:

قامت هذه الكتائب بالقضاء على هذا الفوج بالكامل، و قوامه بحدود (1200 ) عسكري، ذهب جميعهم بين: قتيل، و أسير. هذا و قد بلغ عدد الأسرى (500 ) عسكري. و فيه عدد كبير من المدرعات العسكرية، منها: (10 ) بي إم بي، و ( 12 ) دبابة، و شيلكا، و مدافع متنوعة، و أسلحة متوسطة، و ثقيلة أخرى، وقد تم تدمير معظمها، و اغتنام عدد آخر منها من بين جملة من الغنائم التي صارت إلى حوزة الجيش الحر، و منها:

ـ دبابة t 72.

ـ شيلكا.

ـ عدد 2 بي إم بي.

ـ بيكاب مدعم برشاش دوشكا.

ـ 6 مدافع هوان عيار: 120.

ـ مئات قذائف الهاون المختلفة.

ـ رشاشات دوشكا عيار: 12.5 و 14.5.

ـ المئات من البنادق الروسية و الرشاشات.

ـ عشرات من صناديق الذخيرة.

ـ عشرات من رشاشات نوع : بي كي سي.

ـ عشرات من قذائف آر بي جي.

ـ مئات من حشوات آر بي جي.

ـ دروع واقية ضد الرصاص.

ـ قواذف لهب.

ـ معدات عسكرية أخرى مختلفة.

ستبقى هذه المعركة حاضرة في أذهان مقاتلي الجيش الحر، إلى جانب معارك أخرى شهدتها محافظة ( إدلب ) في طريق التحرر من قبضة كتائب الأسد؛ فبعدها تغيَّرت المعادلة لصالحهم في هذه المنطقة.

 و سيذكرها كذلك أبناء ريف ( إدلب الغربي ) على أنها المعركة التي أزاحت عنهم كابوسًا ثقيلاً كان يجثم على صدرهم على مدى عامين، أذاقتهم فيها كتائب الأسد، و شبيحته مرَّ العذاب.

لقد كان بوسع هذه المعركة أن تكون حديث المُعلقين العسكريين على القنوات الفضائية؛ غير أن انشغال الناس بمتابعة ما يجري على أرض مدينة ( حلب ) قد فوَّت عليها الفرصة، و يبدو أن هذا هو قدر محافظة ( إدلب ) أن تكون منسية في ظل نظام الأسد ( قائمًا، و زائلاً ).