النظام السوري والكتب المقدسة

وبأي منها تحسن مخاطبته؟

طريف يوسف آغا

[email protected]

في ضوء الأحداث الدرامية التي وقعت اليوم الأربعاء 18 تموز 2012، الموافق 28 شعبان 1433، وهو اليوم الرابع منذ اندلاع معركة بركان دمشق، وفي ضوء سقوط القتلى بالجملة من رموز النظام قاتل شعبه الذين رحلهم الجيش الحر إلى الآخرة، فقد رأيت أن أذكر من بقي من فلول هذا النظام ماذا ينتظر أمثالهم في الآخرة حسب نصوص الكتب المقدسة. فلعل تذكيرهم بأقوال هذه الكتب عن نهاية ومصير الطغاة والدجالين والمتجبرينتجعلهم يستسلمون ويتوقفون عن سفكهم لدماء الشعب اليوم قبل الغد.

 رأيت أن أبدأ هذا التذكير من القرآن الكريم بما قاله تعالى في سورة الفجر (6-14):

(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ 6، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ 7، الَّتي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا في البِلاَدِ 8، وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَخْرَ بِالْوَادِ 9، وفِرْعَوْنَ ذي الأَوْتَادِ 10، الَّذِينَ طَغَوْا في البِلاَدِ 11، فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الْفَسَادَ 12، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ 13، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ 14)

طبعاً المقصد من هذه الآية الكريمة في غاية الوضوح، وهي تذكر الحاكم الذي يتفرعن ويمارس طغيانه على البشر كيف ستكون نهايته. ولكني تذكرت هنا أن أتباع النظام السوري ربما لن يصدقوا ماجاء في هذه الآية، فهم لايعترفون أصلاً برب سوى حاكمهم ويسجدون على صوره علناً، كما ويكتبون على جدران الشوارع عبارات الكفر والالحاد ويفتخرون بها. وحين يتوسل الناس لجنودهم باسم الله طالبين الرحمة، يسألونهم (أي إله تقصدون: إلهكم أم إلهنا؟). وبالتالي فهذا نظام لايؤمن بما جاء في القرآن الكريم، وجنوده يحرقونه كلما وقعت أيديهم عليه. أما فيما يخص مجموعة أشباه رجال الدين الاسلامي التي تسير معه وتدعمه، فأقل مايقال فيها هو المثل الشائع (الطيور على أشكالها تقع).

 لذلك رأيت أن أبحث في كتاب مقدس آخر، لعلني أجد فيه مايقنع هذا النظام أن مايقوم به هو جريمة غير مقبولة في كافة الأديان، ففتحت إنجيل متى ووجدت هذه الموعظة (7: 15-16)

(15 احذَروا الأنبِياءَ الدَجَّالينَ الَّذينَ يَأَتونَ إلَيْكمْ لابِسِينَ ثِيَابَ الحُمْلانِ، ولَكِنَّهُمْ مِنَ الدَاخِلِ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ!16 مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعرِفونَهُمْ. هَلْ يُجْنَى مِنَ الشَوْكِ عِنَبٌ، أوْ مِنَ العُلِيقِ تِينٌ؟)

فواضح هنا أيضاً أن السيد المسيح (ع) فضح الدجالين الذين يقولون مالايفعلون، والذين تبدو كلماتهم حسنة للسامعين، ولكنهم مدفوعون بحب المال والجاه وأيضاً حب ذواتهم. وإذا نظرنا إلى تاريخ النظام السوري منذ استلم الحكم حتى اليوم لأحصينا المصائب التي جلبها على شعبنا والثروات الخيالية التي سرقها منه هو ورجالاته، وللاحظنا كم هو حقاً أشبه بالأشواك التي ماخلفت سوى الجراح والألم لهذا الشعب الحضاري، ولفهمنا بالنتيجة معنى الكلام أعلاه. ولكني تذكرت هنا للمرة الثانية أن هذا النظام، وكما أنه لايعترف بتعاليم الاسلام ولابكتابه، فهو أيضاً لايقيم وزناً لتعاليم المسيحية السمحة ولالكتابها. والدليل على ذلك أنه يقصف الكنائس ويطارد رجال الدين الشرفاء من أمثال الأب باولو دالوليو، بينما يتستر خلف دجاليهم الذين يدافعون عنه ويطبلون ويزمرون له في وسائل إعلامه الكاذبة.

 عند ذلك قررت الانتقال إلى الكتاب المقدس الثالث والأخير، وهو التوراة، حيث رأيت أن النظام السوري لابد سيصغي لتعاليمه. والدليل على ذلك أن الطائرات الحربية الاسرائيلية هي الطائرات الحربية الأجنبية الوحيدة التي يسمح لها بالتحليق فوق سمائنا (وحتى فوق قصر الرئاسة) دون إذن مسبق، كما ويسمح لها بقصف أي هدف يعجبها أو لايعجبها مع اكتفاء النظام بالاحتفاظ بحق الرد. ولذلك فقد فتحت التوراة ووجدت هذا السفر الذي يبدو وكأنه فُصِّلَ ليناسب قياس النظام السوري وأمثاله. يقول صفنيا في سفره الأول المسمى باسمه (1: 14)

(14 إِنَّ يَومَ الرَبِّ العَظيمِ قَريبٌ، وَشيكٌ وسَريعٌ جِداً. دَوِيُّ يَوْمِ الرَبِّ مُخيفٌ، فِيهِ يَصْرَخُ الجَبَّارُ مُرتَعِباً)

وواضح هنا أن حساباً عسيراً ومخيفاً ينتظر المتجبر على الناس يوم القيامة، هذا بالإضافة لنصيبه من العقاب في الدنيا أيضاً على يد من ظلمهم ونكل بهم وتجبر عليهم.

وهكذا نرى أن النظام السوري مذنب في كافة الديانات السماوية وحسابه واحد في كافة الكتب المقدسة، وماعليه إلا أن يختار بأي شريعة يريد أن يحاسب ويعاقب. ولاغرابة في ذلك فاله محمد وعيسى وموسى (ع) وبقية الرسل واحد وإن اختلفت أسمائه عند أتباعهم، والبشر هم خلق الله، ولابد وأن ينتصر الله لهم حين يأتي الوقت. ومختصر القول هنا أن الخالق يُمْهِلُ ولايُهْمِلْ.