مخرجان للنظام السوري

مخرجان للنظام السوري

بلال داود

[email protected]

مخرجان للنظام السوري من أزمة السقوط أولهما القضاء على هذه الثورة العظيمة، أما الثاني فهو تصدير الأزمة إلى الخارج.

المخرجان يمران من طريق واحدة وهي القتل والاعتقال والتعذيب والاغتصاب والتهجير وزيادة القتل ووالاعتقال والتعذيب والاغتصاب والتهجيرفإما أن تخمد الثورة تحت مطرقته وإما أن تنفجر الحرب الأهلية بحسب قانون الفعل ورد الفعل

المخرج الأول أقرب إلى حلم ابليس في الجنة، فالشعب السوري وصل إلى القناعة المطلقة أنه يفضل الموت على المذلة على نحو ماقال الشاعر يوما : فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا، وردد الشعب السوري من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب قانونا جديدا للحياة من كلمتين اثنتين : الموت ولا المذلة، ولا تتوقف عبقرية شعبنا البطل عند هذا الحد، بل تستمر في الابداع بالمقولة :إذا كان السير إلى الأمام شهادة فإن التراجع إلى الوراء انتحار.

المخرج الثاني، مجهول مكانه بعد ولكنه في الطريق إذا لم تظهر بوادر خطة دولية لإسقاط النظام بسرعة كبيرة، وقد يكون اليوم مناسبا لهذا التصرف وغدا سيكون قد فات الأوان، لأن النظام بزيادة إجرامه، إن لم يقتل الثورة ويخمدها، فإنه سيولد من جرائمه رد فعل قد يكون مساويا أو أكبر في الحجم، فتندلع حرب أهلية محلية في مناطق العنف الشديد، ولن تستمر طويلا قبل أن تتحول إلى حرب طائفية مقيتة، ثم تنتقل بدورها إلى دول الجوار الجاهزة.

المجازر التي تتكرر يوميا وخصوصا في الآونة الأخيرة هي لتحقيق نفس الهدف، فقبل اسبوعين تقريبا كانت مجزرة الحولة، التي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد نصفهم من الأطفال، كانت بقصد دفع المتبقي من أهل الحولة إلى رد فعل أكبر وأشد، غير أن أهل المنطقة فوتوا عليه الفرصة، فعاد لتكرار هذه المجزرة في ريف حماة قبل ايام، بنفس الصيغة ونفس البشاعة، على أمل ان يحرك أهل حماة للأخذ بالثأر بطريقة طائفية مقيتة، ولكن فأله خاب أيضا هذه المرة، واليوم يعيد انتاج المجزرة في درعا ويحشد شياطينه حول الحفة لنفس الأغراض، وحتى الآن يصر هذا الشعب العظيم على تفويت الفرصة التي يحلم بها النظام، فشعبنا الذي احتوى الأقليات المنوعة حوالي ألف واربعمائة عام، لن يتحول إلى غول على طريقة الأسد يلتهم من حماهم كل تلك المدة ،بسبب طغيان قسم منهم.

دول العالم تماطل في اتخاذ خطوة جادة لإيقاف نزيف الشعب السوري بحجج أوهى من خيوط العنكبوت، مع أنها تصرخ ليلا نهارا أن المنطقة على شفير حرب أهلية طائفية لا تبقي ولا تذر

إذا استمر إصرار النظام على الدفع باتجاه التأجيــــج الطائــفي وتنفيذ المجازر بالصورة الطائفية البغيضة، فإن حلم النظام الثاني سيتحقق بكل تأكيد، وتنفلت الأمور من عقالها وتنتقل خطوة باتجاه الحرب الأهلية، التي لن تستمر إلا أياما أو ساعات قبل أن تتحول إلى حرب طائفية

انتقال الحرب الطائفية من الحدود الداخلية إلى دول الجوار الجاهزة لذلك، يعني الانتقال إلى حرب اقليمية ولأنها ليست متعلقة بنزاع حدودي على مساحة من الأرض وليست خصومة اقتصادية على آبار نفط، بل هي ذات لون طائفي، فإن الاشتعال قابل للاستمرار في التهام ما أمامه إلى أقصى مدى تصل إليه البشرية في تنوعها الطائفي، وخصوصا بين السنة والشيعة.

ولا أستغرب إن وصفت الحرب القادمة بالعالمية، فمن المتوقع وبمجرد أن تنتقل إلى لبنان والعراق الجاهزتين للاشتعال من غير صاعق، فإنها ستمتد إلى تركيا بشكل أبطأ ولكنها ستصل بالتأكيد، لأننا لو طوينا الخارطة الجغرافية لسوريا وتركيا على طول الحدود السورية التركية الممتدة حوالي 800 كم، لوجدنا تطابقا شبه كامل للمكونات البشرية شمال خط الحدود وجنوبه، ففي الشرق والوسط أكراد في الجهتين بشكل متداخل مع العرب السنة، وفي الغرب وحدود لواء اسكندرون أيضا تداخل بشري بين السنة والعلويين على جانبي الحدود وكذلك العرب والأتراك والتركمان مما يعني في المحصلة أن تركيا مهيئة للدخول في المعمعة وإن كان ذلك بشكل أبطأ من غيرها، بسبب قوة الدولة وجيشها وسيطرتها على المنطقة الحدودية.

هذا الانفلات من داخل الحدود إلى خارجها سينتقل إلى كامل دول المنطقة لأنها طائفية كما ذكرت ذلك آنفا، وبالتالي ليست متعلقة بالدول وإنما تتعلق بالشعوب التي ستشارك سواء رضيت حكوماتهم أم لم ترض، فالمبرر الديني موجود وقوي لدى كل الأطراف، ومن ناحية ثانية فالدول المعنية وهي هنا على سبيل التوضيح، دول الخليج العربي من جهة وإيران من الجهة الثانية لا تحـــتاج إلى شحن أكثر مما هو حاصل، والعداء سافر بين الشاطئين على كل حال، ولا ننسى المشروع الايراني القائم على تصدير الثورة ،و رأس الحربة بالنسبة له هي سوريا، لذلك لم تنتظر إيران وصول الشرر إليها لتشارك والحقيقة المعروفة اليوم أنها تساند النظام السوري وترسل إليه الأسلحة والأموال والدعم الفني وكذلك خبراء القمع وتكنولوجيا التلصص على أجهزة الهاتف والكومبيوترات.

عود على بدء ففي الحديث عن المخرج الأول قلنا أنه أقرب إلى المستحيل أما الثاني فهو قاب قوسين أو أدنى، مالم تتخذ دول العالم اليوم وهذه الساعة قرارا حكيما سريعا قويا لإسقاط النظام واستبداله بآخر مدني ديمقراطي تعددي يرضي الشعب السوري ويحافظ على مكوناته المتعددة، فإن دول العالم قاطبة ستكون مسؤولة عن حرب أطول عمرا من داحس والغبراء ولا أحد غير الله يعلم مداها الجغرافي.

ولكني في النهاية أتساءل ألا يعرف العالم هذا ؟ أجزم أنه يعرف وهو يكرر كل يوم هذه المقولة على لسان إحدى شخصياته الكبيرة.. ولكن لماذا؟!