الشبيحة: داخل فرق الموت التابعة للأسد

الشبيحة: داخل فرق الموت التابعة للأسد

هاريت ألكسندر

دايلي تيليغراف

لقد كان باب عيادة الدكتور مصعب عزاوي على شاطئ المتوسط في سوريا مفتوحا دائما لأي شخص بحاجة إلى المساعدة. و لكن, و بسبب العمل في قلب أرض الشبيحة, فإن هناك بعضا من المرضى لا يحب هذا  الطبيب مداواتهم.

يقول الدكتور العزاوي الذي يعمل في اللاذقية "لقد كانوا كالوحوش, لديهم عضلات مفتولة و بطونا ضخمة و لحى طويلة. و قد كانوا فارعي الطول و مرعبين, وقد أخذوا منشطات لإمداد أجسادهم بالطاقة".

"لقد كان يتوجب علي الحديث معهم كالأطفال, بسبب أن الشبيحة يحبون الأشخاص قليلي الذكاء. و لكن هذا ما يجعلهم مرعبين, التركيبة ما بين القوة الغاشمة و الولاء الأعمى للنظام".

مع استمرار انحدار بلاد الرئيس بشار الأسد نحو الحرب الأهلية الشاملة, فإن العنف و الظلام و العالم الطائفي للشبيحة بدأ بالظهور إلى العلن.

قبل 9 أيام, 108 أشخاص ذبحوا على يد الشبيحة في مدينة الحولة. لقد دخلت عصابات الأسد البلدة, بيتا بيتا و قاموا بذبح كل من كان في وجههم من ضمنهم 49 طفلا. وقبل أسبوع تماما, قام الشبيحة بإنزال 12 عاملا من الحافلة في مدينة القصير, التي تقع على بعد 40 ميل إلى الجنوب, و قاموا بربط أيديهم خلف ظهورهم ومن ثم أطلقوا النار على رؤوسهم.

"إنه ابني, إنه ابني" صرخ أحد الرجال كبار السن بعد أن شاهد الفيديو على اليوتيوب, و قد كان الشاب يرتدي قميصا أزرقا و جثته ملقاة على وجهها و مغطاة بالدم.

إن العالم الآن يتعلم كم هم الشبيحة متعطشون للدماء. و لكن داخل سوريا, فإنهم معروفون بوحشيتهم منذ وقت طويل. 

تقول سلمى, و التي تنحدر من عائلة علوية معروفة و هي الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد و التي ينتمي إليها معظم الشبيحة أيضا "حتى قبل الثورة, و في أي وقت كان هناك فوضى عندما يخرجون إلى الشارع". إن أبناء عمومتها ينتمون إلى الشبيحة.

و تضيف "من الممكن أن يكسروا أيادي الناس وأرجلهم. كما أنهم قد يقاتلوا من أجل بشار حتى النهاية. و هذا أمر طبيعي, إن عليهم أن يدافعوا عن طائفتهم".

إن أبناء عمومتها يرتدون ملابس مدنية, كما توضح " و من ثم فإن بإمكان التلفاز أن يقول أن هؤلاء هم مجرد مدنيين يحبون بشار". 

في الواقع, أحد الناجين من مذبحة الحولة قال بأنه كان يعرف أنهم الشبيحة و ليس الجيش,لأن الرجال كانوا يرتدون أحذية رياضية بيضاء بدلا من الأحذية العسكرية السوداء. لقد تحولت الأحذية الرياضية البيضاء إلى علامة مرعبة بالنسبة لشعب سوريا الذي يخشى الشبيحة عديمي الرحمة و الخارجون على القانون  لربما أكثر من الجيش.

إن وتيرة عمليات القتل في كلا الجانبين آخذة في الارتفاع, و ذلك مع قيام كل من المتمردين و القوات الموالية للحكومة باتهام كل منهم للآخر بشن الهجمات. و لكن الشبيحة هم من يثيرون الرعب الأكبر.

إن كلا من الرئيس الأسد و من قبله  والده حافظ الأسد  استخدموا الشبيحة من أجل بث الرعب في السوريين من أجل إجبارهم على الطاعة , و قاموا بغسل دماغ هذه الميليشيا ليعتقدوا أن الغالبية السنية هي عدوهم.

إن العلويين يشكلون ما نسبته 12% من سكان سوريا, و قد تعرضوا تاريخيا للاضطهاد من قبل السنة؛ حيث أنهم يعيشون في مناطق فقيرة في المناطق الجبلية الفقيرة حول حمص و في مدينة اللاذقية الساحلية.

إن العلويين و الذين انشقوا عن الطائفة الشيعية في القرن التاسع يعتقدون أن الصلاة غير ضرورية و هم لا يصومون و لا يحجون. كما أن العديد من شعائر دينهم سرية, إضافة إلى الغموض الذي يلفهم, و يقول بعض العلماء أن العلويين قد أضافوا بعضا من عناصر المسيحية إلى معتقداتهم. و السنة يرون أن العلويين مرتدون.

بعد سقوط الدولة العثمانية, كان حكام سوريا من الفرنسيين بحاجة إلى جنود قادرين على حماية النظام من الانتفاضة السنية, و لهذا فقد ضموا أعدادا كبيرة من العلويين إلى الجيش, الذين كانوا سعداء لمحاربة مضطهديهم من السنة.

لقد أصبحوا الطائفة الأكثر قوة سياسيا في سوريا, و أصبحوا يشكلون الغالبية العظمى من ضباط المخابرات و الرتب العليا في الجيش. و شكلوا الجيش الذي استخدمه حافظ الأسد من اجل تنفيذ انقلابه.

في البداية كان الشبيحة عبارة عن عائلة من المافيا, يحصلون على النقود عن طريق الابتزاز. سلمى العلوية التي ينتمي أقاربها إلى الشبيحة قالت بأن أبناء عمومتها "أغنياء فاحشين" من خلال تهريب الديزل و الحليب و الأدوات الإلكترونية. و تضيف "أي شئ أرخص في سوريا يهرب إلى لبنان, و أي شئ هناك  حاجة إليه في سوريا يحضرونه من لبنان".

لقد غضت عائلة الأسد الحاكمة الطرف عن أفعالهم الإجرامية و أساليبهم العنيفة. في المقابل, أصبح الشبيحة المدافعون الأكثر موالاة عن عائلة الأسد.

يقول الدكتور عزاوي :"إنهم يؤمنون تماما بأنهم يقاتلون من أجل البقاء, لقد أخبرهم الأسد أن عليهم أن يدافعوا عن الحكومة أو أنهم سوف يدمرون؛ إن الأمر يتمثل في أن تقتل أو تُقتِل".

الدكتور العزاوي الذي يدير حاليا الشبكة السورية لحقوق الإنسان في لندن عرض للتيليغراف مقطع فيديو لشبيحة يقومون بالعمل.

رجل ضخم, يعرف على أن اسمه عرين الأسد – عضوا من عائلة الأسد الرئاسية – يبتسم ابتسامة عريضة و هو يحمل رشاشه و يظهر من خلف مقود سيارته مستعرضا عضلاته. حيث يظهر على ذراعه وشم لصورة الرئيس.

في نهاية المقطع, يصيح الشبيحة المسلحون "يا بشار لا تهتم عندك رجال بتشرب دم".

يقول الدكتور العزاوي "هذا هو شعارهم", و الذي أضاف أن العديد من هؤلاء الرجال قد تم تجنيدهم من أندية كمال الأجسام و تم تشجيعهم على أخذ منشطات. "إنهم يعاملون كالحيوانات, ويتلاعب بهم من قبل رؤسائهم من أجل القيام بعمليات القتل. إنهم أشخاص لا يمكن وقفهم".

و قد أخبر حمزة البويضة و هو ناشط سني من مدينة القصير الصانداي تليغراف كيف أنه شاهد برعب كيف أن صديق طفولته قد اجتذب من قبل الشبيحة".

"حتى عندما كنا في الجامعة كان ينظر إلى بشار على أنه مثل الإله". ولم يكن يسمح لأي شخص بأن يتكلم أي شئ عنه.

يضيف "هناك شئ ما في دينهم يحركهم بهذه الطريقة. كما أن إعلام الدولة يرعبهم بأن الإرهابيين سوف يقتلونهم إذا سقط بشار".

"لقد قام الجيش بتسليم سلاح لصديقي, و قد بدأ باستخدامه في إطلاق النار على الناس في المظاهرات. و قد أعطته قوات الأمن هوية خاصة".

إن هذه الميليشيات تعمل بتفان أعمى لقادتهم, و الذين يشار إليهم بكلمة " المعلم" أو " الخال". و في الواقع, فإنه و من نواح كثيرة عمل عائلي.

ابن عم الرئيس الأسد نمير يعتبر من أحد أهم قادة الشبيحة, على الرغم من أن الحكومة تحرص على أن تنأى بنفسها بشكل مباشر عن الميليشيا و أعمال القتل التي يمارسونها.

إن طريقة الدفع لهؤلاء الرجال غير معروفة, على الرغم من أن هناك الكثير من الأشخاص يدعون أن تمويل الشبيحة يأتي من قبل رجال الأعمال المرتبطين بالزمرة العلوية التي تسيطر على الحكومة.

ما هو معروف هو أن لدى الشبيحة دوافع قوية لدعم النظام. إن الجنود المشاة يمكن أن يحصلوا على ما يقرب من 120 جنيه إسترليني عن البلطجة التي يمارسونها في اليوم, و هو ما يعتبر ثروة في سوريا.

لقد قام النظام و لمدة طويلة بدعم العلويين اقتصاديا: في الثمانينات قام حافظ الأسد ببناء منازل في منطقة المزة للعمال العلويين الفقراء الذين انتقلوا للعاصمة. و عندما بدأت الانتفاضة في مارس 2011, قام السكان برد الجميل للنظام من خلال القمع العنيف لأي بادرة للثورة.

إضافة إلى الكراهية الطائفية و الدوافع الاقتصادية, فإن لدى الشبيحة سبب آخر يدفعهم للحرص على بقاء نظام الأسد في السلطة.

يقول الأستاذ جوشوا لانديز و هو مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما "يتم الربط في أذهان معظم السوريين بأن العلويين يشعرون بأنهم سيتعرضون للعقاب في حال سقوط الحكومة".

" و قد يكون هذا الخوف دقيقا إلى حد ما.إن العلويين سوف يواجهون أمورا سيئة إذا أجبر الأسد على الرحيل".

في الواقع, فإن التأكيد على أن العلويين الذين يبلغ تعدادهم 2.1 مليون نسمة في سوريا لن يستهدفوا في سوريا ما بعد الأسد هو أحد الهداف الرئيسة للمعارضة, إضافة إلى تشجيع العلويين العاديين للانشقاق.

من بين المعارضين ال 239 في الشبكة السورية لحقوق الإنسان هناك 19 علويا فقط. و من بين أعضاء المجلس الوطني ال 311 فإن هناك 5 إلى 10 أعضاء من العلويين.

أحد أهم الأعضاء العلويين في المجلس هو منذر ماخوس.

و قد أخبر الصانداي تيليغراف أن " العلويين يدعمون الأسد بسبب أنه تم إخبارهم أنه يقوم بحمايتهم, و هم يخشون جدا مما يمكن أن يحدث إذا رحل. و لكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك عمليات انتقام ضدهم. الشعب السوري يريد السلام".

و يضيف "إن جذب مزيدا من العلويين يشكل تحديا بالنسبة للمجلس الوطني السوري. إن الشبيحة يقومون بقتلهم أيضا إذا حاولوا الانشقاق. و لكننا نريدهم إلى صفنا".

علويون آخرون يتفقون على أن مزيدا من العمل يجب أن يتم من أجل تشجيع انشقاقهم.

يقول عباد خليل و هو علوي يقيم في تكساس ومن منظمة المغتربين السوريين أن هناك العديد من الراغبين في التخلي عن الرئيس.

و يضيف "لقد عين الأسد نفسه حاميا للطائفة, و لكن ليس صحيحا أبدا أن العلويين يدعمونه, إن الأسد استهدف العلويين أيضا".

"إنهم يشاركون في المظاهرات, و لكنهم أكثر خوفا من الانقلاب عليه".

و لكن هل الأسباب الاقتصادية و الكراهية الطائفية و الخوف من المستقبل أمور تكفي حقا لدفع شخص لكي يقوم بجز عنق طفل ؟ تفكر سلمى.

و تقول "إذا كانوا يعلمون بأن المنطقة كاملة ضد النظام فليس لديهم أي مشكلة في قتل أي شخص, هكذا تجري الأمور".