عواقب شيطنة الإخوان!!

عواقب شيطنة الإخوان!!

حسام مقلد *

[email protected]

تشن الآن كافة وسائل الإعلام حملة شعواء على الإخوان المسلمين لشيطنتهم وتنفير الناس منهم، فيصفهم البعض بأنهم فاشيون، ويصفهم آخرون بأنهم نرجسيون، ويصفهم فريق ثالث بأنهم انتهازيون...، ونكاد نسمع في كل برامج (التوك شو) عبارات واحدة تساق ضدهم من قبيل: دولة المرشد، دولة الخلافة، دولة الجماعة، سارقي الثورة... إلى آخر هذه التهم المرسلة، والمخاوف المتوهمة التي لا يوجد عليها دليل مادي واحد!!

والإخوان بالطبع ليسوا أنبياء معصومين ولا ملائكة مقربين، بل هم بشر خطاؤون كغيرهم ولا غرابة في ذلك فكلنا نصيب ونخطئ، ولكن العجيب أنك عندما تحاول مناقشة أي شخص يهاجم الإخوان بكل هذه الضراوة لتستوضح منه أسباب نقمته عليهم ومقته لهم إلى هذا الحد تجده خالي الوفاض ولا يمتلك أية أسباب موضوعية مقنعة تسوِّغ موقفه العنيف منهم وكراهيته لهم، ولا يعدو الأمر أن يكون مجرد ترديد بعض الاتهامات الإعلامية المضللة التي تروِّجها الدعاية السوداء ضد الإخوان المسلمين زورا وبهتانا، وربما ينطلق البعض في هجومه عليهم من قناعات ذاتية لديه أو عداء شخصي بينه وبين أحدهم، وبالتالي فكلامه مجروح لأنه غير موضوعي بل ينطلق من دوافع خاصة للانتقام وتصفية الحسابات الشخصية.

والمدهش في الأمر أن تاريخ الإنسانية كله يؤكد على مسلك أغلب البشر غير الموضوعي  وغير المنصف مع أعدائهم، وقد حدثنا القرآن الكريم عن شيء من ذلك لأخذ العظة والعبرة وتعلم الدرس والتحلِّي باليقظة والوعي عند الوقوع في مواقف مشابهة، فلا ننخدع بأصحاب الأصوات العالية والعبارات الزاعقة مهما كانت صاخبة، ومهما امتلكوا من ماكينات الدعاية المضللة فكل ادعاءاتهم باطلة ومحض كذب وافتراء؛ لأنها تفتقر إلى الحيدة والموضوعية والنزاهة، ولا تنطلق من مبدأ النقد البنَّاء، فها هو فرعون الذي طغى وتكبر وقال: "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى" [النازعات:24] يتهم موسى ـ عليه السلام ـ بأنه مفسد في الأرض!! قال تعالى: "وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" [غافر:26] وهؤلاء هم قوم لوط الذين جاؤوا بالفاحشة ما سبقهم بها أحدٌ من العالمين ينادون بطرده من قريتهم بتهمة غريبة هي أنه يدعوهم للعفة والطهارة، قال تعالى: "وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" [الأعراف:82] بل يؤكد الله تبارك وتعالى على حقيقة معاداة المرسلين وافتراء الكذب عليهم؛ لتنفير الناس من دعوتهم، قال تعالى: "كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ" [الذاريات:52].

ولم يخرج رسولنا الكريم محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن هذه القاعدة، فقد اتهمه الكفار بأنه ساحر، ومنهم من اتهمه بأنه شاعر، ومن شنَّع عليه بأنه كاهن، لكن الله تعالى دافع عن نبيه قائلا عزَّ اسمه: "فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(43)" [الحاقة:38 - 43].

هكذا لما شنَّ المشركون هذا الهجوم الضاري على نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتشويه صورته وصرف الناس عن دعوته، فنَّد سبحانه هذه الاتهامات الباطلة التي لا هدف لها سوى الصد عن الإسلام، والتلبيس على الناس لمنعهم من الإيمان بالله تعالى، فأقسم عزَّ وجل أن القرآن الكريم كلام الله، يتلوه رسول عظيم الشرف والفضل، وأنه ليس بقول شاعر كما يزعم هؤلاء الكفرة الفجرة، وليس بسجع كسجع الكهان، ولكنه كلام رب العالمين الذي أنزله على رسوله الأمين محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

إذن شنُّ حملات الدعاية المضللة على الأنبياء ومن دونهم في المنزلة من المصلحين والشرفاء وأصحاب المبادئ هو ديدن البشرية في كل زمان ومكان، وفي كل عصر ومصر، وقد شنع الاحتلال الإنجليزي على غاندي في الهند وحاول تشويه صورته لفض الناس عنه، كما شنع العنصريون في جنوب إفريقيا على نلسون مانديللا ورموه في السجن قرابة ثلاثين سنة؛ وبالتالي فلا عجب أن نشاهد ونسمع هذه الحملات الإعلامية الواسعة في كافة الصحف والفضائيات تفتري الكذب والبهتان على الإخوان ؛ لتُشَهِّرَ بهم وتخوِّفَ الناس منهم.

 وليت هؤلاء المضللين صادقين في دعاواهم، وليتهم يخدمون مصر بذلك، ولكن بكل أسف فإنهم يخدمون أعداء مصر، ويناصرون مشروع الهيمنة عليها، واستمرارها رهينةَ حال التبعية السياسية والاقتصادية، وحرمانها من الاستقلال الحقيقي حتى لا تمتلك إرادتها، وتظل هشة ضعيفة فاقدة القدرة على المقاومة فضلا عن التأثير؛ وبالتالي يمكن السيطرة عليها وعلى المنطقة العربية كلها، وإلحاقها بالمعسكر الأمريكي كتابع ذليل؛ لأن هذا القرن يجب أن يظل أمريكيا بامتياز، ولا يمكن السماح للعرب بنفطهم وثرواتهم وموقعهم الاستراتيجي أن يخرجوا من عباءة الأمريكان...!!  

هذه هي الحقيقة فإما أن يتحرر المصريون من الخوف ويصوِّتُوا لصالح مشروعهم الوطني ويختاروا من كان جزءًا من الثورة ومدافعا عنها وحاميا لها رغم أخطائه، ولا عليهم أن يعارضوه بكل قوة بعد ذلك ويقوِّموه إن جانب الصواب، وإما أن يقعوا فريسة لحملات التخويف والدعاية المُضَلِّلة فيصوتوا لمبارك ويعيدوه ليحكمهم مجددا عقودا أخرى من الزمن، وبديهي أنهم في هذه الحال ـ لا قدر الله ـ سيُحرَمُون من حقهم في كل شيء حتى من البكاء والأنين؛ لأنهم هم الذين اختاروا لأنفسهم هذا الوضع...!!

               

 * كاتب إسلامي مصري