واإسلاماه.. ماذا بعد؟

د. مؤمن مأمون ديرانية

واإسلاماه.. ماذا بعد؟

د. مؤمن مأمون ديرانية

[email protected]

أبدأ هذه السطور بنفس اسم المقالة السابقة ليظهر الارتباط بينهما رغم اختلاف التوجّه بين المقالتين، فالأولى زفرات على ما أصابنا واستصراخ لهذه الأمة أن تنصر أهل سورية الذين ينزفون منذ عام، أما هذه فدعوة للعمل لنغيث أخواتنا وبناتنا المصابات.

نداء إلى جميع الهيئات والتنسيقيات العاملة للثورة السورية

مشروع إغاثة أخواتنا وبناتنا في سورية

هذه المسألة المؤلمة التي تفطر القلوب؛ قضية أخواتنا وبناتنا المغتصبات، صارت ظاهرة ضخمة تحتاج إلى معالجة منهجية تتداعى لها جميع الهيئات العاملة، وتتولّاها فرق عمل متخصصة، في مشروع إغاثي يتناول الأمر من جوانبه المختلفة: القانونية والشرعية والاجتماعية والنفسية والطبية. الحالات جاوزت ألف حالة وربما كانت الحالات غير المسجلة هي الأكثر لاعتبارات لا تخفى على أحد.

أما الجانب القانوني من هذا المشروع فيكون بتوثيق حالات الاغتصاب، وتشجيع الضحايا وعائلاتهم على ذلك، ليتسنى للعاملين على هذه القضية تصعيدها بشكل كاف في المحافل المختلفة، ويمكّنهم من تجميع الوثائق القانونية من أجل تحقيق العقاب على المعتدين المجرمين ورؤسائهم وأركان النظام المجرم.

ويتضمن الجانب الشرعي: أولاً توثيق فتاوى من العلماء بجواز إجهاض الحمل السفاح الناتج عن الاغتصاب قبل مرور أربعة أشهر، وثانياً ببيان العلماء للناس بشكل لا يقبل الشك تزكية النسوة المصابات والتأكيد على أن ما حدث لا ينتقص من شرفهن وعدم السماح لأي كان بالانتقاص منهن، فضلاً عن محاولة إيذائهن أو حتى قتلهن وهو ما حدث في بعض الحالات مع الأسف، وثالثاً بدعوة المصابات وعائلاتهن إلى توثيق حالات الاغتصاب وتشجيعهم على ذلك.

ويكون الجانب الاجتماعي بتنظيم حملة توعية من الدعاة والكُتّاب لإنصاف وتكريم الضحايا لتصويب وتغيير النظرة الجاهلية السائدة تجاه هذه الأذيّة، ومن ثم يعمل الدعاة على رفع معنويات الضحايا وأسرهم وتذكيرهم بأنه ما يصيب المؤمن من أذى في سبيل الله إلا رفع الله به درجاته وجزاه عنه خير الجزاء، وهذا الأذى الذي لحق بهؤلاء لا يخرج عن ذلك. إن أخواتنا وبناتنا الجريحات الصابرات يستحقون منا ومن الأمة كلها كلّ تكريم.

ويحتاج الجانب النفسي من هذه المعالجة إلى وضع برنامج دعم ومعالجة نفسية من فريق متخصص يقوّم الحالات كلها ويضع لها البرامج المناسبة قصيرة الأمد وطويلة الأمد، وربما كان مفيداً طلب مساعدة الضحايا القدامى اللاتي تعافين (من أحداث حماة القديمة مثلاً) ، فتكون بعضهن في فرق الدعم النفسي لمؤازرة الضحايا الجدد.

أما الجانب الطبي فيهدف إلى معالجة جميع الآثار الطبية الناجمة عن هذه الاعتداءات، وهي أولاً تفقد وجود حمل، وإجهاضه إذا وجد في أسرع وقت، وثانياً معالجة أي أمراض إنتانية قد تكون انتقلت للنساء المغتصبات من هؤلاء الخنازير المعتدين، الذين يرتعون دائماً بين الخنازير أمثالهم ويُتوقع أن يكونوا حاملين عدوى أمراض جنسية مختلفة.

والشق الأول هو الأمر العاجل الذي لا يحتمل التأخير، وهو إنهاء حمل النسوة المغتصبات اللاتي حملن سفاحاً من هذا العدوان، حبذا خلال الأربعين يوماً الأولى من الحمل، وفي الأمر فسحة حتى أربعة أشهر حسب فتاوى العلماء، فيكفي ما أصاب بناتنا العفيفات من أذى بليغ وفيهن صغيرات قاصرات بالمنظور القانوني، وعلينا أن نحول دون زيادة معاناتهم ببقاء هذا الحمل وإنجابه بما يمثل كارثة أخرى عليهن.

* * * * *

وبالرغم مما اتخذته مختلف الهيئات العاملة للثورة السورية، وعلى رأسها "الرابطة الطبية للمغتربين السوريين"، من خطوات في هذه المسألة في محاولات متعددة لتقديم العون الطبي والنفسي، لكن هذه المحاولات لم تصل حتى الآن إلى تحقيق أهدافها، لصعوبات عدة تحيط بهذه القضية المؤلمة والشائكة، تعقدها الأمنية الظروف القاسية في الداخل والتي أدت إلى تعرض النساء لهذه المأساة، ويزيد من تعقيدها ما يحيط بهذا الأمر من صعوبات نفسية واجتماعية، وجاهليّة في كثير من الأحيان. فرغم محاولات الرابطة الطبية البدء ببرنامج إسعاف طبي للضحايا عبر مراكزها الطبية ومستشفياتها الميدانية، يتضمن إجهاض الحوامل منهن، وبرنامج دعم نفسي لجميع النساء المغتصبات، لكن من الواضح أن أكثر النساء المصابات لم تصلهن هذه البرامج بسبب الصعوبات المذكورة آنفاً.

لذلك أوجّه هذه الرسالة على كل المنابر الإعلامية للثورة السورية، إلى جميع التنسيقيات والهيئات العاملة للثورة السورية في الداخل والخارج، أن تسعى بكل السبل في جميع مواقعها للوصول إلى الضحايا وتوثيق هذه الحالات، ومن ثم التواصل مع الرابطة الطبية والهيئات الطبية العاملة والأطباء أو الصحيين المتوفرين لإسعاف الضحايا وتقديم الرعاية اللازمة.

وقد خصصت الرابطة مركز اتصال موحّد لتنسيق هذه الحملة (روابط الاتصال أدناه)، وتعمل على توفير الأدوية اللازمة ونظام المعالجة الذي سيتبعه العاملون الصحيون المشرفون على هذه العمليات، مع إمكانية اللجوء لطبيب في حالة عدم اكتمال الإجهاض وحصول نزيف لا قدّر الله. ومن ثم تعمل على توفير بقية برامج العلاج والدعم النفسي اللازم.

 

وتعمل "الرابطة الطبية للمغتربين السوريين" بكل طاقاتها وأطبائها ومراكزها الطبية والميدانية في الداخل، وفروعها ومكاتبها المختلفة في الخارج، على المباشرة في هذا العمل فوراً بينما يكتمل إعداد مشروع متكامل يتناول هذا الأمر من جميع جوانبه ويقدّم للضحايا الرعاية المتكاملة المطلوبة. كما تعمل على تنظيم مؤتمر خاص بهذا الأمر الجلل.

* * * * *

في نهاية هذه السطور، نتضرّع إلى الله أن ينتقم لأخواتنا وبناتنا وأطفالنا ويشف صدور قوم مؤمنين، ونعاهد الله، ونعاهد كلّ امرأة أصابها ما أصابها أن لا ندع هؤلاء المجرمين دون عقاب ولو كانوا في بروج مشيدة في أعالي جبال قرداحة.

والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

* * * * *

مركز اتصال الرابطة الطبية للمغتربين السوريين لإغاثة النساء السوريات المغتصبات:

[email protected]