زمن الديَكة قد انتهى
زمن الديَكة قد انتهى
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
. إنهم فقط يتصارعون ويدمي بعضهم بعضاً, حتى يستسلم الضعيف , ويزهو المنتصر بدمه المسال .
هل تعلم ياصديقي العزيز , بماذا يذكرني صراع الديكة هذا ؟
فإن كنت لاتعلم , فهو الأفضل لصحتك وعقلك وإن كنت تعلم , فلا عتب على قلبك من علله الكثيرة والمتراكمة بعضها فوق بعض .
فقال لي : وما قصدك من هذا , أو بالأحرى ماعلاقة صراع الديكة بمؤتمر توحيد المعارضة الذي سيعقد اليوم
فقلت له : هل سمعت عن مرض يسمى التوحد ؟
قال نعم وأردف قائلاً :أن هذا المرض يجعل من صاحبه كسولاً مهملاً مهملاً (بفتح الميم وكسرها) .والمريض يكون منطوياً على نفسه تاركاً كل شئونه الحياتية , حتى يؤديها الآخرون بالنيابة عنه .
ولكن ماوجه الترابط بين صراع الديكة , ومرض التوحد , والمعارضة السورية ؟
وأخذت أشرح له الترابط والمسالك والمخارج حتى فهم قصدي ولعله اقتنع بكلامي , ولا أدري مستوى تلك القناعة وغادرني بدون وداع , وحتى نسي دفع ثمن الطعام الذي سلك معدته في المكان الذي كنا نتعشى فيه , وعدت لبيتي مشياً على الأقدام , بعد أن دفعت ثمن الوجبتين , وجلست على الأريكة منهك القوى وألعن في داخلي فلسفتي الرمزية تلك المتعلقة بصراع الديكة .
دبت الحياة في جسم المعارضة بعد الثورة , وتشكلت هيئات ومجالس وتجمعات وأحزاب , ومجالس ثورية ووطنية , وكل جهة حالها كحال قصيد ة شعرية تقول :
الديك أطل بنظرته من فوق جدار منهار ...ورأى بجوار حظيرته ديكاً يمشي بافتخار
والديك تطاير الشرر من عينيه غضباً , وقاتل الديك الثاني , وهما يتصارعان خارجاً والثعلب يلتهم مابقي من الدجاجات
وسلكت المعارضة فيما بينها صراع الديكة ,وكل واحدة تمثل ديكاً عدوه الوحيد الديك الآخر , والناس تدعوهم والمخلصون يناشندون ضمائرهم ووجدانهم , فهذه دماء تسفك وأعراض تنتهك , وبيوت تدمر على ساكنيها , وهمهم الوحيد هو فقط حلبة الملاكمة بين بعضهم , حتى وصلوا لدرجة التوحد القصوى للمرض , لايأتون بخير أبداً ولا قيمة لعملهم , ولم نجد بينهم ديكاً منتصراً .
وكانت النتيجة :
أنه لابد من الحجر على الجميع وتنفيذ الأوامر , وإلغاء الجنسية والوطن وغياب الجمهور , لتحل محلهم قوى أخرى , تحركهم كدمى كيف تشاء وفي أي وقت تشاء .
سينتهي صراع الديكة بعد المؤتمر , ومرضى التوحد تم عزلهم , فالبطة في سوريا صار يمثلها الدب الروسي لافروف , والمعارضة المريضة حل محلها أصحاب الدعوات للمؤتمر , فكل من وصلته الدعوة لحضور المؤتمر كانت من تركيا وقطر , ولم تصل دعوة باسم المعارضة , فقد استسلمت لقدرها , وحالة اليأس من شفائها , ولم يعد ينفع النقر , وأصبح واقع الحال على رأي أم كلثوم
أنا وحبيبي ياعين غايبين عن الوجدان
ويطلع علينا الأمر ويغيب كأنوا ماكان
فلم يعد مجالاً لصراع الديكة بعد الآن ؟؟!! .