عام من الفخار مضى ورؤوس الطغاة تتهاوى

عام من الفخار مضى

ورؤوس الطغاة تتهاوى

زهير ناعورة

عضو الهيئة الاستشارية في تنسيقية الثورة السورية في مصر

[email protected]

قال تعالى في كتابه العزيز ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) صدق الله العظيم

قبل أكثر من عام كنا ننظر كشعوب عربية إلى الثورة التونسية بترقب شديد ، و بإرادة إلهية بدأ نظامها الظالم بالانهيار السريع ، وفر رئيسها المخلوع البلاد غير مأسوفا عليه ، والعالم كله ينظر بذهول إلى تسارع أحداثها وسقوط رأس الدولة التونسي بصورة لم تكن تدخل بعد في التوقعات أو التكهنات أو الحسابات . وكانت في النهاية الغلبة للشعب التونسي ، ولإرادته في نيل حريته وكرامته .

انتصرت تونس وانتصر شعبها على جلاده وهاهم الآن يعيشون العرس الديمقراطي في أبهى حلله ، رغم الكثير من الفتن والأحداث التي يحاول فيها أعداء الأمة إثارتها حتى لا تستقر تونس الخضراء وتعود لحكم التابع والمتبوع ، ولكن خاب ظنهم فهذا شعبنا في تونس قد استفاق من تغييبه وخلع عنه عباءة الذل والخنوع ، ولبس لباس التقوى والحرية والكرامة فلا عودة إلى الماضي ولا خطوات إلا للأمام .

ثم قامت مصر الكنانة ، لتنفض غبار الذل والمهانة ، هب الشعب المصري هبة رجل واحد ، واعتصم في جميع الميادين العامة في كل مدينة ، بتنظيم وترتيب أذهل العالم ، حاول النظام ألمباركي عبثا أن يقحم الجيش في تثبيت أركان حكمه ، وقمع التظاهرات ، تماما كما فعل في تطويع مؤسسة امن الدولة التي شاركت في بداية الأحداث بقمع التظاهرات لأيام ، ثم تلاشت بأوامر من قادتها وذابت كما يذوب الملح بالماء ،  ظنا منها أن تدخل البلاد في حالة فوضى شديدة .

ولكن و بإرادة إلهية قبل الإرادة الشعبية سقط مبارك ذليلا سجينا يساق في كل يوم إلى المحاكم مع أركان حكمه وزبانيته ، وانتصرت إرادة أهل الكنانة ، وهاهم الآن يسيرون في طريقهم إلى إتمام كامل أهداف الثورة المباركة ، ماضون قدما رغم الفتن والعقبات التي يحاول النظام بدعم وتخطيط صهيوني زرعها في كنانة الله ، ولكن خاب والله فألهم ، فهاهم أبناء مصر قد هبوا للدفاع عن ثورتهم ، وعن مصيرهم الذي خطوه بدماء الشهداء ، لك الله يا مصر العروبة والإسلام ولخوانك الذل والهلاك .

أما ليبيا فقد التحقت سريعا بالربيع الإلهي ، كما يحب الكثيرون أن يسموه بدلا من تسميته بالربيع العربي ، وبدأ الغرب سريعا بالتدخل لإنقاذ المدنيين ، دون الرجوع إلى قرارات أو تفويضات دولية ، فالفاتورة كبيرة جدا وهي الأمل الكبير في إنقاذ الوضع الاقتصادي الأوربي المنهار ، أرادوها حربا مفتوحة كما هي الفاتورة العسكرية مفتوحة ، ولكن الله وبإرادة ألاهية قيض للأمة الليبية من جنده من هب يرفع راية الجهاد ، ليقضي أولا على رؤوس الفتنة والتآمر ممن يدعون المعارضة ، ويمضي في طريقه ليحرر البلاد والعباد ، رغم الثمن الكبير التي دفعها المواطنون الليبيون من دمائهم ومالهم .

وسقط الطاغية بعد أربعين عاما من حكمه للعباد بإرادة إلهية ، وأخرج من جحره الذي وصف به شعبه ، ليقتل كالجرز بين يدي الثوار ، ثم لتعرض جثته الآفنة ذليلة كما يليق بها في براد للخضار ، ولتكون نهايته عبرة لكل طاغية جبار .

انتصرت ليبيا وانتصر شعبها وهاهم الآن يرسمون مستقبل أمتهم ويقيمون دولة الحرية والدستور ، رغم التآمر الكبير على ثورتهم لإفشالها ، ومحاولة الغرب تقسيم البلاد وشرذمتها ، ليسهل السيطرة على منابع النفط ومصادر الثروة ، فالله معكم أيها الرجال الأبطال ، يا أحرار ليبيا العظيمة  ، ويا أحفاد البطل المختار . 

ولليمن السعيد كان لها موعدا مع الربيع الإلهي ، فأعلنت الثورة على جلادها ، وخرجت الملايين تنادي بإسقاط نظامها ومحاسبته ، فاستعان النظام بالشرق والغرب ، واستنجد بالشقيق والصديق وبرفيق الطريق ، عله يجد حلا يضمن بقاءه على كرسيه ولو لفترة انتهاء حكمه ، الذي استمده كما الآخرون من أمثاله ، من إرغام شعبه على التصويت له ، لم لا وهو الحاكم بأمر الله ، ثم ليورث الحكم إلى ابنه الذي صنعه على عينه ، ولكن الشعب أبى المساومة وأرادها سلمية سلمية سلمية رغم وجود السلاح في يد كل الشعب اليمني صغيرا كان أم كبيرا ، واستمرت ثورته وسقط الباغي بعد أن شوي بنار القلوب المحترقة ، وفجر مجلسه وقتل أكثر قياداته وأعوانه ، ولكنه عاش ليرى نهايته مهزوما مطرودا من ارض الحكمة والرجال ، ولكن الثورة لم تكتمل بعد ، وهي تسير في طريقها إلى نيل حريتها الكاملة والغير منقوصة ، وبدون وجود لأي ركن من أركان هذا النظام البائد .

انتصر الشعب في يمننا السعيد يمن الحكمة والرجال ولكن مازال إمامهم بعض العقبات بعد أن أزيلت العقبة الكبرى طاغية اليمن الذي حكم البلاد وظلم العباد لأكثر من أربعين سنه ، لكم الله يا رجال الله ويا ثوار الحق فانتم على موعد قريب جدا من وصولكم إلى كامل أهدافكم ولن يضيع دماء إخوانكم سدا فالله معكم ( والله غالب على أمره ولو كره المشركون ) .

أما بلاد الشام ؟؟؟ فآه وآه وألف آه ياشام العزة والرجولة والصمود ، غيب عنها أطهارها سنوات وعقود ،  يرقبون البلاد في أسى وقلوبهم وأرواحهم فقط هي من تعبر الحدود ، ومن داخل أسوار الوطن  كانت الآلاف من أحرارها تحكمه السجون وتكبله القيود ، وعلى ثراها الطاهر اختلطت دماء الشهداء زكية بيد الظالم النمرود ، حافظ الرذيلة سليل أبناء يهود ، قتل أكثر من مائة ألف شهيد في ثمانينات القرن الماضي ، قتل عدو ظالم جحود ، واستتب له الأمر لسنوات وعقود ، وشعبنا المصابر ينتظر الفرج وهلاك الطاغية الحقود ، فكان سلاحهم دموع صمت وحرقة قلب وآهات ودعاء وصلاة وسجود .

وبعد سنوات عجاف من القهر والإرهاب لإذلالها ، والبرامج والخطط الكبرى لإفسادها ، كان لامتنا قدر مع جلادها ، و موعد رباني عظيم لمواجهة طغاتها ،  ولكن وبإرادة إلهية  قالت الله اكبر و وباسم الله كانت انطلاقتها .

خرج أطفال درعا الأبية وببراءة طفولية  ، كتبوا على جدران مدرستهم كلمات عفوية ، ولم يدركوا أنها ستكون شرارة ثورة ربانية ، ضد الطغمة  المتجبرة البعثية والطائفة الأسدية ،  ( الشعب يريد الحرية الشعب يريد الحرية ) 

اعتقل هؤلاء الأطفال وعذبوا بطريقة وحشية ، ثم قتلوا ثلاثة من آبائهم بطريقة همجية ، غضب الناس وخرجوا يشيعون شهداءهم بطريقة سلمية ، ورددوا مرة أخرى الشعب يريد الحرية ، فانطلق الرصاص الآثم يخترق الأجساد الأبية ، عشرات سقطوا بين شهيد ومصاب ، وهم يستصرخون جنود العصبة النازية ، سلمية نعم والله سلمية .

وانتفض الأحرار من كل مدينة ودار ، الله اكبر كانت لهم رمزا وشعار ، درعا البطولة لك السبق والفخار ، وطاشت عيون الخائنين وعرفوا أن الشعب ثار ، وأنه لن يعود إلا بالحسنى والانتصار ، فكان قرارهم اقتلوا الشعب كله نعم كله بحديد ونار ، أطفالهم و نساؤهم صغيرهم وشيخهم هم العدو مع الكبار ،  وتفجرت الأرض بركانا ينذر بالدمار ، وأبى العدو إلا القتل والتشريد والدمار ، وسالت الدماء في ثرانا الطاهر انهار ، ولكن أمتي هتفت بصوت واحد  لا للذلة لا للعار ، نموت ونحيا في سبيل الله ولا نرضى بغير الانتصار ، وسنقدم الشهيد تلو الشهيد لن نهادن ظالما جبار ، حتى لو تداعت علينا الأمم كلها فليس لنا من معين غيرك يا ستار ، سننتصر والله سننتصر فليس لنا والله أي خيار .

اليوم نطوي صفحة عام مملوءة بالمرارة والأنين ، الزوج تبكي حبها والقلب منفطر حزين ، والأم ترثي طفلها أيا حبيبي أين الملاعب ؟ أين الضجيج ؟ أين أصحابك يا أمين ؟ ، والجدة تحضن طفلك أيها البطل السجين ، ولدي الحبيب لا تنحني لسياطهم اسمع صوتك الباكي من خلف أسوار سجنك والأنين ، فاثبت فللحرية باب سنطرقه بالدم واليمين ، وهذا طفلك يناديك أبي الحبيب قضى عمي وسأكمل المشوار قد أقسمت لله اليمين ، وسنلتقي أبتاه في جنان الله مع رسولنا وصحابته  و الخالدين .

عام مضى والكل يتآمر على شعبنا ، بل ومنهم من شارك وبأيديه الآثمة  في قتل أطفالنا ، حتى القريب أعطى المهلة تلو المهلة لجلادنا ، والعالم الغربي غض الطرف متباكيا على دمائنا ، الكل يخشى الكل وقراراتهم حسابات و مصالح بنيت على أشلائنا ، وجزارنا في وضح النهار يصرخ إنا الإله والشعب كله عبيدنا ، ووزيره البغل الكذوب لأوربا  مهددا سنشطبك من خارطتنا ، يموت الشعب يحيا الشعب ولكن بشار سيبقى خالدا على أجسادنا .

عام مضى وشعبنا بركان قد تفجر ، وصراخه يعلو المآذن والمنابر الله اكبر ، سنقدم الأرواح فداك ياشام والله لن نتأخر ، وسنعلي راية الحق ولعرضك ياحرة سوف نثأر ، سننتصر يا حبيبتي هذا موعد فجرنا فالصبح أزهر ،  وستعلوا راية الحرية  في شامنا ولتعلم يا باغي بان شعبنا أبدا لن يقهر ، وسنبقى نرددها نداءا خالدا ....... الله اكبر الله اكبر.