رئيس إسلامي + برلمان إسلامي = الكارثة
رئيس إسلامي + برلمان إسلامي = الكارثة ؟!
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
قبل أن نناقش مدى صحة هذه المعادلة نريد أن نعرف أولا كلمة إسلامي ، ونعني بها ذلك الشخص الذي يتخذ من الفكرة الإسلامية مرجعية وحيدة تصبغ تصوراته عن الحياة ، وبالتالي يقيس عليها قراراته بحيث لا تخالف مبادئه الثابتة
وبعد هذا التعريف تعالوا بنا لنرى صحة هذه المعادلة ، وقبل أن أبدأ يجب أن أحدد موقفي من هذه المعادلة وهو أنني أرى خطأها
برزت هذه المعادلة قبل سقوط الرئيس المخلوع عندما أخذ يهدد أمريكا والغرب أن البديل عنه هو الإسلاميون ، وطبعا نحن نعرف تصور الغرب عن الإسلام بصفة عامة وعن الإسلاميين بصفة خاصة ، وهو تصور مغلوط وغير منصف على الإطلاق
أصحاب هذه المعادلة – من الداخل - يرون أن مجيء رئيس إسلامي في وجود البرلمان الإسلامي يعيد إنتاج الحزب الوطني من جديد ، وكأنه ما قامت ثورة ، وهذه في اعتقادهم هي الكارثة ، ويذهب خيالهم بعيدا إلى أنه لو حدث ذلك فسوف تعود الدكتاتورية من جديد ، لأن الإسلاميين سينقلبون على الشرعية الشعبية ، والشرعية الدستورية ، كما أن ذلك سوف يبرز خللا في التركيبة السياسية ، ويستلهمون النموذج التونسي كمثال يجب أن يحتذي
وأصحاب هذه المعادلة – من الخارج - يصرون على أن يكون الرئيس من غير الإسلاميين لضمان مصالحها في المنطقة ، بل وتريد أكثر من ذلك أن يكون انتماء هذا الرئيس لها حتى لو أتت به صناديق الاقتراع
أما صاحب القرار السياسي في مصر الآن فأعتقد أنه يسير في نفس الاتجاه ويصر عليه ، بل ويحاول جاهدا أن يحول دون وصول رئيس إسلامي إلى السلطة ، وهناك دلائل على ذلك منها محاولة فرض الرئيس التوافقي
وقد كان رأي حزب الأغلبية في البداية يتوافق مع هذا الطرح ، رغم أن مبرراته في ذلك كانت تختلف عن مبررات القوى الأخرى ، ومنها أن مصلحة مصر تقتضي أن يكون الرئيس من خارج التيار الإسلامي لظنهم أن العالم سوف يعادي مصر إذا جاء الرئيس إسلاميا ، كما أنه كان يسعى للحصول على الأغلبية في البرلمان حتى ولو كلفه هذا بعض التنازلات ، وقد يري بعض من يقرأ المشهد أن حزب الأغلبية يخشي من رئيس إسلامي ينازعه سلطة البرلمان ، ويخطف الأضواء منه ، وبالتالي يسحب البساط من تحت أقدامه
بعد ذلك نريد أن نطرح هذا السؤال : ما هي المصالح وما هي المفاسد من وصول رئيس إسلامي للسلطة ؟ 00
ومن وجهة نظرى أن أهم المصالح ما يأتي :
وجود حالة من التوافق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ، وهذا ما يحقق سرعة الوصول إلى نهضة شاملة ، لأن الأهداف تصب في النهاية في نفس الاتجاه
تبني المشروع الإسلامي في حكم مصر سوف يحرر القرار السياسي ويخرج مصر من حالة التبعية التي صنعها النظام السابق ، فالمشروع الإسلامي الوسطي المعتدل بطبيعته طموح ، ويسعى إلى تحقيق العزة والكرامة ، وفي نفس الوقت لا يسعى لخلق حالة من العداوة مع العالم
وجود حالة من التوافق والتوائم بين حالة المجتمع وقيادته ، فالمجتمع المصري مجتمع متدين ويريد أن يعيش حالة من التوافق بين الرئيس والمرؤوس ، كما أن استنفار الطاقات الكامنة في هذا الشعب يمكنها أن تقلل أمد الخروج من الأزمة الاقتصادية إذا جاءت من ناحية الدين
وأهم المفاسد ما يلي :
ظهور حالة من حالات الصراع السياسي غير المنضبط بين القوى غير الليبرالية واليسارية من جهة ، والقوى الإسلامية من جهة أخرى ، هذا الصراع سوف يضر لأنه ليس صراعا سياسيا من أجل مصر ، بل هو صراع أيدلوجي في المقام الأول ، وهو لا يركز على الحوار البناء ، والمعارضة المنتجة ، بل يركز على الإقصاء ، ومحاولة كل طرف إفشال الآخر ولو على حساب مصالح مصر
على الصعيد الدولي : هناك احتمال من إحجام بعض القوى العالمية وبعض القوى الإقليمية من التعامل مع نموذج الحكم الذي يهيمن عليه الإسلاميون ، وهذا سوف يضر بمصالح مصر الاقتصادية ولا شك ، ورغم أن القوى العالمية بدأت تتعرف على التيار الإسلامي بهدف إيجاد طريقة للتعامل تضمن لها مصالحها ، إلا أن الصراع القديم مع الإسلام ، ووجود إسرائيل على حدود مصر ومحاولتها الدائبة لإجهاض أي مشروع إسلامي ، تعيق إنتاج حالة التوافق بين الإسلام والقوى العالمية
وعلى كل فأي من المصالح والمفاسد هي مجرد قراءات قد تكون صحيحة وقد لا تكون كذلك ، ولا ننسى إرادة الشعب المصري الذي بيده أن يصوغ معادلته بنفسه خارج أي حسابات 00
وأيا كان الوضع 00 فإنني أعتقد أن مرشحي الرئاسة الإسلاميين من الشخصيات المعتدلة التي من الممكن أن تعيد صياغة هذه المعادلة بحرفية متقنة 00 داخليا : بحيث تحتوي القوى السياسية دون أن يحدث صدام بينها 00 وخارجيا : بأن تعطي من المرونة ما يجعل المجتمع الدولي حليفا وليس ندا على خلفية المصالح المتكافئة ، وأن تتعامل مع كل القضايا بفقه الواقع الذي يقدم قضايا مصر القومية على كل قضية فرعية أخرى ، دون أن تتنازل على استقلال قرارها السياسي ، وفي هذه الحالة تكون نتيجة المعادلة " نهضة مصر " بدلا من " الكارثة".