سوريا بين مطرقة مدفعية النظام والسندان الدولي
سوريا بين مطرقة مدفعية النظام
والسندان الدولي
معاذ عبدالرحمن الدرويش
تسير ناقلات الجند و حاملات المدفعية متنقلة على الأراضي السورية بسرعة مذهلة تضرب هنا و تدمر هناك دون كلل او ملل.
في حين يتثاءب العالم الناعس النائم في تصريحات هنا و مؤتمرات هناك .
و الشعب السوري يموت و يذبح بدون أن يجد أدنى درجة رحمة من بني جلدته أو من يقف بوجه هذا الطغيان المنقطع النظير.
النظام يدرك منذ اللحظة الأولى للأحداث أن لا مجال لأنصاق الحلول و أن المعركة التي يخوضها هي معركة وجود. من أجل ذلك أصم أذنيه تجاه أصوات الاحتجاجات المتأججة في الداخل و أصوات النصح القادمة من الخارج و أعطى الأومر لفتح أصوات العيارات النارية على أوسع مدى.
الموقف الدولي انقسم إلى قسمين :
الموقف الأول:
موقف الدول الداعمة للنظام السوري و تتمثل بشكل رئيسي بروسيا و إيران و الصين و بعض الدول العربية مثل العراق و لبنان و السودان و الجزائر و غيرها.......
روسيا هي أكبر المستفيدين مالياً و بشكل مباشر من النظام السوري الذي يعتبر من أهم مستوردي الأسلحة الروسية البائدة و المنسقة بالإضافة إلى الحديثة منها.
إيران تعتبر النظام السوري رأس حربة في خاصرة المنطقة العربية
الصين تعتبر النظام السوري امتداد مهم لتوازناتها الدولية مع روسيا و إيران ضد المنظومة الغربية
أما الدول العربية المؤيدة فهي أنظمة تخاف أن تنطفئ أضواءها خلف سطوع بريق الربيع العربي
الموقف الثاني:
المتمثل بالدول المؤيدة للثورة السورية
كل الدول تتبع في موقفها بشكل رئيسي لأمريكا و امريكا تتبع بموقفها لصالح إسرائيل
امريكا و الدول الغربية أيدت الثورات العربية عموما و الثورة السورية منذ انطلاقتها
إلا ان هذا الموقف في سوريا كان له وضع مختلف لحساسية موقع سوريا الجغرافي و السياسي
و قد تمثل الموقف بالوقوف عند حد التصريحات الإعلامية الرنانة و العقوبات الاقتصادية المملة و لم نجد أي موقف مؤثر بشكل مباشر على أرض الواقع.
إسرائيل تدرك أن النظام السوري حليفها و عميلها السري انتهى دوره و أن كل قوتها و قوة كل حلفائها من الغرب غير كافية لإبقائه في سدة الحكم في سوريا أو حمايته من السقوط .
و المجهول القادم يرعب إسرائيل و يقض مضجعها هذه الأيام
من اجل ذلك كان من مصلحتها تأجيج الوضع على الساحة السورية بحيث يتم الضغط على النظام من جهة بالتصريحات الإعلامية و تأميله بالعودة إلى ما كان عليه من جهة ثانية إذا استطاع احتواء الوضع الداخلي و ذلك بهدف تأزيم الموقف و إسالة المزيد من الدماء و حقن الصدور السورية
في ظل هذه المعادلة يتم تدمير سوريا او إيصالها إلى حرب أهلية تضمن لإسرائيل القضاء على جار بات غير آمن الجانب بعد سبات دام لأكثر من خمسة عقود.
تركيا و الدول العربية تطمع بوضع محط قدم في سوريا الجديدة بالإضافة إلى معايير إنسانية و أخلاقية تدفع بها لوضع حد لهذه المجازر المقامة على شعب تربطه بشعوبها أواصر قربى و علاقات تاريخية و دينية . لكنها لا تستطيع تجاوز الموقف الأمريكي مهما يكن .
في ظل هذه المعطيات النظام مستمر بإبادة الشعب السوري بدعم الدول المؤيدة له
أما الدول المعارضة للنظام السوري و المؤيدة لإسرائيل منها تنتظر تدمير البنية التحتية و العسكرية لسوريا قبل ان تتدخل بشكل مباشر و قوي لتضمن حصتها على الخارطة السياسية الجديدة لسوريا و قد دفعت ثمن ذلك بعض العواطف و التصريحات الكلامية
في حين أن الدول العربية غير قادرة على اتخاذ موقف حازم في ظل هذا التغير الكبير و المفاجئ في الكثير من إيديولوجيات الأنظمة العربية الجديدة بالإضافة إلى انقسامها و تشرذمها بين مؤيد و معارض للنظام المجرم.
و الشعب السوري سيدفع ثمن ذلك عشرات الآلاف من الشهداء و عشرات الآلاف من الجرحى و عشرات الآلاف من المعوقين جسدياً و نفسياً و العديد من السنوات العجاف القادمة على بساط الربيع العربي الذي يحاول العالم تحويله إلى خريف مرعب يدوم طويلاً على أرض سوريا الحالمة بالحرية و العدالة و الإنسانية.