هل تمنع المبادرة العربية زلزال الأسد المزعوم
(ملخص لأحداث الثورة السورية للفترة
من 30 تشرين الأول/أكتوبر وحتى 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2011)
تصريح الأسد بداية الأسبوع الماضي خلال لقاء مع القناة الروسية بأنه في حال أي تهديد لسوريا سيتسبب ذلك في زلزال لمنطقة الشرق الأوسط ويجعل من سوريا عشرين أفغانستان أثار حفيظة الكثير من الجهات ولكنه لم يعني الكثير للتنسيقيات ولجان الثوار في المحافظات السورية، فمدينة دمشق شهدت الأسبوع الماضي تحركاً قوياً على غير العادة، فقد خرجت مظاهرات بأعداد كبيرة في عدة مناطق حيوية في العاصمة كسوق مدحت باشا والقنوات والمهاجرين وباب السريجة وغيرها، بالإضافة لفعاليات التعبير عن الاحتجاج المنوعة والمستمرة، والتي تمثلت في سلسلة فعاليات ضمن تسمية أطلقها الناشطون "روزنامة الحرية" كان من أبرزها إطلاق مكبرات الصوت لأهازيج إبراهيم قاشوش بمبنى مالية دمشق وغيرها من الأماكن الحساسة بوسط العاصمة، إضافةً إلى توزيع مجلة صوت الحق وهي من إعداد تنسيقية الثورة في حي الميدان وهدفها كما كتب عليها لنشر الوعي بين جمهور الناس من غير المتابعين للإنترنت.
حمص – عاصمة الثورة كما باتت تسمى في أوساط الكثير من السوريين - مازالت تعيش حرب إبادة حقيقية كما يصفها الناشطون، فإطلاق الرصاص وانتشار الحواجز والدبابات التي تتصيد كل من يمر لم يتوقف منذ أشهر، كما يعيش حي بابا عمرو – أحد أحياء المدينة - حالة إنسانية صعبة جداً بسبب الحصار وتطويق الحي و القصف الكثيف وقطع الكهرباء والماء والاتصالات. وقد قامت أجهزة الأمن بحجز الأطباء بمستشفى الحكمة بالمدينة واستبدالهم بعناصر الأمن لمنع إسعاف الجرحى واعتقالهم مما أدى إلى وفاة العديد من الجرحى.
كما استمرت أجهزة الأمن بالاعتقالات، فقد شهد يوم الخميس اعتقال خمسة نساء في دمشق من بينهن المحامية أسماء الساسة التي اعتقلت في القصر العدلي، كما تم اختفاء المخرج السينمائي حسن نضال في دمشق كذلك.
من جهته قام الجيش الحر بعدد من العمليات إعطاب بعض الآليات والمدرعات وباصات الأمن بعد فرار عناصرها مذعورين وانشقاق عدد منهم في حي بابا عمرو، كما تم الإعلان عن تشكيل كتائب الفاروق التابعة للجيش السوري الحر في ريف دمشق الغربي، من جانبه قال قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد يوم السبت أن الجيش سيستأنف عملياته النوعية ضد قوات الأسد بعد أن انكشفت نوايا النظام، وكان الأسعد قد أعلن في وقت سابق من يوم الأربعاء المنصرم عن تعليق العمليات لإعطاء فرصة للمبادرة العربية.
علم الاستقلال كان حاضرا هذا الأسبوع بقوة حيث بات العلم الرسمي للثوار، وقد سمت لجان الثورة والتنسيقيات يوم الأربعاء بأربعاء علم الاستقلال، وهو العلم الذي استخدمه الشعب السوري عقب تحرره من الاحتلال الفرنسي في منتصف القرن الماضي.
يوم الجمعة شهد انتشار عناصر الأمن والشبيحة والقناصة على أسطح الأبنية في دمشق وريفها وحلب وحماة وحمص وغيرها، ولكن هذه القوة العسكرية الكبيرة والأمطار الغزيرة يوم الجمعة في البلاد لم تحُل دون خروج المظاهرات قبل وبعد صلاة الجمعة حتى من بعض المساجد المحاصرة في حلب وبانياس.
دمشق وحلب شهدتا العديد من المظاهرات في أماكن عدة في وسط المدينتين، كما شهدت كل من حماة وحمص ودرعا وإدلب والقامشلي مظاهرات كبيرة، وقدرت المظاهرات بـ 277 مظاهرة على مستوى سوريا، وقد سقط في هذه المظاهرات حوالي ٢١ شهيداً في حمص وحماة ودرعا بالإضافة لمئات المعتقلين من كل مناطق سوريا، في حين نفت القنوات الإعلامية الرسمية سقوط أي قتيل بالبلاد، وقالت أنها أمهلت العصابات المسلحة مدة أسبوع لتسليم أنفسهم وأسلحتهم مقابل العفو عنهم.
وبرغم إعلان النظام موافقته على المبادرة العربية فإنه لم تُسجل أي حالة لانسحاب القوات الأمنية والجيش وآلياته من أي منطقة بل على العكس فقد ذكر شهود عيان وصول تعزيزات في بعض مناطق حلب ودمشق، ولا تزال وكالات الأنباء المستقلة والإعلام الحر ممنوعة من تغطية الأحداث ودخول الأراضي السورية.
واستمرت عمليات القتل التي استهدفت المدنيين، فقد شهد يوم عرفة صعود دعوات إلى السماء صاحبها صعود أرواح 29 شهيد على حد تعبير بعض الناشطين الذين تناقلوا هذه العبارة وغيرها عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، وكان غالبية شهداء يوم السبت من مدينة حمص، كما أد شهود العيان استخدام القنابل المسمارية في قصف أحياء بحمص يوم السبت.
المجلس الوطني السوري أضحى لاعبا أساسياً وبارزاً في الثورة، وفي خطاب وجهه الدكتور برهان غليون – الرئيس الحالي للمجلس – أشاد ببسالة وشجاعة الشعب السوري، وأكد أن المجلس هو جزء لا يتجزأ منه، وهو في خدمة الثورة، وذكر خلال كلمته المرتكزات للدولة السورية المستقبلية وأن مهمة المجلس هو إيصال الناس إلى صناديق الاقتراع حيث يحدد مصيره ومن يمثله، كما شدد على أنه لا مساومة بدماء الشهداء واليتامى والأرامل، وأكد على سقوط شرعية نظام الأسد الطاغية على حد تعبيره.
وكان المجلس الوطني قد دعا إلى نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن، وقد التقى الأمين العام للجامعة العربية في القاهرة وفداً من المجلس ترأسه غليون خلال الأسبوع المنصرم.
عربياً، حذر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي نظام الأسد من عواقب كارثية إذا لم يلتزم بوقف العنف، حيث قتل العشرات منذ إعلان النظام موافقته على المبادرة العربية الأربعاء الماضي، من جانبه شككت فرنسا من صدق نوايا النظام السوري في تنفيذ بنود المبادرة العربية، كما حذرت الولايات المتحدة دمشق من ازدياد عزلتها الدولية، وقد دعا الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري ورئيس الدورة الحالية للجامعة على مستوى وزراء الخارجية إلى عقد اجتماع طاريء للجامعة على مستوى الوزراء بشأن سوريايوم السبت القادم.
من جهة أخرى أقر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي من حدوث حالات اختطاف لمعارضين سوريين في لبنان، مشيراً إلى أن القضاء يتعامل معها، وبرر عدم الحديث عن هذه الحالات خلال الفترة السابقة بأن الحكومة كانت لم تتشكل بعد، وكان المدير العام لقوى الأمن الداخلي أكد في وقت سابق تورط السفارة السورية في خطف المعارض السوري شبلي العيسمي في مايو/أيار، وأربعة أشقاء سوريين من آل جاسم في مارس/آذار خلال وجودهم في لبنان، ونفى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي ذلك.
كما استدعت إسبانيا سفير سورية المعتمد لديها ووجهت إليه تحذيرا إثر اتهامات بقيام "أعضاء من السفارة" بأعمال تنكيل وتخويف لمعارضين، كما صرح السفير البريطاني في دمشق بان سورية وصلت لمرحلة فظيعة وأن النظام يقتل شعبه، و اعتبر وزير الخارجية الألماني أن من الضروري ممارسة المزيد من الضغط الدولي على النظام السوري من المنطقة. هذا في الوقت الذي أدانت فيه موسكو تفريق التظاهرات في الشوارع باستخدام الدبابات وإطلاق النار عليهم من المدافع والرشاشات و وصف الموفد الصيني إلى الشرق الأوسط الأوضاع في سورية بالخطيرة. . وقد صرح رئيس الوزراء التركي بأن الأسد يتعامل بأسلوب والده والشعب سينجح بمقاومته المجيدة، و قالت مصادر دبلوماسية في العاصمة السورية دمشق أن البعثة الأمريكية في سورية باتت تعمل الآن بنحو ثلث طاقمها الاعتيادي.
قالت شركة بلو كوت الأمريكية المتخصصة بإنتاج نظم لمراقبة الانترنت إن سورية تستخدم النظم التي تنتجها لحجب المواقع المؤيدة للانتفاضة المستمرة في البلاد. و قالت مصادر أميركية مسئولة إن الولايات المتحدة تعتزم فرض عقوبات جديدة ضد شخصيات سورية سياسية واقتصادية خلال أسبوعين أو ثلاثة.
من جهته بينت دراسة اقتصادية حديثة إن الناتج المحلي الإجمالي في سوريا سيتقلص هذا العام بنسبة تتراوح من 10-20%، وطبقاً لمؤشر شدة الصراع السنوي الصادر في 12 أكتوبر عن شركة مابلكروفت المتخصصة في تحليل المخاطر ورسم خرائطها، فإن تصنيف سورية تراجع من "دولة متوسطة المخاطر" إلى دولة تواجه "خطر شديد" على المؤشر الذي يساعد الشركات متعددة الجنسيات على تقييم توجهات الصراع الحالية والمخاطر المحتملة التي قد تعوق التشغيل أو الاستثمار.
أما على صعيد الجاليات السورية فقد أدى مئات السوريين المقيمين في الأردن صلاة العيد أمام السفارة السورية معبرين عن تضامنهم مع أبناء شعبهم، وتأكيداً على أن الشعب السوري هو ذاته في الداخل والخارج، يجمعهم ألم ما يحدث وأحلام حرية منشودة باتت أقرب إليهم من أي وقت مضى.