القمح والسر والقوارير

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

[ رأيت أن أهدي هذا المقال الذي كتبته منذ سنوات إلى وزير التضامن الاجتماعي الذي  فشل في توفير الحاجات الأساسية للشعب ، واكتفي بالإقامة شبه الدائمة في استوديوهات الفضائيات والتلفزيون المحلي ليتحدث عن إنجازات وهمية ، ويجد في نفسه الجرأة ليقول : إن مصر لن تستطيع أبدا تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح . والمقال أيضا هدية إلى وزراء آخرين في مقدمتهم وزير الزراعة ووزير الري – هدانا الله وإياهم جميعا ] .

أجرت جريدة الأهرام فى عددها الصادر بتاريخ 15 / 6 / 2004 حوارا مع السيد " أحمد عبد الحميد " محافظ شمال سيناء للوقوف على استعدادات المحافظة لاستقبال المصطافين ومدى تغلب المحافظة على المشكلات الجذرية التي كانت السبب الرئيسي وراء عزوف المصطافين فى الإقبال على المحافظة , وأهمها نقص مياه الشرب العذبة وكثرة القناديل البحرية . لا يعنيني أمر المصطافين أو قناديل البحر فهذا شأن المترفين الذين يملكون المال بسهولة وينفقونه بسهولة , فضلا عن امتلاكهم وقت الفراغ بلا حدود .. يعينني فى حديث المحافظ فقرة مهمة تخص الشعب المصري وقاعدته العريضة من الفقراء والبائسين , كما تخص السلطة بوصفها كيانا يحرص على استقلاله وشخصيته الاعتبارية فى مواجهة الدول الاستعمارية الشريرة التي لا تكف عن الضغط , وممارسة التهديد السياسي والاقتصادي على الحكومة والشعب جميعا .

تقول الفقرة المهمة التي وردت فى حديث محافظ شمال سيناء : " أراضى وسط سيناء جيدة لزراعة القمح , وهناك نصف مليون فدان لم تستغل وخاصة منطقة السر والقوارير . يستطرد المحافظ : الأمل معقود على هذه المنطقة لتصبح سلة الخبز لمصر , وقد نجحت المحافظة فى زراعة ما يقرب من 75 ألف فدان بالقمح والشعير خلال العام السابق وكان المحصول أكثر من رائع إذ إنه تعدى المواصفات العالمية نظرا لخصوبة التربة , ولكن هذه المساحة كانت تروى بمياه الأمطار .. ولكن مع وصول ترعة السلام إلى هذه المنطقة فسوف يتم استغلال منطقة السر والقوارير لزراعتها بالكامل بالقمح والشعير . وأضاف المحافظ أن رئيس الوزراء وافق على تخصيص نسبة 10 % من الأراضي الواقعة فى زمام ترعة السلام لأبناء سيناء فقط , مؤكدا أنه بزراعة هذه المنطقة لن تكون هناك حاجة نهائيا لاستيراد القمح وسوف تحقق مصر الاكتفاء الذاتي , ولا أريد أن أتجاوز بالقول إنه يمكن أيضا التصدير منها " أ. هـ .

بشرك الله بالخير يا محافظ شمال سيناء .. هل سنكتفي ذاتيا من القمح ونصدر منه ؟ يا ليت .. والسؤال هو : لماذا لا يتم سحب جميع كليات الزراعة التي عزف الطلاب عن دخولها , إلى منطقة السر والقوارير , وتقام لهم بيوت متواضعة ويحق لهم أن يُسكنوا فيها آباءهم وأمهاتهم وأشقاءهم فيقللوا من زحام الوادي الذي لم يعد خصيبا , ويؤسسوا لإنتاج زراعي , وصناعي يقوم على الزراعة , فى هذه المنطقة التي تحتاج إلى تعمير و إسكان ووجود بشرى ؟

بشرك الله بالخير يا محافظ شمال سيناء , إذا أخذت على عاتقك تعمير هذه المنطقة بحملة الفئوس وراكبي المحاريث ورعاة الماشية وحالبي الألبان عساهم يجذبون سكانا وزوارا وعمارا وجيلا جديدا يؤمن بأن سيناء قلب مصر وليست حدود مصر !

( المعسكر 21- 6- 2004 م )