قراءة متأنية في قرار الجامعة العربية
بعد الغضب
بالشأن السوري ومظاهرات حلب
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
[email protected]
بعد أجواء الحزن العارم التي خيّمت على مشاعر السورين ، وحالة الخيبة التي أُصبنا بها جميعاً ، بمايُشبة حالة الصدمة لما نتج عن قرارات الجامعة العربية التي كان يتوقع شعبنا السوري العظيم من القرارات الحاسمة من الوزراء العرب بحق مايُسمى بالنظام السوري المتغطرس المُتمثل بعصابات آل الأسد القاتلة الفاتكة ، والمُتخلية عن أبسط الحقوق الإنسانية والقيمية ، والأخطر
إجراماً وبربرية ووحشية مما عرفته البشرية من مثل هذه الأنماط المتفلتة من أي رباط أخلاقي أو وازع ديني ، وما رافق تلك الأجواء من الحماسة والتأثر البالغ ، فقد آن الاوان أن نستعيد بعض الوعي لدراسة مانتج عن قرارات قمّة الجامعة العربية التي نتمنى عليها أن تكون على مستوى المسؤولية والحرص على الشعب السوري الذي يُسفك دمه ليل نهار ،
ولذلك سأقوم بعمل مقارنة لما ورد من القرارات ، وبعض ماجاء على لسان أمين عام الجامعة العربية السيد نبيل العربي عند لقاءنا به منذ يومين ، عمّا يحسه الشعب السوري المقهور من الاندفاع والحماسة لما يُتداول من مفهومية الشارع الثائر، لأعود مرة أخرى الى المنطق السياسي لا المندفع ، لأقرأ مُرغماً بالتاني بعد تواصلاتي مع بعض أعضاء
المجلس الوطني الممثلين للشعب السوري ، وأصدقائي من قادة الأحزاب السورية والسياسيين ، للتفاهم على المرحلة القادمة ، لأساليب المواجهة السياسية المحتملة وبالأسلوب العقلاني ، لأشكر السيد نبيل العربي على حُسن استقباله لوفدنا السوري أولاً ، من باب من لم يشكر الناس لم يشكر الله ، ولإرسال الجامعة العربية لمعتصمينا أمامها الماء وبعض
الأكل ، آملين من الإداريين في الداخل ألا يضيقوا بنا ذرعاً ، فاعتصامنا مفتوح الى أن نرى شيئاً على ارض الواقع ، يوقف حمام الدم الذي تقوم به عصابات آل الأسد
وقد جاء القرار الأول بما يلي : - التأكيد مجدداً على الموقف العربي المطالب بالوقف الفوري والشامل لأعمال العنف والقتل ووضع حد للمظاهر المسلحة والتخلي عن المعالجة الأمنية، تفادياً لسقوط المزيد من الضحايا والانجراف نحو اندلاع صراع بين مكونات الشعب السوري، وحفاظاً على السلم الأهلي وحماية المدنيين ووحدة نسيج المجتمع السوري.
وهذا القرار بكليته معني به المجرم بشار وعصاباته الأسدية ، وجاء ترتيبه في مقدمة البنود ، لما له من الأهمية لعملية التسلسل الترتيبي ، لنطرح هنا السؤال التالي : هل سيستطيع السفاح بشار ، ومن معه من
العصابات التي يُديرها هذا العتل شخصياً ، ان يُنفذ هذا البند بحذافيره ؟ وهنا سأتكلم سياسة وليس عاطفة ، وبرأي الشخصي وبعض السياسيين ممن تداولت معهم القضية ، ان هذا النظام المتغطرس والمتعطش لسفك الدماء كنزعة غريزية نشأت في هذه الأسرة الشئيمة ، لن تستطيع أن تكف عن جرائمها واستقوائها بلغة الإرهاب ، التي بشرنا بها أذناب النظام
على أن أسيادهم أقوياء بما يملكونه من أدوات القتل والتدمير والفتك ، وليس بلغة الإقناع أو التأييد ، وهي لاتفهم لغة إلا القمع والقتل ، لأن المظاهرات لم تكن في يوم من الأيام إلا سلمية ، وقد خان الله والرسل والأوطان من يدعي بعدم سلمية ثورتنا المباركة المجيدة ، إلا في بعض الحالات التي نشأت فيما بعد ، وتتطلب الدفاع عن النفس عند
الاعتداء على البيوت والمنازل ، لمن ملك السلاح الشخصي ، أو من الانشقاقات العسكرية في الجيش السوري ، الذي من مهمته حماية الديار ، وإذا به يقتل اهل الديار ، ويخرب بيوتهم ويفعل كل الموبقات ، ليتم استبداله بجيش وطني خالص ، ينشق عن القاتل ليحمي الديار والعرض والوطن ، ولا يوجد البتة مسلحين أو إرهابيين ، ولو كان ذلك موجوداً ، لاستهدف هؤلاء تظاهرات المسخرة التي تُجبر فيها عصابات الطغمة المتسلطة الخروج القسري للموظفين والطلاب للشوارع ، وبكل
الأحوال فإن المطلوب سحب الدبابات وكل أشكال المظاهر المسلحة ، والتخلي عن المعالجة الأمنية ، مما يُمهد لخروج التظاهرات الآمنة بشكل أوسع ، وحتى لايُقال ان هناك مُسلحين بين الصفوف ، على الجامعة العربية الضغط للسماح لكل وسائل الإعلام الدخول للبلد ، لنقل الوقائع وكشف تلك العصابات إن كانت موجودة في غير ذهنية النظام الكاذب ، وفي حال الرفض سندرك أن تلك العصابات ، ليست إلا شبيحة آل الأسد ، الذين قتلوا الى
يومنا هذا الآلاف من أبناء الشعب السوري
وأما القرار الثاني فهو : تشكيل لجنة عربية وزارية برئاسة معالي رئيس مجلس وزراء دولة قطر ووزير خارجيتها وعضوية كل من اصحاب المعالي وزراء خارجية كل من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية السودان وسلطنة عمان وجمهورية مصر العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية تكون مهمتها الاتصال بالقيادة السورية لوقف أعمال العنف والاقتتال كافة ورفع المظاهر
العسكرية كلها وبدء الحوار بين الحكومة وأطراف المعارضة لتنفيذ الإصلاحات السياسية التي تلبي طموحات الشعب السوري
وجزء من هذا البند متعلق بما قبله ، ونحن بدورنا لابد أن نشكر حكومة قطر وأميرها الهمام ، وجلالة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبد العزيز ، وكل من كان على شاكلتهما في الغيرة على الشعب السوري ، وأما
المختلف في القرار الثاني عن الأول ، هو الدعوة الى الحوار ، وبالفعل الحوار مطلوب ، ولكن على ماذا ؟ على تسليم السلطة الى الشعب ولاغير ، لأن الأيام القادمة لن ترحم هذا النظام المجرم ، إلا إذا قام على شيء واحد بما يُعرف بالصدمة ، وهو الاعتذار الى الشعب السوري عن جرائمه أولاً ، وثانياً
وقف إراقة الدماء ، والإعلان بانه سيغادر السلطة فوراً ، قبل ان تتمكن كل جماهير سورية للخروج في تظاهرات للفظه وأسرته الكريهة ، ثُم ليطلب السماح والسبل لعدم ملاحقته ، وفقط في هذه الحالة قد تؤمّن له الضمانة ، ونُعطيها إيّاه مع انه لايستحقها ، ويضمن هذا القاتل السلامة له ولأسرته ومن يُريد ، وغير ذلك سيلحقه العار والبوار ، ويعيش هو وأسرته عيشة الكلاب الجربانة الضالة والمسعورة ، والمطلوب القضاء عليها ،
وذلك بضمانة الجامعة العربية وامينها العام ، وبتفويت مثل هذه الفرصة فدونها الويل والثبور ، له ولأسرته وعصاباته ، وكذلك فإن الإصلاحات المطلوبة لاتعني بقائه على رأس الهرم ، بل تعني سقوطه السريع ومحاكمته ، وإن تتضمنت كتابياً بعض مافُهم ، ولكن واقعياً هو يكون في المذابل
وأما عن القرار الثالث الملزم وهو : إجراء الاتصالات اللازمة مع الحكومة السورية وأطراف المعارضة بجميع أطيافها للبدء في عقد مؤتمر لحوار وطني شامل بمقر الجامعة العربية وتحت رعايتها خلال خمسة عشر يوماً اعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار من أجل تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري والتغيير المنشود.
فإننا نحمد الله على رفض النظام له إلى يومنا هذا ، وقد مر على القرار أيّام ولم يجر أي حوار أو دعوة إلى الآن ، والوقت يفوت ، ولازال هذا النجس ينتهك القرار يومياً بمذابحه ومجازره ، وهو مايُدعم الفكرة عن عجز النظام لتطبيقة ، ومعنى ذلك أن لابوادر في الأفق لانصياع النظام ايضاً لهذا القرار ، مما
سيمهد للقرار الرابع وهو "قيام اللجنة العربية الوزارية المعنية بتقديم تقرير إلى المجلس في أقرب وقت ممكن، يتضمن تقييماً دقيقاً للوضع في سورية واقتراح خطوات التحرك المطلوبة لاحقاً، بما في ذلك ما يلزم لضمان أمن الشعب السوري " ولا أعتقد البتة أنه سيكون لصالح النظام ، او أنّ النظام سينفد منها ، مما سيُبقي المجلس في بنده الخامس
في حالة انعقاد دائم ، لمتابعة الموقف وتطوراته ، أي أنه سيذهب إن شاء الله الى جهنم وبئس المصير ، ولذلك سأقدم لأول مرّة نصيحة لهذا النظام المجرم ليس شفقة عليه ، فهو يستحق السحق ، ولكن لتخفيف إراقة الدماء ، أن يُبادر الى مايُعرف بخطوة الصدمة التي ذكرتها سابقاً ، لينجوا كما فعل سيء العابدين قبله ، او لينتظر مصير الجرز الكبير القذافي اللعين وأولاده المختبئين في أحد الجحور في ليبيا ، وسيتم اصطيادهم يوما
ما ، من احد مستنقعات المجاري
وأخيراً : لابد من التطرق لمظاهرات حلب التي وقعت بالأمس ، والتي لاتُدلل إلا على مدى حمق وغباء النظام ، والتي كما وصلني من خلال التواصل مع الداخل ، لأكثر من عشرين عينة أُجبرت على الخروج القسري ، حتّى أنّ
إحدى الفتيات من الطالبات كان عليها ان تخرج الساعة الخامسة ، ورفضت وهي تقول لأمّها والله لن اخرج وإن شنقوني ، وأنّ الأسرة تترقب زيارة الاستخبارات للتحقيق معها ، وقد اُستخدمت لإخراج البشر كل أنواع الترويع والإكراه والتهديد ، ومنها أن عدم المشارك متعاون مع عصابات المسلحين ، كما يُريدوا أن يوهموا المواطنين ،وإجبار الموظفين على أخذ تواقيعهم في الساحة ، والطلاب أخذ تفقدهم في نفس المكان ، ووضع العيون لترقب غير المشاركين ، بما نُسميها بمظاهرة المسخرة ، مع اننا لانعفي أولئك الخارجين
مهما كانت التحديات ، ومقاومة الطغيان في مثل هذه الحالات أولى ، وهي فرصة للتحدّي والتجييش ، ولكنها لم تُستغل ، لأقول لأهل حلب أحبائي وأصدقائي بانكم والله مسؤولون امام الله سبحانه ، وكل ماعليكم استحضار عظمته وما عنده من الأجر والخيرات ، لمن قدّم نفسه مجاهداً في سبيل الله ، خدمة لوطنه وأهله ن والله أكبر ، والنصر لشعبنا العظيم
أهم جرائم عصابات آل الأسد "النظام السوري :
* إنزال الدبابات والمجنزرات والمدرعات التي اُشتريت من أموال الشعب لجيش مطلوب منه حماية الشعب وليس لقتل الشعب ، إلى المدن والقرى السورية وقتلها عشرات الآلاف من المواطنين عام 1980 وتتويجها بالعمل الجبان الهمجي تدمير مدينة حماة فوق ساكنيها ، حتى وصل عدد ضحاياهم من المواطنين السوريين مايُقارب المائة ألف شهيد ، وعشرات الآلاف من المختفين داخل المعتقلات ، ونفي هذه العصابات لمئات الآلاف السوريين عن أوطانهم قسراً ، وملاحقتهم وذريتهم بكل
وسائل الخسة وأنواع الإضرار
* مجازره في لبنان بحق الفلسطينيين ، وأهمها تل الزعتر على عهد الأب ، وما يفوق عن العشرين ألف شهيد ، وأضعافهم من الشهداء اللبنانيين قُتلوا خسّة وظلماً ، وتوجها الابن القاتل بشار عام 2004 بقتل رمز لبنان رفيق الحريري رحمه الله وفضيحته في التنظيم المسلح فتح الإسلام
* استجلابه للقاعدة بالتعاون مع الإيراني ، وعمل الفتنة الطائفية التي أودت بحياة مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي
*مجازر رئيس العصابة بشار الجماعية في سجن صيدنايا بسبب انتفاضتهم احتجاجاً على تدنيس القرآن ومجازر في مناطق الأكراد وخاصة في القامشلي عام 2004 ، وعمليات الاختطاف الواسعة للمواطنين ، وقتل الكثير منهم في أقسام التعذيب التي سلخت جلود النّاس ، هذا عدا عن نهبه لأموال الدولة والنّاس ، وتعمده إفقار الشعب ، كما وأنّ النظام برأسه العفن مطلوب للعدالة الدولية ، ومعه 13 من أركان عصاباته ، ولكن حصانته كرئيس هي من يمنع جلبه لمحكمة لاهاي الدولية ،
والمتوقع مثوله إليها قريباً بإذن الله
* ، إرساله للطائرات الحربية المُحمّلة بأدوات القتل ، لتحصد أرواح المدنيين الليبيين ، دعماً لأبيه الروحي الجزّار المجرم المعتوه القذافي وأسرته اللعينة
* وكان آخر جرائم بشار منذ 15 آذار 2011 ، إطلاق شبيحته في أنحاء سورية وقوات الغدر والجريمة المُسماة بالأمن ، وقتله لما يُقارب الخمسة آلاف شهيد ، وخمسة وعشرون ألف مُعتقل على خلفية التظاهرات ، وتوجيه الدبابات والمدرعات وناقلات الجند التي لم يوجهها يوماً إلى جبهة الجولان المحتل ، ولا إلى المعتدين الذين قصفوا وانتهكوا الأرض السورية ، بل الى صدور الشعب السوري المسالم ، المطالب بحريته وكرامته ، لعمل المجازر وحرب إبادة على غرار ماحصل في
الثمانينات من فظائع وتدمير المدن ، وإطلاق القذائف الثقيلة باتجاه الأهالي الآمنين ، ليقتل أبناء شعبنا بالرصاص الحي مباشرة على الصدور والرؤوس ، وقلع الحناجر وقتل الأطفال ذبحاً بالسكاكين ، والمعدات العسكرية بما فيها الطائرات والسفن الحربية مؤخراً ، والتي تم شرائها من عرق الشعب وكده ، فلم يسلم من غدرهم ونيرانهم شيخ أو امرأة ولاطفل أو شاب ، وقد مُثل بالكثير منهم وهم أحياء ، وقتلوا بدم بارد ، وسادوية مُفرطة ، ومحاصرة المدن والقرى وتجويعها ، ومنع الإمدادات الإنسانية لها ومنع
الإسعاف، وقطع الكهرباء عن الخدّج ليموتوا من ظلم عصابات آل الأسد ، وكل هذا لم يفت من عزيمة شعبنا العظيم ، الذي قال كلمته الأخيرة .... الشعب يُريد إسقاط آل الأسد وما سُمي بنظامهم المشؤوم ، وهو اليوم قد حقق الإنجاز الأعظم إذ وصل الى مرحلة النهاية من عمر النظام بإذن الله .. ولا للحوار مع القتلة ولتسقط الدولتين المارقتين روسيا والصين عدوتا الشعب السوري والعروبة والإسلام.