المجلس الوطني بين حقيقة التمثيل ووهم التمثيل

المجلس الوطني

بين حقيقة التمثيل ووهم التمثيل

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

عندما نتابع تصريحات ولقاءات أعضاء وهيئات وممثلي المجلس الوطني الانتقالي السوري , نستطيع القول منطلقين من الحرص الشديد على انجاح هذا المجلس وليس السير في افشاله

وعندما نستعرض الحقائق الآتية سيتضح جلياً في الإجابة عن السؤال الآتي :

هل هذا المجلس يمثل الثوار في سورية , أم أن تمثيله ليس إلا تمثيل وهمي لايتعدى الألفاظ وبعيداً عن الواقع والتمثيل الحقيقي للثورة؟

فعندما تم الاعلان عن المجلس وذكر السادة الممثلين له في أنه يضم ثمانين بالمائة من المعارضة في الداخل والخارج , وخرجت المظاهرات في سورية وتحمل شعاراً واحداً في أن هذا المجلس يمثل الثورة , والناطقين في المجلس يقولون أنه المظلة السياسية للثورة , وهو صوت الثورة في المحافل الدولية .

حتى الآن لاأجد عندي أي اعتراض , وهو متوافق بين أهداف الطرفين , الثوار والمعارضة , هنا نجد أن الناحية الشكلية قد اكتملت في كيان الثورة وذلك بوجود ممثل سلطة لها تحت مظلة سياسية وهو ماتحتاجه الثورة بالفعل .

ولكن ظهرت تباينات أساسية بين أهداف المجلس وبين أهداف المتظاهرين في الداخل وصارت طلبات الثوار في الداخل على نقيض كامل مع تصريحات المجلس المشكل .

طلبات الثوار في لافتاتهم وشعاراتهم والتي يرفعونها في المظاهرات , والمطلوب من المجلس اعتمادها يمكن تلخيصها بالنقاط الآتية :

1-    دعم الضباط وضباط الصف والجنود الأحرار والذين انشقوا عن الجيش وعلى أن يكون نواة لحماة الديار بعد نجاح الثورة , وهدفهم هو تخلي الجيش عن اللانظام حتى يكون في غالبيته مع الشعب واسقاط عصابات الاجرام في سورية

2-    طلب الحماية الدولية , وعن طريق التدخل العسكري كالحظر الجوي مثلاً لحماية الشعب السوري , ومنها ايجاد منطقة عازلة تبدأ منها عملية التحرير

3-    الطلب من المجلس تشكيل قيادة متمثلة برئيس ولجنة تشريعية وتنفيذية , حتى يمثل مظلة حقيقية في المحافل الدولية لقيادة المرحلة القادمة , وأن يكون له مقر دائم

نلاحظ على النقيض تماماً أهداف المجلس المنشأ فهو أولاً :

1-    لايعترف بالجيش السوري الحر ولم نجد أي تصريح يدعم هذا الجيش وعلى النقيض تماماً من ذلك فإنهم ينادون ويدعون لبقاء الجيش متماسكاً , ولم يذكر أي مسئول منهم التأكيد على دعم الجنود المنشقين دعماً مادياً او لوجستياً ولا حتى معنوياً .

2-    عندما تذكر الحماية الدولية ويوجه السؤال لأحدهم فيقول نحن نطلب حماية دولية ودعم دولي عن طريق دخول مراقبين دوليين , ومنظمات انسانية وإعلام للداخل السوري , وزيادة العقوبات والعزلة الدولية , والكل يعلم ان العقوبات لايمكن أن تسقط نظام , والشاهد على ذلك كوبا وليبيا والعراق وإيران

3-    لم يستطع المجلس تشكيل قيادة سياسية  تشريعية ولا تنفيذية , ولم يتم انتخاب رئيس يتحدث باسم المجلس , وإنما مبعثر ومشتت وليس له مكان معين , حتى تكون قيادات المجلس في نفس المكان تتابع الأحداث الداخلية والخارجية لحظة بلحظة وتعد لها الخطط وتهيء لها الأمور للتحرك حسب ماتقتضيه الحاجة

يقودنا فيما تقدم أعلاه إلى مقولة مفادها (إذا كنت تعرف في قرارة نفسك أنك لن تكون أهلاً للزواج من أي امرأة , فلا تقدم عليه , لكي لايمتد الأذى ويصيب أناس هم أبرياءاً من جرائمك السابقة )

فالثوار وضعوا الثقة في المجلس والمجلس أعلن نفسه أنه سيكون عند هذه الثقة المعطاة له في هذه الظروف القاسية  , والثوار في الداخل يحتاجون لتبني شعاراتهم السابقة , وإن لم يتبنى المجلس تلك الشعارات والأهداف والمطالب لحمايتهم من القتل والبطش والقمع وحماية الآلاف من الجيش الحر بالطرق والوسائل التي هي من شعارات الثورة , فلن يطول الوقت حتى يتخلى الثوار عن هذا المجلس والبحث عن البديل

ولو أن النظام في سورية لبى طلبات المتظاهرين لكانت انتهت الثورة في حينها , وكذلك المجلس إن لم يسعى ويحاول جهده وطاقاته كلها لدعم طلبات وأهداف الثوار في الداخل , فسوف يصبح هذا المجلس والنظام في سلة واحدة من قبل رجالات الثورة

أرجو ان يعي المجلس هذه الحقائق حتى يكون تمثيله للثورة وللمعارضة تمثيلاً حقيقياً , وأن يكونوا بقدر المسئولية التي وضعوها على عاتقهم وأنهم قادرون على تحملها.