أرجوكم اصمتوا... فكلامكم كرصاصهم يقتلنا

د. خالد الطويل/كندا

بداية دعوني أن أوضح أمر هام بأنه لا يوجد أي عذر شرعي أو منطقي للإصطفاف خلف قاتل أعلن للملىء إجرامه, لكن لنكن واقعين بعض الشيء ونرصد لإخواننا بعضاً من أعذارهم. فهؤلاء الذين يدافعون عنه من الحلقة العائلية الضيقة يدركون في قرارة أنفسهم أنه اذا سقط سقطوا. وأما من يدافع عنه من الحلقة الأوسع وهي الطائفة, فيعذرون أنفسهم بأن سقوطه يعني أخذ جميع من في الطائفة على جريرته (وهذا طبعاً توقع خاطئ فلا تزر وازرة وزر أخرى). وأما أولئك المستثمرين والتجار, فهم شركاء وإياه في مص ثروات الشعب ,وبالتالي دعمهم له يصب لصالح تأمين مصالحهم العليا, ولو على حساب الطبقات الوسطى والدنيا, ودماء الشهداء وآهات الثكلى.

أما الصنف الأخير وهو محل حديثنا اليوم, فهم الموظفون الحكوميون, وهم الأغلبية الصامتة الخائفون إما على قوت يومهم ومستقبل أولادهم, أو على إمتيازات وظيفتهم من دخل عالٍ أو رتبة عسكرية أو سيارة حكومية أو...الخ, وهؤلاء لربما علموا أن في ظل الدولة المدنية الديمقراطية لن يعودوا إلى مناصبهم حين يطبق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب, وليس الرجل المناسب هو الرجل الممالئ الإنتهازي المنافق. فهؤلاء أيضاً ممكن أن نتفهم بواعث هواجسهم ولو أن تباطئهم لنصرة الحق يوحي بتواطئهم مع الباطل. أما الطامة الكبرى فتكمن بأن يقوم هذا الصنف الأخير بالتبجح علناً في مناصرة الطغيان, والدفاع عنه في كل زمان ومكان, وفي كل الأندية والمحطات وحتى الحيطان, فهذا مما لا يقبله عقل سوي عرف الله أولاً كخالق وحيد رازق واهب للحياة, وعرف أن حق الحياة مقدس في كل الشرائع والديانات, وعرف أن الظلم في الآخرة يصبح ظلمات.. ومع ذلك أبى إلا يناصر البغاة والعتات.

يا هذا... إذا لم تستطع أن تأخذ بالعزيمة الكبرى وأن تقول الحق بوجه سلطان جائر, أو لم تكن من ذوي الهمة العالية فتغير المنكر بيدك أو بلسانك أو حتى بقلبك, اذا لم تسطع فعل ذلك كله فعلى أقل تقدير إنزل الى مستوى الشيطان واسكت عن الحق, واصمت فكلامك كرصاصهم يقتلنا, ولا ترضى لنفسك أن تكون بوقاُ للشيطان يمجد إجرام النظام, ويبارك لعناته وكأنها آية من آيات القرآن, وتطنطن وتطبل وتزمر بكل قرار أو لجنة أو حتى دستور وما ذلك في الحقيقة إلا ذر الرماد في عيون العيان لإستدامة حكمه ولو على جثث الأنام. 

هؤلاءالذين وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز:"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم" . فكما ورد في تفسير الشعراوي بأن الذين يفعلون الفاحشة هم الذين يقومون بذنب كبير (كالزنى مثلاً) فيه متعة مؤقتة ولكنه معصية كبيرة , أما الذين ظلموا أنفسهم هم الذين أذنبوا من غير متعة, ووضح الطبري ذلك بقوله "فعلوا فاحشة فعلاً أو ظلموا أنفسهم قولاً". فرؤسائكم فعلوا كل أنواع الفحش والإجرام, وأنتم ما تفتئون تساندوهم بالأقوال, وتبررون كل فعل صادر عنهم وكأنها حركة ديمقراطية نحو الأمام. يا هذا ... لا يستطبب السرطان بالأسبيرين, ولا يرشى شعب بالفتات بينما الطغمة الحاكمة تسرق الملايين, ولن تغشى أعيوننا بعد اليوم شعارات الممانعة ووعود السلاطين, ولم تعد تقنعنا دسائس المؤمرات التي مافتئت وما تزال تظهر في كل آن وحين, فساعة الحقيقة أزفت بعدما ظننا أنها أثر بعد عين.

أقول لكل هؤلاء المدافعون.. هناك من سفلة المجتمع من إرتضى بأن يكون كالعصا بيد النظام في كل مكان يشبحون... فلا ترضوا لأنفسكم, أيها "المثقفون", بأن تكونوا كال... تهيمون في كل موقع الكتروني تنبحون...ففي عالم الأمم الشعوب تبقى والحكام تزول ... وستبقى على جبينكم وصمة عار لن تزول.