نظرة في كلمة مندوب النظام الأسدي

في لقاء وزراء الخارجية العرب

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

ألقى سفير النظام الأسدي كلمة مطولة ليلة السبت أمس في اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ في القاهرة لدراسة الوضع المتأزم في سورية جراء إجرام النظام الدموي بحق الشعب السوري المصابر ، وكان من أهم ادعاءاته وأباطيله ما يلي:

1-  أن النظام الأسدي الدموي ( سلطة شرعية قادرة على إدارة جميع شؤون البلاد وحماية أمنها ، وأنه الأمين على فئات المجتمع على اختلاف انتماءاتهم) ومن أين يستمد الحاكم سلطته الشرعية إلا من الشعب الذي أعلن بشكل صريح أن هذا النظام المجرم فقد شرعيته منذ أول قطرة دم سفكها وأولِ معتقل عذبه وسلمه لأهله قطعاً مدمّاة وأولِ هتك للأعراض ناهيك عن الفساد المستشري في الدولة والمحسوبيات الموزعة على آل الأسد ومن لفّ لفهم ، فحتى سفير النظام في الجامعة العربية هو زوج عمة المجرم الأول بشار أسد ، ولذلك تراه ينشر الأكاذيب المضللة يمنة ويسرة دون حياء ولا خجل .

2-  ادعى السفير أن نظام سيده في دمشق (عامل أمان واستقرار في المنطقة ..) وكيف يكون النظام القاتل عامل استقرار في المنطقة وهو عامل هدم وقتل وسرقة وسلب في بلدنا سورية التي يحكمها بالنار والحديد وقد قتل من شعبنا - الذي كان عليه أن يكون خادماً مخلصاً له يعمل لراحته وأمنه واستقراره – حتى الآن ما يفوق العشرين ألفاً بوحشية منقطعة النظير ويسارع في التدمير وسفك الدماء ظاناً أن الترويع والقتل يجعل الشعب خائفاً وذليلاً لسطوته وسلطته؟ ... وقد خاب مسعاه ..

3-  وفي كل يوم يطلع علينا رئيس النظام وزبانيته بقرارات ورقية لا تتجاوز حناجرهم وأوراقهم يدّعون فيها الإصلاح ، وهم أبعد ما يكونون عن الصلاح والإصلاح . فمَن يعتمد في حكمه على " الشبيحة والأمن المعتدي الموزع بكثافة في كل زاوية من شارع وزقاق وبلدة ومدينة وقرية تطلق الرصاص على المطالبين بحقوقهم الإنسانية وتعتقل كل حر يأبى الخنوع لنظام الساديّ بشار أسد كاذب ومدّع . أما آخر إفكه وكذبه فقرار جديد ينص على تشكيل لجنة وطنية لإعداد مشروع دستور جديد نزيهٍ نزاهة سيده البلطجي ونسأله أين كان هذا القرار يوم طالبه الشعب بدستور جديد فأبى وادّعى أن أنه لا حاجة للإصلاح السياسي في سورية، وقبل أن يطالب الشعب بإسقاطه بناء على تنكره لحق شعبه في أن يختار حكامه بحرية وفق دستور حضاري يحفظ حرية الإنسان وكرامته؟ ونتساءل لماذا أعطي لتنفيذ هذا القرار أربعة أشهر ، بينما لم يتجاوز تغيير الدستور نصف ساعة فقط لتعيين بشار رئيساً للجمهورية السورية؟!

4-  وفي كل يوم يعلن فيه النظام الكاذب أنه قضى على الثورة يفاجأ العالم بازدياد حدتها مطالبة بإسقاط النظام وتقدم كل يوم عشرات الشهداء الأبطال قرابين على مذبح الحرية والكرامة ، ويظهر كذب ادّعاء النظام في السيطرة على الأمور فيضطر لاجتياح المدن والأرياف مرة بعد مرة لترويع الآمنين واعتقال الناشطين وتغييب الشرفاء ؟

5-  والعجيب أن النظام الدعيّ يتهم الثورة السلمية بنشاط مسلح وبتبعيتها لأجندة خارجية ومن ثم تراه هو الذي يرسل شبيحته وجيشه وأمنه لقتل الناس وسفك الدماء ، وهو العميل الذي حافظ وما يزال على أمن الدولة العبرية ، وهو الذي يطالبها بدعمه ضد شعبه ويرسل في طلب النجدات منها ليظل الكلب الأمين على حدودها ( رمتني بدائها وانسلّت) .

6-   ولا يني النظام يتهم الثورة السلمية المطالبة بحقها الإنساني في الحياة الحرة الكريمة بتلقي مساعدات لوجستية من الخارج وهو الذي يسرق الشعب ويكدس الأموال المنهوبة في بنوك أوربا وأمريكا ، وقد ذكرت القناة الفرنسية أن للرئيس السوري الشريف جداً !! سبعين مليار دولار في بنوك فرنسا فقط ناهيك عن سرقات ضخمة في العالم الشرقي والغربي على السواء ، سرق وما يزال الرئيس الشريف ينهب الوطن حتى نزلت الليرة السورية إلى مستوى متدّنٍّ لم يسبق لها أن نزلت إليه.

7-  إن الحكومة الرشيدة تنشر الأمن في ربوع الوطن بالعمل على ازدهار الاقتصاد وعلى خدمة الوطن والمواطن ضمن أجندة مطروحة أمام الشعب ليختار - بناء على وعود الأحزاب المتنافسة على الحكم – أكثر الطروحات إيجابية ، إلا أن النظام البعثي استأثر بالحكم بالنار والحديد دون برامج عمل ولا خطة عمل يحاسب عليها ، ولقد ظل بشار أسد يحكم عشر سنوات ثم طالعنا أنه كان قد طرح رؤية لا برنامج عمل ، فالشعب قطيع حيوانات لا يستحق أن يختار رئيسه ولا حكومته بل هو عبد في مزرعة آل أسد يفعلون به ما يشاءون دون رقيب ولا وازع.

8-  وسفير سورية منزعج من عدم الشفافية التي اعتادها من الدول الشقيقة في الحكم على تصرفات النظام غير المسؤولة في التعامل الإجرامي ضد أبناء وطنه ، وكان على الأشقاء العرب أن يغضوا الطرف عن إجرامه المتعمد وأن يتجاوزا مفاسده ، وهكذا تكون المعاملة الشفافة !! التي ينشدها من أعضاء الجامعة العربية الذين هالهم بطش النظام وكثرة الدماء في بلاد الشام الحبيبة .

9-  ويدّعي سفير النظام الأسدي في جامعة الدول العربية (أن النظام لتحقيق إصلاحات داخلية يحتاج لمناخ أمن منضبط انطلاقاً من حرص الدول العربية على أمن النظام واستقراره) ويعجب النظام المتهالك من متابعة الجامعة العربية لكثرة القتل والاعتقالات التي يقوم بها النظام للحفاظ على أمن مجرميه الذين ظلموا العباد وسرقوا البلاد ، وكان يظن أن على العرب أن يتغافلوا عما يفعله من مآس في سورية من قتل وسحق وتدمير وكم للأفواه وإزهاق للأرواح ، وبعد قتل روح الأمة وسلب إنسانيتها يكون قد حقق إصلاحات رائعة يستحق عليها الشكر والتصفيق ....  ياله من نظام غبي وصفيق!  

10-  ولأن العرب كشفوا سفالة النظام الأسدي وأبدوا عدم رضاهم عن مجازره ومفاسده وكشفوا المستور فهم يسعون لتصفية النظام السوري الممانع لتصفية القضية الفلسطينية! ويسعون لتقديم تنازلات مشبوهة للعدو التاريخي في فلسطين المحتلة ويثيرون الخلاف والشقاق بين الأشقاء والتفكك في العالمين العربي والإسلامي . وفي النهاية يصلون إلى فقدان الهوية والمكانة والدور والأمل ... ولم ندر قبل هذه الزمزمة التافهة أن النظام الأسدي في سورية كان صمام الأمان في القضية العربية الفلسطينية !!

11-  ويطلب سفير النظام أن لا يتدخل العرب في التخفيف من مآسي النظام الدموي في سورية المصابرة لأن عملهم هذا تدخل في الشؤون الداخلية يمنع مسيرة الإصلاح الأسدي الذي آلى على نفسه أن يستأصل كل مواطن حر ليبقى كاتماً بمخابراته  وشبيحته وجيشه الطائفي الذي صنعه على عين الفتنة والفساد . ويدّعي النظام أنه يعمل للحوار مع شعبه المقهور ، ولا ندري كيف يكون هذا الحوار القائم على التصفية والاعتقال والسجن والقتل والتشريد ،وهل يصلح حوار طرفه الأول قائم على القوة العسكرية الغاشمة وطرفه الثاني مسالم لا يملك من السلاح سوى الصبر والمجاهدة ؟!. إنه حوار الطرشان  ليس غير. ويهدد النظام الدول العربية إن لم تتركه يفعل ما يريد بمصير وتبعات وعواقب ستشمل الجميع ، ولن يسلم منها أحد.

12-  ويحيي سفير النظام الأسدي في سورية حكومة الصين وحكومة الدب الروسي اللتين غلّبتا مصالحهما الآنية على مصالحهما الدائمة فأيدتا النظام المتهالك في سورية على الشعب الباقي ، وكان أولى بالصين وروسيا أن تكونا عاقلتين تؤيدان الشعوب الباقية على الحكومات الساقطة ، ولكن ما ذا تقول في الحكام الإغبياء الذين يؤذون شعوبهم ويلطخونهم بالعار والشنار ؟! حين يضعون لأيديهم بيد النظام الأسدي الدموي غير عابئين بالنهاية المظلمة للنظام ولهم أنفسهم حين أيدوه وناصروه فخسروا مصالحهم الدائمة بتصرفاتهم الرعناء غير المحسوبة ؟! .

13-  ثم يكشف السفير الأسدي في الجامعة العربية سراً خطيراً حين يدّعي أن أمن النظام والمخابرات اكتشف عند الثوار المسالمين قنابل يدوية وأسلحة رشاشات إسرائيلية ! شيء مضحك اعتاد الشعب السوري أن يسمعه بين يوم وآخر حين يتداعى جدار في بناء النظام المتهالك وحين ينشق بعض الضباط والجنود الشرفاء عن جيش النظام ويدافع هؤلاء عن إخوانهم وأبناء وطنهم ضد تخرصات نظام الخيانة والعمالة الأسدي الذي لا يملك من مقومات السيادة والشرف سوى الكذب والافتراء يحاول بها ستر فضائحه التي زكمت الأنوف .

14-  يقول الشاعر العربي :

      وإذا أراد الله نشر فضيلة          طويت أتاح لها لسان حسود

فقنوات (الجزيرة والعربية وال بي بي سي وأورينت وسورية الشعب )وغيرها عرّت النظام الأسدي وفضحت تصرفاته في كل زاوية وعلى كل قارعة ، وعرف العالم أن فضائيات النظام ( سورية والدنيا وأخبار سورية ) تتعمد الكذب والافتراء وكأنها النعامة التي طمرت رأسها في الرمال فترى السفير يهاجم القنوات الرزينة التي تنشر مخازيه ويتهمها بالفبركة والتجني ، ويحيي هذا المأفون هذه الفضائيات المنحطة ( والطيور على أشكالها تقع) أو قل ( والبهائم على أمثالها تقع) فهو لا يستحق أكثر من ذلك مع الاعتذار للبهائم المسكينة!.

15-  وأخيراً يلتمس سفير النظام في الجامعة العربية – بعد أن اتهم العرب كلهم وشتمهم  وهددهم – يلتمس منهم عدم السعي لتغيير النظام بناء على ميثاق الجامعة الذي ينص على احترام الحكم في كل دولة والتعهد بعدم القيام بأي عمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام . وهذا لب القصيد في كلمته وغاية المنى فيما يرمي إليه . ...

إن الشعب السوري هو الذي يسقط النظام الفاجر المتجبر ، ولن يرضى بغير ذلك ولو كلفه الكثير من التضحيات

  إذا الشعب يوماً أراد الحياة         فلا بد أن يستجيب القدر

نعم : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

وقد آلى الشعب السوري أن يكون يداً واحدة ضد الظلم والظالمين ، ولن يثنيه عن الوصول إلى هدفه أحد مهما كان ، وسيصل إلى هدفه المنشود بإذن الله ، وما ذلك على الله بعزيز