نافذة الخير
صلاح حميدة
تحت عنوان " نافذة الخير" يتم عرض برنامج جميل ومميّز جداً على فضائيّة الأقصى في موعد الإفطار، برنامج ذو مسحة إنسانيّة رائعة، يقدّمه شابّ يجيد تقديم البرنامج من باب عيشه لآلام ومعاناة النّاس الّذين يقدّمهم للجمهور، يقدّم الواقع المحزن والمفجع كما هو للمشاهد، ويضع النّاس أمام الحقيقة الغائبة عن أنظارهم، يبيّن مدى الفقر والفاقة والحاجة والمأساة التي تعيشها الكثير من العائلات الفلسطينيّة، عائلات تعيش في ظروف لا تليق حتّى بالحيوانات.
يوجد برامج مثيلة لهذا البرنامج على فضائيّات فلسطينيّة وعربيّة، تقدّم واقع ومأساة الفلسطينيين في مخيّمات قطاع غزّة ولبنان، وتقوم بمكافأتهم على أجوبة لأسئلة مسابقات، وهي بذلك تشعرهم بقيمة إنجاز الإجابة، وترفع عنهم حرج السّؤال، بل تفتح لهم أبواب الأمل بفتح مجالات لكسب الرّزق وتعمير البيت وتجهيزه وتوفير بعض الحاجيّات الاستهلاكيّة اليوميّة.
قد يحتجّ بعض النّاس بأنّ مثل تلك البرامج تشكّل إحراجاً للفقراء لأنّها تظهرهم للعلن أمام النّاس بواقعهم المزري، وأنّ هذا يعتبر أحد أنواع المنّ على الفقراء بالتّصدّق عليهم أمام الكاميرا، ولكن بالنّظر للموضوع من زاوية أخرى، نستنتج أنّ تقديم المساعدات عبر برنامج مسابقات أفضل من تقديمها على العلن بلا مسابقة، بل إنّ عرض مثل تلك البرامج على الفضائيّات له من الأثر النّفسي والمعنوي على المحاصرين في المخيّمات و يشعرهم بأنّهم ليسوا وحدهم، وأنّ هناك من يفكّر ويهتمّ بهم، كما يظهر هذا البرنامج للعالم كمّ الظّلم والقهر الّذي ألحقه هذا العالم بالشّعب الفلسطيني بدعمه لقيام الدّولة العبرية على أرض هذا الشّعب، فهؤلاء الفقراء قد يكونوا من أصحاب الأملاك في بلدانهم التي سرقت منهم وطردوا منها.
كما أنّ هذا البرنامج يشحذ همم أهل الخير ويدفعهم للتّحرك لدعم ونصرة الفقراء، فالكثير من هؤلاء لا يعلم عن وجود حالات مثل تلك في مناطق كقطاع غزة أو مخيّمات لبنان، فأنسنة المأساة ونقلها كما هي للمشاهد، تضعه أمام ضميره مباشرةً بلا حواجز ولا شرح ولا خطب ولا إعلانات ولا بيانات، وتدفعه لفعل الخير ورؤية نتيجة وأثر تبرّعه أمامه على التلفاز.
بقدر ما يعجب المرء بهذه البرامج الخيّرة، يزيد إعجابه بقطاع غزة ومن يعيشون في قطاع غزّة، فبالرّغم من حاجة الغزّيين للمساعدة، وبالرّغم من عيشهم تحت حصار وحرب وقصف وضنك عيش لسنوات، وفي الوقت الّذي يطعنون فيه في ظهورهم، من الغريب والقريب، تجد غزّة الصّابرة المحاصرة المقاتلة، تؤثر على نفسها، وتطلق حملة " الإيثار" لنجدة الشّعب العربي المسلم في الصّومال، فهل هناك أروع من أن تمدّ يد المساعدة للآخرين وأنت بأمسّ الحاجة لها؟ و بأيّ إسم يمكن تسمية هذه الحالة النّادرة في التاريخ؟.