كورييل يلعب مع الدراويش

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

تصرّ الأقلية النخبوية والطائفية على إشعال النار في الوطن الذي أفادوا منه على مدى ستين عاما، لم يكفهم كم الأكاذيب والافتراءات التي وجهوها إلى الإسلاميين بعد جمعة الردع التي انكشفوا فيها (29/7/2011) فراحوا بمنهج الصهيوني الخائن هنري كورييل يبحثون عن حليف ينفذ رغباتهم ، ويظهرهم بمظهر صاحب القول الفصل في مصير البلاد والعباد بعد أن كشفت جمعة الردع حجمهم الحقيقي . ومع أنهم أعلنوا مرارا وتكرارا أن الإسلام يجب تنحيته من الميدان ومن السياسة ومن الدستور ، إذا بهم يلجأون إلى حليف إسلامي لإنقاذهم ، وتحسين صورتهم ، مع أن هذا الحليف لا يعمل بالسياسة ، ولا شأن له بها ، وهم الطرق الصوفية أو الدراويش كما يسميهم الفلاحون في قريتنا ، بوصفهم من الناس الطيبين الذين لا شأن لهم بالدنيا وصراعاتها .

تلاميذ هنري كورييل وصبيانهم أصدروا البيانات النارية الملتهبة ضد الإسلاميين ، اعتمادا منهم على التحالف الجديد الذي راهنوا عليه ، وكالوا المزيد من التهم إلى التيار الإسلامي، ولم يكتفوا بذلك بل أعلنوا عن مطالب شاذة  وغريبة من الإسلاميين ..    

فقد أكد حزب توتو (التجمع ) ذو القيادة الشيوعية المخضرمة ؛ أن ما حدث من التيار الإسلامي فى جمعة 29 يوليو هو انقضاض على كل ما نادت به الثورة، ومحاولة لاختطاف الثورة وتحويلها إلى مسار آخر من شأنه تمزيق الصف الوطني. وطالب توتو(التجمع ) في بيان له أحزاب التحالف بإدانة موقف حزب الحرية والعدالة الخارج من عباءة جماعه الإخوان المسلمين بعد خروجه عن الوعود التي أقرها مع القوى السياسية في  مظاهرات جمعة 29 يوليو، ونادت بتأكيد وحدة الصف. وتضمن البيان مطالبة حزب "الحرية والعدالة "بتقديم اعتذار عما ورد منه خلال هذه الجمعة، ضاربا بعهوده مع القوى السياسية لإقامة دولة مدنية عرض الحائط ، كما أكد البيان أن ثورة 25 يناير التي راح من أجلها مئات الشهداء لم تكن لإقامة دولة الخلافة وليس لتمزيق وحدة الأمة !( اليوم السابع 7/8/2011م ، المصري اليوم 8/8/2011م).

ويستطيع حزب العدالة والحرية أن يرد على هذا البيان الشيوعي الذي يتجاهل أن مصر بلد مسلم ، هويته الإسلام شاء من شاء وأبى من أبى ، ولكن الذي يعنينا في هذا البيان مسألة الاعتذار التي يطلبها تلامذة هنري كورييل ، فالاعتذار يكون عن خطأ في حق الشعب المصري ، وهو ما لم يحدث على وجه الإطلاق ، ولكن الخطيئة التي ارتكبها ويرتكبها تلامذة هنري كورييل هي محاولة تجريد مصر من إسلامها ، وإقصاء الإسلاميين عن المشاركة في خدمة بلادهم وهم الأغلبية الساحقة بينما الشيوعيون المتأمركون أقلية تحملها بضع حافلات أو أتوبيسات ، لقد تحالف توتو تحالفا خسيسا مع التمرد الطائفي الذي أعلن عن دولة طائفية يتم بمقتضاها تقسيم مصر ، بالإضافة إلى طلب فرض الحماية الأجنبية والترحيب بالمبعوث الأميركي الخاص ببحث شئون الطائفة .. هذه الخطيئة بالإضافة إلى خطايا أخرى من قبيل خدمة النظام المستبد البائد واندماجه عمليا مع السلطة الفاسدة حتى صار فرعا للحزب الوطني المنحل ، والعمل مع أمن الدولة ، ورفض الخروج في بداية الثورة طاعة لأوامر هذا الجهاز هي ما ينبغي أن يعتذر عنه قادة توتو الشيوعيون المتأمركون ، ويفرض عليهم أن يتوبوا إلى الله في شهر رمضان الكريم !!( ألا يوجد محام مخلص محتسب يرفع دعوى لحل توتو مثل الوطني ؟ ) .

لقد تضمن البيان تحريضا سافرا رخيصا على الحركة الإسلامية وتشبهيها  بطالبان ثم انتقل البيان للقول في سخرية ممجوجة :إن غضب الشعب المصري فى ثورة ٢٥ يناير لم ينفجر لإقامة دولة الخلافة أو حكم «الإمام» أو لأن مصر دولة كافرة وهناك من قرر أن يهديها إلى الطريق القويم أو لنصرة أسامة بن لادن أو لإعلان انحيازها إلى أنظمة مثل نظام طالبان أو البشير أو ولاية الفقيه، أو بغرض نفى الوطنية المصرية واستعادة هوية مدعاة.

وهذا كلام سخيف لا محل له لأن مصر المسلمة هي التي تقود العالم الإسلامي وليس طالبان أو البشير أو إيران ، ثم إن طالبان أكثر شرفا ووطنية وإخلاصا من الذين يبيعون ولاءهم لصهيوني خائن أو حكومة مستبدة فاشية ، ويعلم خلفاء هنري كورييل أن الاتحاد الأوربي أقام خلافة مسيحية تسمح لأبناء أوربا بالتنقل فيما بينها بدون تأشيرات بعد أن وحد العملة والسياسة والقوانين ، وتكاملت دوله فيما بينها اقتصاديا وعسكريا !

أتباع هنري كورييل تحالفوا مع بعض الصوفية من خلال إحدى الطرق لحشد مليونية في التحرير ، وقال شيخها إنها في حب مصر وليست موجهة ضد أحد ..

وكان من عوامل الترغيب فى هذه المليونية أنها ستتضمن إنشادا صوفيا من أداء منشد صوفي شهير، ومشاركات قبطية مصرية احتفالا بصيام العذراء الذي جاء هذا العام فى شهر رمضان الكريم . بالإضافة إلى تنظيم أول وأكبر إفطار جماعي لرمضان في الشرق الأوسط تحت شعار "معاً نفطر ونصلي في حب مصر"، والدعوة لتسجيل أكبر إفطار في موسوعة الأرقام القياسية "جينيس" من خلال عدد الحضور ونوعية الإفطار بتسجيل أكبر "قِدْرة فول" وأيضاً تسجيل أكبر طبق لـ"القطايف" !

وقد اختلف الصوفية حول المليونية وظهرت بوادر انقسام فيما بينهم ، وقد أصدر المجلس الأعلى للطرق الصوفية بيانا بجلسته الطارئة مساء الاثنين 8 رمضان 1432هـ الموافق 8 أغسطس 2011م  ، رفض فيه كل حديث مزعوم عن مليونية صوفية مزمع عقدها إذ لم يصدر عن المجلس الأعلى أو رئيسه قرارٌ بذلك وأن ما أثير في هذا الشأن لا ينسب إلا إلى صاحبه ومصدره ولا شأن ولا علاقة للمجلس الأعلى للطرق الصوفية بذلك .

ويرفض جموع الطرق الصوفية وعددها 76 طريقة صوفية هذه المليونية المزعومة اللهم إلا عدد لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة من طرق صوفية معلومة ..   ويهيب المجلس الصوفي الأعلى بكل أبناء الوطن مسلمين ومسيحيين بالتكاتف وعدم الفرقة وعدم إثارة خلافات واهية تضر بمصالح الأمة وأنه لا وجود لصدام أو خلافات بين الصوفية وغيرهم من المسلمين وغير المسلمين.

لقد رفضت معظم القوى السياسية هذه المليونية الانتهازية التي يغذيها التمرد الطائفي المعادي للإسلام والمسلمين ، ويحركها أتباع هنري كورييل ، وينخدع بها بعض أبناء الطرق الصوفية ،وليس معقولا من شعب مسلم أن ينغمس في دعوة خبيثة لمليونية تريد تجريده من إسلامه باسم الدولة المدنية التي اكتشفنا أنها تعني الدولة التي لا دين لها ، أو بمعنى أدق الدولة التي تنبذ الإسلام وحده لأنها لا تستطيع الاقتراب من أي دين آخر ، بل إنها وهي تعادي الإسلام تتملق جميع الأديان ، ولو كان دين عبادة البقر !

إن أتباع هنري كورييل الصهيوني الخائن ، لا يكفون عن التشهير بالإسلام والمسلمين ، ويوظفون الفضائيات الرسمية والإمبراطوريات الإعلامية التي يملكها المال الحرام في الهجوم على الإسلام وأهله ويتكلمون كلاما خادعا للضحك على البسطاء ، ولكنهم لا ينجحون ، خذ مثلا ما قاله شيوعي متأمرك بائس لا يتواني عن هجاء الإسلام والمظاهر الإسلامية بدءا من إذاعة القرآن الكريم حتى جمعة الردع التي يسميها جمعة قندهار أو جمعة الجلابيب- نسي صاحبنا أن الجلباب هو الزي القومي لمصر التي سلمها العلمانيون إلى ثقافة سادتهم الغربيين في جانبها الرديء السلبي .

لقد جلس الشيوعي البائس أمام مذيع مرتزق جهول في قناة طائفية يلوك كلاما سمجا عن ضياع قيم المحبة في  مصر وسيادة الكراهية التي ترتبط بالمسلمين الذين يكرهون الآخر (؟) ، ويريدون أن نعيش في تورا بورا ، وقال كلاما فجا عن أفغانستان القادمة التي ستحل على أرض مصر لو حكمها الإسلاميون ، وانطلق يقول بوعي أو لاوعي – لا أدري – أن السعودية هي الخطر الأكبر على مصر (!) ، ولا أدري هل أوصاه هنري كورييل بالاعتقاد أن الكيان الصهيوني ، وماما أميركا يمثلان بردا وسلاما على مصر ، وأنهما يريدان لها الخير الذي لا يريده السعوديون ؟

بالطبع فإن المذيع المرتزق الجهول جارى الشيوعي المتأمرك الذي جمع حقد الدنيا على الإسلام وكل من ينتسب إليه في كلماته وملامحه وحركاته ، وجلس فاتحا فمه ولم يراجعه في كلمة من الكلمات الشيوعية البائسة التي انطلقت من فم حاقد وقلب لا يحب الله ورسوله ..

ترى هل يتوقف أتباع كورييل عن تعطيل الانتقال من الحكم العسكري إلى الشعب ، وبناء الدولة الديمقراطية التي يشارك فيها أبناء مصر جميعا ؟

لا أظن !