محاكمة مبارك... عظة وعبرة
د. عامر أبو سلامة
هاهو حسني مبارك, رئيس مصر الأسبق, وراء القضبان, هو وأبناؤه, أذلاء لاحيلة لهم, ولا يستطيعون تغييراً ولاتحويلاً, هاهو حسني يحاكم, وبالأمس كان يتغطرس
ويتكبر, ويلوي أعناق الحقيقة, بكل مستوياتها, يغالط, يزيف, يبطش, يهدد, يقتل,
لايسمع نصحاً, ولايلوي على أحد, يزور علناً, ويطلب من كل الأمة أن تعترف له
بالنزاهة والعفة والشرف الرفيع, هاهو حسني مدهوشاً حائراً وراء القضبان, وما كان يظن أنه في ساعة من الساعات, يمكن أن يكون في هذا الموقف, غفلة وكبراً,
وفي هذا جملة من العظات والعبر, لحكام سورية, وعلى رأسهم بشار وكذلك للناس جميعاً, وهم يرون أحد طغاة العصر, على هذه الصورة, ومن هذه الدروس ما يأتي:
علينا أن ندرك جميعاً, بأن دوام الحال من المحال, والأيام دول, والدنيا يوم لك ويوم عليك, ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك, والأمور كلها بيد الله عز
وجل, فلو أدرك كل إنسان هذه الحقيقة, وصدق بها, لكانت أوضاع الناس على غير الصورة التي نحن عليها, لو كان ذلك كذلك, لما طغى بشار وأمثاله, ولما تكبرت أجهزة الأمن على أحد, ولا سامت الناس سوء العذاب ولما عذبتهم , بتلك الهمجية التي يعلمها القاصي والداني, من أساليب ووسائل وطرائق......فهل من متعظ؟؟!!
إن الليل مهما طال, فلا بدّ من الصبح, وإن عاقبة الظالمين وخيمة, وإن الله تعالى, سيأخذهم أخذ عزيز مقتدر, وفي هذا بشرى للمنكوبين والمظلومين, والمقهورين, بأن الفرج قادم وقريب, وهنا ننادي شعبنا في سورية, لنقول لهم: نعم لقد أوذيتم أذى عظيماً, من هذا النظام المجرم, قتل منكم كثيراً من الأبناء والآباء والإخوة والأخوات, الصغار منهم والكبار, الذكور والإناث, سجن عشرات الألوف, شرّد بمثل ذلك العدد أو أكثر, فرض حالة إرهاب على شعبنا السوري, حتى صارت سورية مملكة خوف, ودولة رعب, لكن علينا أن نثق بوعد الله تعالى, وأنه في القريب العاجل- بإذن الله- سوف ترون بشاراً ورموز نظامه, وراء القضبان, وسوف يحاسبون حساباً دقيقاً على ما اقترفته أيديهم من جرائم في حق هذا الشعب الطيب, وسينزل بهم العقاب الذي يليق بطبيعة الجرائم التي ارتكبوها.
أبشر يا شعب سورية, بالفرج القريب, وبالنصر الأكيد, فلا تخافوا غطرسة النظام وكبره, وعتوه وقسوته, ودباباته ومدفعيته, وشبيحته ومخابراته, رغم كل ما يبدوا من مظاهر القوة, فهي عجز وحيرة وعمه وتخبط وضلال, وإعلان نهاية لهذا النظام, بعون الله تعالى, وكما يقول العامة: إذا مطرت أرض بشرت أختها.
الباطل مهما انتفش فلا بد له من نهاية, والمجرم مهما لف ودار لابد له من ساعة, والمنافق مهما تلون, لابد أن يلبسه الله لباس ما أبطن, ويفضحه على رؤوس الأشهاد, وواضعوا الأقنعة لابد أن تزال, أو تهتريء, ويقفون أمام مرآة الحقيقة, وجهاً لوجه, فأين المفر؟؟!!!
يظن المجرمون أنهم مخلدون, وهم بمنأى عن الموت أو القتل أو المحاسبة, أو المحاكمة, كل واحد منهم يحمل في طيات نفسه, معنى( الحاكم بأمر الله) بصورة أو بأخرى, لذا تراه على هذه الصورة التي يشاهدها كل الناس, حتى يأتي أمر الله وهم كذلك.
اتعظوا بفرعون, وما وقع له, خذوا العبرة لما حصل للنمرود, ألم يكن أبو جهل وما وقع له وحل به, درساً يجب أن يستفاد منه؟؟
أين هتلر وموسوليني وشاوشسكوا, وغيرهم من أكابر مجرميها؟؟ الذين قتلوا ال آلآف المؤلفة من البشر؟ رحلوا واللعنة تلاحقهم في كل مكان, فهل من معتبر؟!
ماضر حسني وأمثاله, لو ساس الناس بالعدل, وقادهم بقانون الحرية, ومنحهم مساواة المواطنة, ورفههم بحدود الإمكانية, ماضر حسني لو لم يزور الإنتخابات, وحقق نظرية في السياسة تكون خيراً له, وتعود على الشعب بالإستقرار, ما الذي كان يجري لحسني لو لم يعتقل ويقتل؟ لو فعل الخير المراد وعمل صالحاً, واتقى الله.
لو فعل هذا الخير, لضرب أروع المثل في هذا الشأن, ولسطر ذكره في عداد الخيرين, ولحمله الناس على الأكف, ولفدوه بأرواحهم, بدلاً من هذه الصورة المهينة التي نراها, فهل من متعظ؟؟
ولكن الله لايصلح عمل المفسدين, الذين لاهم لهم إلاّ أنفسهم ومن حولهم, ويحولون البلاد إلى مزرعة, كأنهم ورثوها عن آبائهم, فيمنون على الناس بفتات ما يبقى على موائد أولادهم.
ويخزي الله الظالمين, ولو ملكوا ما ملكوا, ويرفع الله قدر المظلومين مهما طال الزمن, وتعقدت الظروف, وتعالى أصحاب الباطل.
وهكذا لابد من ساعة تنجلي بها الحقيقة, وتظهر فيها معالم الحق, وتبرز شمس الفضيلة والكرامة, بلا لبس ولا غيوم, رخية رضية ساطعة على رؤوس الأشهاد, يراها الناس جميعاً, فيحق الحق, ويبطل الباطل, وهنالك يفرح المظلومون بنصر الله, ويسعد المكلومون بالفرج المبارك, ويبقى الخزي والعار يلاحق هؤلاء الذين أفسدوا وأجرموا, ويسطر تاريخهم, بصفحات سود, بينما المصلحون والمظلومون, يسطرون بصحائف من نور, وهكذا المشهد يتكرر, في كل زمان ومكان, والسعيد من اتعظ بغيره, والشقي من أتبع نفسه هواها, وكان عبداً لذاته وشهواته.
ويا سبحان الله!!! ما أسرع الحسم الإلهي, وكيف أنه بين عشية وضحاها, يغير الله من حال إلى حال, يعز من يشاء, ويذل من يشاء, يرفع من يشاء, ويخفض من يشاء, يؤتي الملك من يشاء, وينزعه عن من يشاء, بيده الملك وهو على كل شيء قدير, فيا خسارة المحجوبين.