ملف مهم عن تعمّد قهر حلب وأهلها وإذلالهم
ملف مهم عن تعمّد قهر حلب وأهلها وإذلالهم
مشاركتي الدكتور حسان نجار كما جاءتا حرفياً لنعلم كم من الغبن والظلم لحق بحلب وأهل حلب
دكتور حسان نجار
رئاسة اتحاد الأطباء العرب في أوروبا
الأستاذ عامر العظم رئيس الجمعية للمترجمين واللغويين العرب يرغب في المقارنة بين مدينة حلب ودولة الأردن.. أو فلسطين . سأحاول وباختصار المقارنة بين حلب والأردن من جانب واحد ، وهو الجانب الأكاديمي ، كوني طبيبا من أبناء حلب ، وأتنقل بشكل مستمر بين ألمانيا وحلب ، وقبل خمس سنوات درست مع بعض الزملاء وضع التعليم العالي وإمكانية تأسيس جامعات خاصة في سوريا وبشكل خاص في حلب ، وبشكل أخص تأسيس كليات للعلوم الطبية وهي مفقودة في حلب والمنطقة الشمالية والشرقية . وللمقارنة فان الأردن تملك ( 25) جامعة خاصة وسوريا تسعة جامعات فقط، جامعتان أو ثلاثة سمح لها بافتتاح كلية الطب وطب الأسنان ، علما أن طلابنا يهاجرون إلى خارج سوريا لعدم استيعابهم في بلدهم .وقد سبق وأن وجهت رسالة شكوى إلى السيد الرئيس الدكتور بشار شرحت خلالها المتاعب التي تعترض اتحاد الأطباء العرب في أوروبا والذي كنت أمثله ، في تأسيس جامعات خاص ، وقد وفقنا بافتتاح جامعة الأندلس الخاصة للعلوم الطبية ، وكانت رغبتنا أن تكون في حلب ، ولكن الموافقة أتت إلى المنطقة الغربية . ومنذ قرابة العامين نحاول تأسيس جامعة الشهباء الخاصة للعلوم الطبية في حلب ، ورغم حصولنا على الموافقة المبدئية إلا أن المشروع جمد من قيل وزارة التعليم العالي .إنني على يقين بأن أهم أسباب تقدمنا هو القناعة بأهمية التعليم العالي ، وعندما لاتتمكن الحكومة من متابعة تأسيس الجامعات ، فلتترك المجال للقطاع الخاص بإمكانيته المالية والعلمية ، وخاصة علاقاته الخاصة المتميزة مع الجامعات الأوروبية والأمريكية ، إلى جانب الآلاف من علمائنا المبعثرون في أنحاء العالم . واني على استعداد إذا ماأعطيت لنا الموافقة من قبل وزارة التعليم العالي بتأسيس جامعات خاصة ، فسنتمكن باذن الله من افتتاح كليات للبحث العلمي وأخرى تضاهي كليات أوروبا ومشافي متميزة ، ولن تكون هناك ضرورة لسفر مرضانا إلى الأردن قصد المعالجة ، الأردن هذه الدولة التي أفتخر بأنها وصلت خلال ثلاثين عاما الى الصدارة العلمية ، علما أنها كانت قبل ذلك دولة عشائرية، التعليم فيها متواضع للغاية .
دكتور حسان نجار
الرسالة الثانية
عودة إلى موضوع حلب وتأسيس الجامعات ، إلى جانب عودة اللحمة إلى الشعب السوري والوقوف صفا واحدا وبكل جرأة لرفع مستوى التعليم العالي في سوريا .
حين قرر اتحاد الأطباء العرب تأسيس جامعة الشهباء الخاصة للعلوم الطبية في مدينة حلب بالتعاون مع جامعة حلب ، انتظرنا مايزيد عن العام دون نتيجة تذكر ، وفي الحفل الذي أقامته وزارة المغتربين في دمشق ، سلمت السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد رسالة باليد شرحت فيها الصعوبات والعقبات التي تحول في تأسيس جامعة الشهباء الخاصة ، ومن جملة ماذكرته للرئيس أن الايجابيات من إقامة مثل هذا الصرح الكبير هو إعادة العقول العربية المبعثرة في أوروبا ، ودعم الاقتصاد بتحويل الأموال بالعملة الصعبة وكذلك تشغيل اليد العاملة والكف من نزوح طلابنا للدراسة في الخارج إلى جانب عمل تآخي مع جامعات علمية ذات شهرة عالية ... والحق يقال أنه لم تمض سوى ثلاثة أشهر حتى وردت رسالة من وزير التعليم العالي مفادها : بناء على الرسالة الواردة من اتحاد الأطباء العرب في أوروبا بإنشاء جامعة الشهباء الخاصة ... وقد فهمنا أن الرسالة المسلمة باليد إلى السيد الرئيس أعطت نتيجة ايجابية ... وبعد عدة لقاءات مع جامعة حلب جمد الوضع من طرف الوزارة ؟ والخطوة الايجابية الأخرى هي عودتي إلى بلدي سوريا بمرسوم جمهوري خاص عام 2001 .
ومن على منبركم أناشد السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد أن يصدر عفوا عاما على جميع المغتربين ، واني على ثقة وحسب خبرتي وتجربني أن الغالبية العظمى ستعود فرحة مستبشرة بالعودة إلى الوطن . وأؤكد أن غربتي التي قاربت بمجموعه الخمسين عاما ، أحس وأشعر وأفتخر أني سوري ، عربي ، مسلم وأن عشرات الألوف من المغتربين خارج سوريا يحنون للعودة وخدمة بلدهم وشعبهم
دكتور حسان نجار
ورد عليه السيد رئيس الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب بما يلي :
الأخ الدكتور حسان نجار
أشكرك على هذه المداخلة، كلنا أمل أن يعود أمثالك من العلماء لبناء سورية الحديثة بعيدا عن الخوف والشلل والبيروقراطية السائدة حاليا..اليوم وأنا استطلع موقع "دمشق أونلاين" وخريجي مدارسها وجامعاتها...
http://www.damascus-online.com/48/schools/deirezzor/furat.htm
أن مئات السوريين يذهبون إلى صنعاء للدراسة ..وهذا يؤكد على وضع التعليم المترهل في سوريا اليوم. اذهب بنفسك إلى الجامعات السورية التي تتحدث عن حزب البعث (حزب الموت الشامل!) أكثر من العملية التعليمية، هذا فضلا عن نفسها الطائفي البغيض
وردت عليهما حينها
المقارنة بين حلب وعمّان هي مُقارنة ظالمة بكل المعاير ، فكلاهما مدينتان ذواتا تاريخ ، ولكن الفرق بينهما بأنّ الأولى مغضوب عليها طائفياً بقصد التجييش !!! وضع على الطائفياً ألف إشارة تعجب والثانية عمّان يحكمها ملك أبى الا تطويرها مع قلّة إمكانيات بلده
ولازلت اذكر عندما قدمت من لبنان الى عمّان بداية عام 1981، وجدتها بحينها مُقاربة لحلب ، ولكن بالنسبة الى بيروت كانت مُتخلفة عنها نوعاً ما ، ولكن كانت بحينها كما علمت تجري عليها الدراسات الجدية لتحويلها الى ورشة عمل لخطّة ما ؟ لم أكن أعرف أبعادها ، تُمّ غادرت عمّان بعد سنتين الى اليمن وعُدت اليها عام 1995 ، وقسماً بالله لم أعرف السير في طرقاتها ، وأنا الذي عشت فيها مايزيد عن السنتين وسكنت في مُعظم مناطقها ، فرأيتها قد انقلبت رأساً على عقب حتّى صارت عمّان عروسة الشرق ودرتها ناهيك عن نظافتها، فرأيت بنية تحتية قوية ، وشوارع عريضة وأنفاق وجسور وتوسع عمراني مّذهل لم أكن أُصدق ما أرى ، وحدائق ومنتزهات مُذهلة ، بينما حلب المغضوب عليها أذهب بنفسك وانظر بنيتها التحتية المتهرئة التي بُنيت ايام الفرنسيين والحكم الوطني الديمقراطي ، وانظر إلى قذارة وضيق شوارعها وازدحاماتها وأي مشاريع عُملت فيها ، سوى المصانع الخاصة التي بُنيت فيها لتكون مذبلة سورية من بواعث الدخان والمُخلفات الكيماوية دون أن يستفيد أهل حلب إلا القليل منها ،ثُم اذهب وانظر ماذا فعلته السلطة الغاشمة فيها على مدار أبعين عاماً من سلطة الحديد والنار والإرهاب ، عندما جوّعت أهل القرى والمدن المحيطة السنية حتى لجأ الناس إلى حلب العجوز في بنيتها التحتية المهترئة علهم يجدون مأوى أو سكنا أو مايسد جوعهم ، فاكتظت المدينة ، وازدحمت إلى درجة لاتطاق ، والدخان وتلوث الهواء على أشدّه ، واذهب إلى حلب لتسمع مليون قصّة وقصّة عن ظلم هذا النظام لتلك المدينة وأهلها
وعلى المقلب الآخر اذهب الى القرداحة وبعض المناطق الغربية ، وانظر إليها كيف صارت من العدم إلى المكان الهادئ الرومانسي الذي يلجئون إليه من ازدحام المدن ، وعليك أن تُقارن بين الخدمات هناك في مناطق العلويين المنتفعين والخدمات هنا في مناطق السُنّة ، لترى كم هو الفرق شاسع وواسع ، فأماكن العلويين التي يرفض أهلها هذا التمييز صارت للاسترخاء ولكل مُتع الحياة لهم فيها ، بينما مناطق السُنّة كل القهر والاضطهاد والقرف والمحاربة ومنع المشاريع ، وأقلها الكهرباء التي يكثر فيها انقطاعها ، مع حماوة الصيف وزمهرير الشتاء
وانظر الى كلام الدكتور النجّار وكيف أنّ المشاريع المُهمّة ممنوعة في المناطق الشمالية وتعني حلب وحماة وادلب وحمص ، والشرقية تعني الحسكة ودير الزور والقامشلي لأن في غالبيتهم من السُنة العرب والأكراد ، بينما الموافقة جاءت إلى المناطق الغربية مناطقهم فقط التي نُرحب بأي مشاريع فيها ، ولكن على أساس تساوي الفرص ، لكي يستفيد منها المنتفعين من هذا النظام بغية التجييش الطائفي
وعلى الرغم أن المشاريع خاصة ، وبجهود ابناء الوطن لكنها ممنوعة عن تلك المنطقتين الشمالية والشرقية ، بمعنى لارحمة تتنزل علينا ، ولايتركوا رحمة الله تأتينا ، وهذا هو واقعنا ، ولمن لايُصدق فعليه أن يعاين ذلك على الطبيعة ويرى
فلا خطط خمسية طموحة مرسومة لتنتشل حلب من بؤرة التلوث والكارثة البيئية الخطيرة المُحدقة بها ، ولا جهد قومي لانتشالها مما يُحاق بها من عمليات التجهيل والتهميش ، أو رفد خدماتها لتكون حلب كما كانت مركزاً للإشعاع والنور والعطاء والفكر والإرتقاء
فأرجوك يا أخ عامر لاتعمل مثل هذه المُقارنة ثانية ، لقد فتقت جروحاتنا ، وأنا تقصدت الابتعاد عن جوابك ، ولكن أمام إلحاحك وجدت لزاماً علي أن أجاوب
ولتأتي أنت أو أي مُستثمر إلى صنعاء بقصد الاستثمار في المكان والزمان الذي تُريد ، ليُقدموا لك التسهيلات ، وفي أي منطقة تُريد إلا المشاريع الصناعية ، وانتبه لهذه الكلمة !!!! فيجب أن تكون في أماكن بعيدة عن المناطق الآهلة بالسكان ، بينما حلب التي صار أهلها يُعانون من الأمراض التي لم تكن معروفة بفعل الفوضة الخلّاقة التي ابتدعتها السلطة لايذائنا ، وبفعل المصانع التي بنيت بقصد الإضرار بأهلنا في حلب الشهباء ، هذا عدا عن التعامل اللا أخلاقي مع أهلنا لكونهم من السُنّة
فلك الله ياحلب الشهباء يادرّة الشام وعاصمة الجهاد وصد الغزاة لتتحولي الى مكان لتصفية الأحقاد والأغلال من الأسرة المتسلطة على رقاب الناس
ليرد علي السيد رئيس الجمعية عامر العظم بالقول :
الأخ مؤمن كويفاتية،
وجهنا عدة أسئلة إلى وزير التعليم "العالي" السوري الدكتور غياث بركات:
1. كيف تفسر وجود 25 جامعة في الأردن و11 في فلسطين و 9 في سوريا التاريخ والحضارة؟!
2. كيف تفسر واقع المواقع الصحراوية الهزيلة والرثة للجامعات السورية؟
3. ما ردك على اتهامات التمييز الطائفي في الجامعات السورية؟
4. كيف ترفض طلب تأسيس جامعة في حلب وتحولها إلى المنطقة الغربية؟!!
5. أليس من حق طالب الترخيص إعطاءه الترخيص حيث يريد؟!
6. هل المنطقة الغربية أهم من حلب الأعرق والأكثر سكانا؟!
7. كيف تجمد طلبا بتأسيس جامعة الشهباء في أكبر مدينة سورية (6 مليون نسمة)؟!!
8. أليس قرارك قرار خائف أو خاضع للإرهاب والفكر الطائفي الذي دمر الشعب السوري؟!!
مشاركتي الثالثة بهذا الخصوص
ولنعود بحديثنا للدكتور حسان النجار حفظه الله ، لنكتشف من بين ثنايا كلامه مظلومية المدن السورية ولاسيما مدينة حلب الشهباء التي تكلمنا عنها كنموذج ، بينما المدن الأخرى السنية التي هي أكثر بؤساً وشقاءاً ومظلومية ، وإذا تكلمنا فيما بعد عن القرى السورية العلوية والسنّية ، فسنجد الفرق أكبر بكبير وفرقاً شاسعاً وواسعاً ، وأعتقد لمن أُجبر بأن يذهب الى منطقة القرداحة لتقديم واجبات الطاعة للرئيس حافظ الأسد حيّاّ وميتاً يُدرك الفرق بين تلك المنطقة والقرى المحيطة بها ، وبين القرى السُنّية ، ومن يجرؤ على التكذيب فليتفضل ، وهذه أشياء مُسلمة بها ، كما هو الحديث عن سبّ مقدساتنا وديننا ومحمدنا وكل مايمكن إغاظتنا به في عُمقنا الممارس في أقسام الاستخبارات بجميع فروعها وفي المُعتقلات ، ومن قبل كبار ضباط الجيش لقهر جنديننا وتكسير معنوياته ، وتعويده بأن لاطاعة لك في سورية إلا للأسرة الحاكمة ولا سواها مهما كانت ، ظالمة أو متألهة او.... وعليك أن تكون منقاداً رغم أنفك
وكما جاء في كتاب الأسد لباتريك سيل الذي قبض عليه كما قيل كمكافأة مليون دولار ، والذي كانت مصادر معلوماته جميعاً من أركان النظام وحواشيه وليس هذا الكلام تعدياً من عندنا على ماجاء في معناه ، بأننا نحن بجميع علّاتنا وقهرنا للشعب ونبذه لنا كأسرة و.... ، ولكننا سنحكم رغماً عن أنوفكم بقوة الحديد والنّار و....
أرجو أن يسمح لي الأخ عامر والقراء الأكارم أن أطرق موضوعا له أهمية خاصة ومن الواقع الذي لمسته بنفسي ، وله علاقة غير مباشرة على المواضيع التي تطرق أحيانا على شبكة واتا .
الموضع هو تركيا بين الأمس واليوم : غادرت مدينتي حلب لدراسة الطب في استانبول عام 1952 وبقيت فيها حتى عام 1959 حيث حصلت على الدكتوراة ، ومن ثم سافرت الى ألمانيا بقصد الاختصاص .وأختصر الوضع عن الماضي : 1- كانت تركيا من الناحية الاقتصادية أسوأ دولة في منطقة الشرق الأوسط .2- كان الطلبة السوريين أمثالي يهربون بعض المواد كالألبسة القديمة ويبعونها في سوق في اسنانبول اسمه ( بيت بازاري ) أي سوق القمل ، وكنا نعيش أشهرا نتيجة بيعنا المواد المهربة .3- كان الحجاج الأتراك العابرين من حلب الى تركيا يشترون الكثير مما لايوجد عندههم ويربحون من ورائه .4- كان الشعب التركي في بداية الخمسينات يحترمون ويجلون العرب أمثالنا ، وقد قدر لي أن أسافر مع عدد من الطلبة العرب الى احدى القرى الواقعة على بحر ايجة ، وكان الوصول الى مثل هذه القرى عن طريق ركوب الحمير لعدم وجود شوارع معبدة تصل اليها السيارات ، وقد استقبلنا أهل هذه القرية استقبالا حارا منقطع النظير ، وأصروا أن يقبلوا أيادينا ، لماذا ؟ الجواب لديهم بسيط وطبيعي ، اننا عرب ونحمل رائحة الرسول والنبي العربي محمد صلوات الله عليه ورحمته ، وأترك التعليق للقارئ العزيز .5- لقد أكرم الأتراك الألمان اليهود الفارين من الحكم النازي وخاصة الأكاديميين والأساتذة ، وعلى سبيل المثال فقد درسنا خلال السنوات الثلاثة الأولى كل من الأستاذ ( زوبر ) والأستاذة ( سارا ) اليهوديين .
أما تركيا اليوم فلها حصة أخرى ،اذا سمح لي الوقت ان شاء الله
.دكتور حسان نجار
قبل الخوض في أوجه التشابه مابين الحاكم بأمر الله أبو علي منصور الفاطمي ، وبين الحاكم بأمر أبيه في دمشق من وحي أبيه في القرداحة ، رأيت لا بُد من التمهيد لعدة أمور وردت لابُدّ من التوسعة فيها لما تريده هذه الأسرة المتسلطة بغية التجييش الطائفي ، وتشاحن أهل البلد مع بعضهم ، وهذا مالم يمكنها شعبنا منه
مثل التشابه في قتل علماء الأُمّة ومفكريها والنيل منهم مابين الحاكمين المتألهين العنصريين الطائفيين ، وهذا الموضوع بالذات سأتوسع بالبحث فيه فيما بعد ، وسأعمل منه بحثاً مُهماً ليكون مرجعاً لكل ذي عاقل ولبيب وغيور على دين الله سبحانه وعلى الأمّة السورية المُستهدفة بسنيتها ، ولكن في سياق كلامنا هنا على السريع سأمر مرور الكرام مختصراً
ففي سورية الغرّاء كما نعلم ومنذ مجيء هذه الأسرة الحاكمة التي كان أول استهدافها كما ذكرت في السابق الكيان السُني بعلمائه وأحزابه وتياراته ومُفكريه ورجاله الوطنيين بقصد التجييش الطائفي ، والظهور بمظهر حماية الطائفة ، بينما هذه الطائفة الكريمة تعيش بين أهلها بخير وسلام طول قرون وليس عقود ، فسيطرت على حزب البعث العربي الاشتراكي أول وصولها ، وأقصت قادته الحقيقيين بل ولاحقتهم ، وقتلت كبار مُفكريه ، ومنهم صلاح البيطار ونفت وأقصت الكثير ومنهم ميشيل عفلق وأكرم الحوراني ، لتعلن فيما بعد بان حزب البعث الذي صار حزب الأسرة الحاكمة قائداً للمجتمع في المادة الثامنة ، ومن خلاله سيطرت على المفاصل الأمنية والعسكرية ، وفيما بعد على مفاصل الاقتصاد وكل حركة الحياة في سورية ، واقتضى ذلك أن تُزيل من وجهها قادة الفكر وعلماء الدين الإسلامي والوجوه الوطنية وطمس تراث سورية الحديث ، وقتل عشرات الآلاف من خيرة أبناء الوطن ، لتتربع على كرسي الحكم الملوث بالدماء وعلى جماجم أبناء شعبنا السوري ، ولن أخوض في هذا الحديث طويلاً على أن أعود إلى تفصيلاته ثانية ، ولكن لابأس أن أُذكر هنا ببعض علماء الأمّة ومفكريه الكبار للاستلال على ما أقول
فمن منّا لايعرف هذه الأعلام السنية ولا سوى السنّة التي غادرت منذ عقود مُكرهة ولم تستطع العودة ، وبعضهم قد توفاهم الله في أرض المنافي ، وأذكر منهم فضيلة الشيخ العالم العلّامة عالم علماء سورية والمشرق العربي الشيخ عبد الفتاح أبو غدّة رحمه الله تعالى ، الذي ما إن يُذكر المعتقلين المُغيبين داخل المعتقلات وأعدادهم بعشرات الآلاف أمامه إلا وأعينه تفيض من الدمع حُزناً وألما عليهم ، ويقول وبرغم قساوة المنافي فإننا نعيش في رغد العيش أمامهم ن وهم يموتون كل يوم ألف موتة وموتة ، وكان قد ضحّى فضيلته بعد دعوة رسمية له للقاء حافظ الأسد دكتاتور سورية عام 1998 للتباحث في أمور المصالحة والإفراج عن المساجين ، ولكنه وخلال عشرين يوم قضاها هناك لم يُعطى موعد لمثل هكذا لقاء ، ليُغادرها ثانية غير أسف وهو يقول لقد رأيت سورية قد صارت أسوأ من ذي قبل في ظل هذا النظام الذي تزداد يوماً بعد يوم في ظلّه سوءاً ، وتوفي في السعودية ودُفن هناك
وممن توفاهم الله في المنافي الشيخ الدكتور عبدالله علوان ، والشيخ السياسي الكبير رئيس وزراء سورية الأسبق ورئيس البرلمان الدكتور معروف الدواليبي ، وعالم سورية الفقيه العلامة مصطفى الزرقا ، والشيخ المجاهد سعيد حوّى ، والشيخ الدمشقي الكبير علي الطنطاوي ، والدكتور العالم حسن الهويدي ، وحسين قاسم النعيمي ، والشيخ أبو النصر محمد غياث البيانوني ، وشيخ حلب الشهير طاهر خيرالله ، والعالم الحموي محمد علي المراد ، والشيخ محمد عوض والمُحدّث الشهير ناصر الدين الألباني ، وغيرهم الكثير ممن لاتحضرني أسمائهم عليهم من الله رحماته ورضوانه ، وسائلا المولى بأن يتغمدهم ويتغمدنا جميعا برحمته وعفوه وحسن جزاءه
ومن العلماء الذين ما زالوا في المنافي ممنوعين عن الأوطان وهم كثر ، وسأقتصد هنا على ذكر البعض البارز على مستوى العالم الإسلامي وهم : فضيلة الشيخ المُفسر محمد علي الصابوني ، والشيخ العالم علي مشعل ، والشيخ الدكتور المفكر منير الغضبان ، والشيخ الكبير فاروق بطل ، والمفكر الإسلامي عصام العطّار ، والشيخ عدنان زرزور
ومن الأدباء المرحوم محمد الحسناوي والأستاذ عبدالله الطنطاوي ، الأستاذ زهير سالم ، والشاعر الكبير عبدالله عيسى السلامة
إضافة إلى كُل هؤلاء من المفكرين قادة الأحزاب السورية المعارضة ومُعاونيها وإداريها من خيرة نُخبة المجتمع السوري ومثقفيه ، وعدا عن عُلماء سورية الذين برزوا في شتى علوم الحياة ، وهذا باختصار
فهل علمتم أي جرح نازف أدمى سورية على كل الصعد بفعل هذا النظام ، وهذا غيض من فيض سأتناوله فيما بعد إن أراد الله بالتفصيل
مُقارنة بين الحاكم بأمر الله وحاكم سورية بأمر أبيه بشار الأسد
كلاهما قال لا أُريكم إلا ما أرى وكلاهما ادعى الإلوهية بطريقة أو بأخرى
وكان ادعاء بشار الأسد للإلوهية بطريقة مخفية مُغايرة عن الحاكم لأمر الله العلنية، ونرى ذلك عبر الخطوط الحمر الكثيرة التي وضعها عند تناوله أو تناول الأسرة الحاكمة ولو كان ذلك لتصويب الأخطاء ، وجعله ذلك من أكبر الموبقات ، وكما زيّن له أحد المنافقين بقوله " بأن خطأك صواب وظلمك عدل " فأي تأليه أكثر من ذلك
والحاكم بأمر الله أمر بتحويل قصره إلى كعبة كي يتوجه إليها الناس ومنع الحج إلى بيت الله الحرام في مكّة ، ثُم أعدم كل من ذهب للحج ، وكذلك بشار جعل من أبيه ومن نفسه قبلة ، وكما نشرت مجلة الفرسان " وليجعلوا من الرفيق الأسد قبلة سياسية يعبدونها بدلاً من الركوع أمام أوثان الإسلام " ولمن خالفهم الويل والثبور ، ولو كان منطقهم أعوجاً ومخالفاً لكل القوانين والدساتير الأرضية والسماوية ومخالفاً لمنطق الأشياء والعقل وللمفاهيم ، وما قانون 49 لعام 1980 إلا كدليل لتشابه عقلية الحاكم لعقلية هذه الأسرة الحاكمة ، بالبطش بمن خالفهم عبر محاكم التفتيش العسكرية
والحاكم أصدر أوامر قهرية بما يجوز ولا يجوز ولو كان ذلك مُخالفاً للمنطق والعقل ، وهنا بشار يقول للناس لا أريكم إلا ما أرى ، فلا حريات ولا اجتماعات ولاحقوق لكم ، والعدالة عندي ما أراه
والحاكم بأمر الله اصطنع من المغاربة والأفارقة " الكتّامة والشرطة والعسكر " لمؤازرته وحمايته ولإرهاب النّاس لتقبل بأرائه ومُعاقبة مخالفيه بكل أنواع التنكيل ، فانتشر القتل والنهب والسرقات دون رادع لكونها محمية من قداسة الحاكم المؤله ، وانتشرت الخمور وحانات الفجور والتعديات الأخلاقية
وكذلك الأسد اصطنع المراكز الأمنية الأوسخ بطشاً والأسوأ سمعة ، لتقتل مخالفيه وهي تقوم على أعمال الخطف والسرقة والنهب ونفي المعارضين وتفعل كل الموبقات بلا حسيب أو رقيب بل جعل لها قوانين لحمايتها من المُساءلة ، هذا عدا عن انتشار القتل الغامض لمواطنين تُسجل قضاياهم ضد مجهول ولمجندين في المعسكرات ، وحرائق مصطنعة وإفلاسات متعمدة وخراب للاقتصاد
وقام الحاكم بأمر الله على هدم مسجد القائد الإسلامي الكبير عمرو بن العاص رضي الله عنه بالإسكندرية ، وكذلك فعل الأسد في حماة والمدن السورية وسجن صيدنايا
والحاكم وضع للناس سجل للممنوعات في أدق تفاصيلهم ، وكذلك ممنوعات الأسد الغير مبررة ، وبدلاً عن الملوخية كخط أحمر ، وهنا جعل من الإخوان الخط الأحمر
والحاكم أمر بسب الصحابة الكرام ولا سيّما الصحابيين الجليلين الراشدين العظيمين سيدنا أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، والأسد امر بسب المعارضة وتخوينها ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين ، وعدم الاقتراب منهم ، ودون وضع الأسباب الأخلاقية لذلك ، لمزاجية عنده ليس لها تفسير سوى بواعث الحقد والكراهية
والحاكم قُتل الكثير من الكتّاب والرؤساء والمفكرين والعامّة وكل من يُعتقد فيه المُخالفة وسجن الكثيرين ، فانتشرت المجاعات والغلاء والأمراض والموت والعلل والسقم ، وضجّ الناس هناك ، وهاجت وماجت الدولة وكادت أن تكون تلك الأحداث نهاية دولتهم ، وعصف الملك بهم إذ شعرت أخته ست الملك بالبركان الذي باتت دولتهم تنوء تحته ، فتآمرت على قتل أخيها بعد أن حاولت إقناعه بالكف عن المظالم والاعتداءات وفرض إرادته على كل شيء وكل ذلك لإنقاذ العرش وقتلته وابنه الذي توجه لولاية العهد حتى سكن الناس إلى أجل مُسمى
وكذلك نظام الأسد قد فعل ، فكانت على الدوام أولى استهدافاته للطبقة المتعلمة والمُثقفة والمفكرين والعلماء ، وسورية اليوم تشهد المجاعات والغلاء والأمراض والموت والعلل والسقم ، وهي اليوم تجثم على بركان جماهيري عارم ينتظر لحظة الخلاص لما أصابهم من الظلم والهوان ، فهل يتآمر أحد من افراد عائلة بشار للتخلص منه لإنقاذ سورية ؟ ومن يدري ؟ ومن يضمن بألا يكون من حاشيته وأقرب المقربين من يُفكر بمثل هذا ، بدءاً من أخوه الذي يطمح بإدارة دفّة الأمور بدلاً عن ابنه وصراع الملك المعروف.