إنجازات الثورة السورية في يومها المئة

م. عبد الله زيزان

[email protected]

في كل يوم يصمد فيه السوريون أمام آلة القمع السورية يزداد حظهم وأملهم في انتصار ثورتهم... ومع دخول الانتفاضة السورية يومها المئة باتت الآن عصية على الخمود والتراجع... وبات أعداؤها يعلمون ذلك جيداً... وما يقومون به من تخبط ما هو إلا كرقصة الموت... يأملون بمعجزة تغير المعادلة على الأرض...

الثورة السورية في يومها المئة حققت الكثير من الانجازات على الأرض، فكان أول إنجاز لها هو كسر حاجز الخوف الذي عمد النظام على بنائه سنين طويلة... فما بناه النظام من جدار للخوف في نصف قرن تقريباً هدمه الثوار في أيام قليلة...

ومع كسر حاجز الخوف زالت هيبة الدولة الأمنية... فلم يعد لرجال الأمن هيبة ولم يعد لرئيسهم بشار أي احترام أو تقدير...

وقد شعر أزلام النظام والمعتاشون عليه بهذه النقطة فحاولوا تعويض تلك "القداسة" المفقودة بممارسات جلبت عليهم مزيداً من الخزي والعار... فما السجود لصور رئيسهم إلا دليل شعورهم بتدهور "قداسته" في صفوف الشعب السوري... وسجودهم هذا يجسد أبلغ صور الرجعية والتخلف في القرن الحادي والعشرين... فما قام به النظام وحزبه البائس باتهام الآخرين بالرجعية والتخلف طبقه على أرض الواقع وبأبشع صوره...

وكان من إنجازات الثورة العظيمة الكشف عن حجم المؤامرة التي يتعرض لها الشعب السوري منذ استقلاله إلى يومنا هذا... فلم يتوقع أحد أن يتفق الغرب والشرق على الشعب السوري ويتآمر عليه بإعطاء النظام الفرصة تلو الأخرى ليقوم بالإصلاح وهم الأعلم بأنه عاجز عنه... ففي مصر مثلاً، كان يكفي أن يستشهد بضع عشرات من الإخوة المصريين ليعلنوا رفع الشرعية عن النظام القائم فيها في غضون أيام قليلة.. في حين لم تقنعهم دماء آلاف السوريين وهم في يومهم المئة من التلفظ صراحة بسقوط الشرعية عن هذا النظام... فلا تزال الإدارة الأمريكية تتردد في رفع الغطاء عنه وهي بذلك تعطيه الفرصة والوقت لإنهاء الاحتجاجات وإعادة الأمور إلى نصابها وهي بذلك تراهن رهاناً خاسراً...

لكن التلكؤ الذي نلحظه عند الإدارة الأمريكية والغرب فضلاً عن روسيا والصين لم يمنع الثورة السورية من قطف ثمرة أخرى من ثمار صمودها، وهي سقوط "الشرعية" الشعبية لنظام آل الأسد... فلم يعد للنظام السوري أي شرعية في الداخل السوري... وهو الآن قائم على أساس الأمر الواقع فحسب... وسرعان ما سيتغير هذا الواقع بمزيد من الصمود والتحدي الذي يبديه الشباب على الأرض...

سقوط "شرعيته" هذه كانت أيضاً بكشف الغطاء عن حقيقة "المقاومة والممانعة" التي طالما تغنى النظام بها وجعل منها سبباً لكبت الحريات وقمع المخالفين له...

وكشف حقيقة المقاومة والممانعة المزيفة للنظام السوري كانت أيضاً أبرز إنجازات هذه الانتفاضة... رغم أن هذه الكذبة لم تنطل يوماً على أبسط مواطن سوري إلا أنها كانت رواية مقبولة جداً عند الشعوب العربية عموماً والشعب الفلسطيني خصوصاً الذي رأى في النظام السوري المحرر للأرض، الناصر للقضية... لم يكن يعلم الكثير من الفلسطينيين أن قضيتهم كانت أداة رابحة اتجر بها النظام السوري طوال عقود من الزمن...

الآن وبمرور مئة يوم على الثورة السورية نجد انقلاباً كبيراً في آراء العرب والفلسطينيين، فلم نعد نسمع صوتاً يؤيد النظام إلا من بعض المأجورين أو قلة من الذين لم يجدوا في استشهاد أكثر من ألفي سوري سبباً كافياً لرفع الغطاء عن النظام، وهم في ذلك يمثلون أنانية ترفضها البشرية جمعاء...

أخيراً كان إنجاز الثورة على الصعيد الإقليمي متمثلاً بفضح النظام الإيراني وذنبه في المنطقة المتمثل في "حزب الله"... فدخول إيران وحزب الله بشكل فاضح في قمع المتظاهرين والقتل المباشر للسوريين العزل، وتعذيبهم وإهانتهم في كثير من الحالات وضعهم في حرج كبير أمام اللذين كانوا يحسنون الظن بهم من العرب والفلسطينيين، فالمقاوم الشريف لا يقتل شعباً أعزل ولا يعتقله ويعذبه... فتحرير فلسطين لا يمكن أن يكون من بوابة الظلم والقمع...

بكلمات أخرى، فالدور الإيراني وذيله "حزب الله" في قمع الاحتجاجات في سورية أسقط عنهم ورقة التوت الأخيرة وأصاب مشروعهم في المنطقة بضربة قاسية، وستكون هذه الضربة قاصمة حال سقوط نظام الأسد والذي بات مسألة وقت فحسب...

مئة يوم فقط حققت فيها الثورة كل ما ذكرناه من إنجازات تمثلت بسقوط جدار الخوف وزوال الهيبة عن النظام السوري وإسقاط شرعيته شعبياً، وكشف حجم المؤامرة على الشعب السوري، وفضح كذبة المقاومة والممانعة، وإزالة الستار عن حقيقة إيران ومشروعها التوسعي سواء أكان من خلال "حزب الله" ذراع إيران في المنطقة أو كان بصورة مباشرة بمشاركة قناصة وخبراء إيرانيين وبما قدموه للنظام الفاشي من عصي كهربائية وأدوات جهنمية وخطط خسيسة لقمع المتظاهرين السلميين...

ما حققته الثورة بمئة يوم فقط يدفع الثوار إلى مزيد من الصبر والتضحية للوصول إلى مبتغاهم النهائي وهو النصر بسقوط هذا النظام الدموي...