علمانيو المعارضة السورية
علمانيو المعارضة السورية
دعوة مشبوهة لمصادرة المستقبل
في مؤتمر المعارضة السورية في أنطاليا_تركيا، الذي بدأ أعماله 1/6/2011م، واستمرّ يومين، باجتماع موسّع، ضمّ ما يقرب من ثلاث مئة شخصية من مختلف الطيف الفكري والسياسي السوري المعارض المنتشر في الخارج، ومن استطاع الوصول من داخل سورية .. لقد كان هذا المؤتمر أولَ اجتماع للمعارضة السورية على هذا المستوى، وبهذه التغطية الإعلامية الضافية .. والذي جاء بعد أكثر من شهرين على بدء الاحتجاجات الشعبية في سورية؛ إذ أعطت انطباعاً أنها مستمرة، وغير قابلة للتراجع، وقد حققت صموداً رائعاً، وتصميماً حازماً، ووصلت إلى شعاراتها الحاسمة في إسقاط النظام بما لا يقبل التردد أو النكوص .. وهذا النهوض الثوري الرائع في سورية، يأتي تحت ظرف أمني وعسكري شرس؛ بل من أصعب ما واجهته الثورات العربية في هذا الربيع العربي المشرق ..
لقد خرج المؤتمر بنتائج معقولة كونه يضم أول مؤتمر بهذا الطيف الواسع، ويحتوي على هذا الكمّ الكبيرمن التباينات في الرؤى والأفكار والاتجاهات النضالية من اليمين، وحتى أقصى اليسار الليبرالي العلماني الحداثي، وهي نتائج رائعة فعلاً نسبة إلى الظروف التي أشرنا إليها، وذلك بالإصرار على تنحية الرئيس، وسقوط النظام، وتفكيك بنيته، وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية لكافة أبناء الشعب السوري ..
لقد انتخب المشاركون هيئة متابعة من واحد وثلاثين عضواً، واتفقوا على تسمية لجان تعبوية، وصندوق مساعدات، وعدداً آخر من المهام لدعم الداخل والمتابعة والتنسيق، وذلك من أجل استمرار الثورة، وتصعيد زخمها حتى النصر والتحرير ..
لقد حدث في المؤتمر بعض الإثارة من قبل نفر من الليبراليين، وغلاة العلمانيين حول فصل الدين عن الدولة، والمناداة بدولة علمانية لا دور للدين فيها، بحجة الاقليات، والموزاييك السوري المعروف. ومثل هذه الطروحات نشاز في هذه المرحلة التأسيسية من أجل التحرير، لا يحتملها شعبنا السوري المسلم، برغم أننا نسلّم لكل صاحب رأي برأيه، وكل صاحب حق بحقه، وهي رؤى محفوظة للجميع، ولكن ليس بفرض طروحات غريبة عن معتقدات الشعب وإرثه التاريخي، فالرؤى الفكرية الأخرى لها مكانها الواسع في هذه المرحلة، وفي المستقبل، وهي محفوظة الحق في الإسلام، وفي الدولة المدنية التي حكمت سورية سابقاً، والتي يمكن أن نعيد سيرتها بعد التحرير، لكن السؤال القائم هل نستطيع أن ننسى دور الإسلام في هذه المعركة، ولعلني أشير هنا إلى عامل واحد شاهده العالم جميعاً، وقد كان العامل الحاسم في التحرير لكل الثورات العربية التي نجحت، والتي في طريقها للنجاح؛ وهو الحشود السلمية من المساجد، ودور الاحتجاجات العارمة في الجُمَع المختلفة، فلولا هذه المحطات الشاحنة للجماهير بمثل هذه الحشود الكبيرة، وهذه المظاهرات التي انطلقت بها، واجتمع الناس عليها؛ لما استطاعت تلك الثورات أن تحقق ما حققته من أهداف، وحتى الساحات التي لم تكن مساجد في يوم من الأيام تحولت بصلاة الجمعة إلى مساجد ينطلق منها المتظاهرون إلى أهدافهم، بعد هذا نريد أن نذكّر الغيارى بأن مستقبل بلدنا لا يبنى إلا بالاجتماع على الثوابت، وإفساح المجال لها في كل نضالنا القائم اليوم والمستقبل .. إن بلدنا يخوض أقسى امتحان في تاريخه، فعلينا أن نلتقي جميعاً على مستقبل هذا البلد وخيره، وأن نتقي الله فيه، ونطلب من إخواننا في هذه المعركة أن يتقوا الله ويقولوا قولا سديدا ...