حكّمِ العقلَ يا..عليُّ!...

حكّمِ العقلَ يا..عليُّ!...

أنس صافي

[email protected]

عرفتك عن قرب فعرفت فيك رجاحة العقل وسلامة التفكير..وقاربتك  وأنت (قائداللواء) فما لمستُ فيك غير التواضع الراقي، والخلق الرفيع..وحاورتك في اختصاصي ، فسمعت لي وتقبلتَ اقتراحاتي كما يفعل الفاهم اللبيب..فعلمت أن ما يحويه الخاطر منك أرفع بكثير مما تواضع على مثله أولئك ( الأمنيون )!..

علمت أنك قدّت (لواء التحرير) سنداً لأشقائنا في دولة الكويت عام واحدٍ وتسعين ، وأنك نلت وساماً رفيعاً من أميرها ، فقلت : يستأهل..

وسمعت أنك استلمت ( أركان ) جيشنا المليء بالشرفاء ، فقلت : كفء وجدير، وغداً نسمع ما يبهج النفوس ويزيح الكابوس!..

ثم ما الذي كان بعدها؟..كيف صار ورضيت بالذي هو أدنى عن الذي كنت فيه؟!..

كيف هبطت – واسمح لي – لتكون موظفاً بمسمى وزير ، شأن أولئك ( التلامذة ) المجتهدين؟!..

أعيذه منك – يا عليّ – موقعاً سامياً ارتضيناه لك أن تتنازل عنه إلى ما هو أدنى منه بكثير!..

أعيذه منك – يا عليّ – منصباً رفيعاً كنا ننتظره لك ، لتكون قائداً – كما أنت دوماً- لمجلس انتقالي يعود بالبلاد وبنا جميعاً إلى ما يرضاه لنا العقلاء أمثالك من الحرية والكرمة..بدل أن تتنظر ( عطايا ) الفاسدين!..فلماذا؟!..

هل هو الخوف؟!..أوَ مثلك يخاف؟!..هل هو إيثار السلامة وأنت القائد المقدام؟!..هل هي دوّامة (المعادلات) التي لو أنجت اليوم فلن تدوم؟!..هل لأن الرؤيا لم تتضح بعد؟!..كيف؟!..أوَما أوضحتها للعقلاء أمثالك بعدُ دماء الأبرياء ، وجثث الأطفال ، وصرخات النساء؟!..

حكّم العقل ياعليّ..

حّكم المصلحة البعيدة لك ولمن يلوذ بك ، فهاهنا وطن لا مزرعة ، والناس فيه مواطنون لا أقنان..والاستبداد مهما طال فلن يدوم!..

حكّم الضمير ، واختر لنفسك ولمن حولك ممن نحترم حقهم في المواطنة ما هو أبقى لا ما هو أقوى..وما هو أطهر لا ما هو أغنى!..وما هو أسلم للأجيال من بعدنا!..

وأطلقها..أطلقها يا عليّ – كما أطلقها قبلك طنطاوي ورفاقه – لا للترويع ، لا للفساد وحماية المفسدين ، لا..للهمجية!..

ذلك، لكي تبقى وفياً لأخلاقياتك التي عهدناها فيك ، ولرقيّك ألذي نأبى لك التنازلَ عنه..ولكي نبقى نقدّرك ونجلّك ، ونحبك أيضاً ياعليّ..ياحبيب!....