للأخوة الأكراد في سورية

أرجو أن تبتعدوا عن الارتياب

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

تطالعنا دائما على صفحات الثورة وفي اللقاءات الخاصة والعامة تخوف الشعب السوري الكردي من المرحلة القادمة بعد سقوط البعث والنظام الحالي ولنستعرض بعض هذه الشكوك  , ومن ثم سنجد هل ستكون في مكانها أم لا , وهل عندهم الحق في تداولها والتخوف منها  ؟

 وفي المقابل هل توجد شكوك عند الطرف الآخر المتمثل في السوريين العرب , وكيف ينظر العرب لهذه الشكوك المتداولة بين الطرفين ؟

الأحزاب الكردية والمثيرة لهذه الشكوك  يمكن أن نصنفها في ثلاث مجموعات :

المجموعة الأولى والداعمة للنظام القائم في سورية  تجد نفسها الآن في موقف التاجر والذي بضاعته أصابها الكساد وهذه البضاعة لايمكن أن تباع إلا في ظل هذا النظام المجرم فهي لاتنطلق من مواقف قومية ولا من مواقف وطنية همها فقط هو المكاسب  التي جنتها وتجنيها في ظل نظام البعث هذا , وهي هنا تلعب على وتر التثبيط لشباب الكرد الثائر والمندفع مع إخوانه في المدن السورية الأخرى , وتقوم بدور التشكيك في أن النظام الحالي أفضل الأنظمة لنا في حال بقينا على دعمه , وفي نفس الوقت تمارس التهديد أيضا

المجموعة الثانية هي مع الثورة قلباً وقالبا ومع الشعب السوري جميعا وتنظر بمنظار بقية المحافظات في أن هذا النظام يجب إسقاطه , ولكن في نفس الوقت يعتريها بعض الشكوك ومنها :

في حال تغير النظام في سورية فإن السلطة الجديدة لن تعطيهم حقوقهم ويضربون مثالاً على ذلك , حزب العدالة الديمقراطي في تركية  مع أنه حزب ديمقراطي ولكن يقتل الأكراد ولا يعطيهم حقوقهم

حول هذه المقارنة بالذات , فلو استعرضنا هدف الأكراد في سورية , وهدف الأكراد في تركية لوجدنا أن هذه المقارنة ليست واقعية والسبب :

حزب العدالة أعطى للأكراد حقوقاً كثيرة في تركية كانوا محرومون منها لعقود طويلة , ولكن حزب العمال الكردستاني مصر على الإنفصال وتكوين الدولة الكردية المستقلة عن تركية ويحارب من أجل ذلك لسنين طويلة مضت

أما غالبية الأحزاب الكردية في سورية فهي لاتطالب بانفصال المناطق الكردية عن سورية , وبالتالي في حال وجود النظام الديمقراطي والدولة المدنية الحديثة وتداول السلطة والتي يحدد وجودها صناديق الإنتخاب , فلن يكون هناك قانون يلغي فئة كبيرة من المجتمع السوري أو تهميشها وحقوقهم ستكون محفوظة كما هي حقوق الآخرين

المجموعة الثالثة يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين :

القسم الأول يطالب  بمنطقة حكم ذاتي للأكراد في المناطق ذات الأغلبية الكردية , أو حكم فيدرالي مقسم على أساس المناطق

القسم الثاني تكوين الدولة الكردية وانفصالها عن الدولة السورية والمسماة عندهم بمنطقة غرب كوردستان

المجموعة الثالثة هي التي تخلق الريبة في الطرف المقابل العربي من المجتمع السوري  , وهذه الفئة تعتبر قليلة جداً في المجتمع الكردي

وأعتقد سبب التطرف هذا ناتج عن المعاملة الإقصائية والتي سار عليها نظام البعث في سورية , وفي حال وجود نظام ديمقراطي في سورية سيزول تأثير هذه الفئة من المجتمع الكردي وسيزول أثر الإرتياب من الطرف العربي المقابل

وبناءاً على ماتقدم فإن أحزاب المجموعة الأولى لاتنظر لمصلحة الأكراد القومية ذات أهمية بقدر ماتنظر لمصلحتها النفعية والذاتية , وتملك قدرة التحول مع الواقع الجديد , في حال تم تغيير الواقع القديم وعلى رأي المثل السوري المعروف (كل من اجوز أمي ابقلو ياعمي)

أما المجموعة الثانية فهي فهي مع المصلحة العامة لكل المجتمع السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص ,وتعتبر النظام القائم نظام مجرم ظلم المجتمع السوري كله والجميع متضرر من وجوده , ولا مانع عند هذه المجموعة من وجودها في ظل وطن اسمه سورية , مع حصولهم على حرية التعليم وتداول الثقافة الكردية وعدم التخلي عن انتمائهم لسورية الوطن وجنسيتهم الكردية , مع الإعتراف بوجود قومية كردية في سورية

طلبات هذه المجموعة باعتقادي لايعترض عليها غالبية الأحزاب العربية القومية منها والعلمانية والإسلامية

وفي الطرف المقابل  من العرب السوريين والغالبية منهم لايمكن  بأي شكل من الأشكال تأييد وجهة نظر المجموعة الثالثة , في حكم ذاتي أو حكم فيدرالي , فهذه الحالة سوف تخلق تقسيم عرقي وطائفي في سورية , مما يشعل فتيل الحروب والتهجير والإختلاف على الحدود , فالشعب السوري سيقف بكل قوة ضد ذلك مهما كلفه الأمر

سبب طرحي للموضوع هو: توضيح الموقف بشكل نهائي , وعلى الأخوة الأكراد أن يروا أن مشاركتهم بالثورة بكامل قوتهم سوف يعجل بدحر النظام , والفئة الثانية هي الأقوى في المجتمع الكردي , وعندما تقدم كل إمكانياتها في سبيل تحقيق الهدف في الدولة الحديثة , فسوف تجد نفسها في موقف قوي جداً في المستقبل تتشارك مع بقية المجتمع السوري في السراء والضرر ولن تكون هامشية أبداً

وعلى الجميع من الأكراد أن يقنعوا أنفسهم أولاً , ومن ثم يقتنعوا بالطرف المقابل ويثقون فيهم في أنهم لايستطيعون أن يقدموا لهم أكثر من ذلك في حال سقط النظام وانتصرت الثورة ولن تخسروا شيئاً إلا خسارة التهميش والإذلال وحفظ دماء شبابكم وأحراركم

فلا تترددوا أيها الأخوة الأبطال والأحرار من الأكراد السوريين وانهضوا بقوة مع إخوانكم في باقي المناطق , لتكون الجمعة القادمة هي جمعة سقوط النظام إن شاء الله , فقوتكم لايستهان فيها وقوة النظام أمام سواعدكم وسواعد إخوانكم في الدين والوطن لن تكون أقوى من جدار من الكرتون.