عواصف التغيير تهز النظام السوري

فاروق مشوح

الذين يتابعون الأخبار الجارية في سورية ، هذه الأيام ويشاهدون ما تعرضه الفضائيات من صور وما تنشره من أنباء ؛ لا بد أنهم شاهدوا صنم الرئيس السوري السابق حافظ أسد يهتز بيد الثوار التائقين إلى الحرية ، الساعين إلى المجد ، الراغبين في الحياة الحرة الكريمة .. لقد هزوه بأيديهم العزلاء من كل سلاح ، وبصدورهم العارية من كل غطاء ، وبإرادتهم الماضية إلى الحق والحرية والعطاء .. هذه الصورة تحمل العبرة لمن يعتبر ، وتشير إلى الآية التي تمضي إلى النهاية ، وتحقق القصد الذي يسعى الإنسان الحر إليه ؛  إن النظام الذي حكم سورية كل هذه الفترة الطويلة بقبضة أمنية قاسية لا تعرف الرحمة أو العطف أو التسامح ؛ هو الذي يتهاوى بأيد الثوار الأحرار هذه الأيام ، والنظام بقسوته وشراسته وعنفه ، حريص على أن يبقى لأنه سرق غنيمة كبيرة ، يعلم أن الأعين تلاحقه إليها من كل مكان ، وهي تنتظر الفرصة السانحة لتقبض عليه ، متلبسا بجريمته كي تفضح جرائمه كاشفة الغطاء عنه ، حتى تنزل به العقوبة التي تجعله عبرة للمعتبرين .

النظام السوري سرق الحكم في غفلة من الشعب السوري حيث غرر بقوى كانت تدعي الوطنية والقومية والسياسة ، وقد تكون وطنية أو قومية لكنها تعيش في غفلة قاتلة ؛ أما السياسة فلم تكن منها في شيء .. ذلك أن النظام خدعها عن كل هذه المعاني واستلب الغنيمة باردة ، ومن ثم استخدم الحزب الذي يسوق على الشعب السوري شعارات لم يكن وفيا إلى أي منها .. ويكفي أن تعرف من هم أولئك المضللين الذين أسسوه وعلى من اعتمدوا في افكارهم وطروحاتهم المختلفة ، ثم كانت تجاربهم في حكم قطرين من أقطار العروبة والإسلام .. وإذا كانت تجربة الحزب في العراق قد انتهت بأدمى مأساة شهدتها الامة ، وبأشنع احتلال أجنبي غاشم نُكب به الشعب الشقيق ، ثم تسلمته عصابة طائفية لا ترعى لله حرمة ، ولا تعطي لأي فرد من ذلك الشعب حقا في قليل او كثير ؛ فإن القطر السوري _ الثاني الذي حكمه ذلك الحزب _ آل إلى عائلة من طائفة من جهة من جهات البلاد حاربت الله جهارا نهارا ، وعادت الشعب في السر والعلن ، واستأثرت بخيراته بلا حسيب أو رقيب ، وأذلت كرامة أبنائه بلا حياء أو خجل .. حتى كان الزلزال الشعبي المسالم بل عنف ، المقاوم بلا سلاح ، المدوي بلا بارود ، العام الشامل بلا حدود إنها نهاية الحكم الشعوبي الطائفي العائلي المستبد ويقولون متى هو ... قل عسى أن يكون قريبا