تحية إلى غسان النجار
عصام العطار
أنا معجب بهذا الرجلِ الجليلِ الشيخِ في سِنِّهِ الشابِّ في روحِه وعزمِه وإرادتِه وشجاعتِه وصبرِه وعملِه ودأبِه.. غسان النجار
ما يزال منذ عرفتُه قبلَ عشرات السنين يحملُ معه قضيةَ الحريةِ والعدالةِ وحقوقِ الإنسان في سورية والوطنِ العربيِّ أَنَّى وُجِدَ وأَنَّى سار. لا ينفكُّ عنها في سرَّاءَ أو ضرَّاء. في شدّةٍ أو رخاء. عاش معها وعاش لها ولِمُثُلِه ومبادئِه الساميّة الأخرى. دخل من أجلها السجن. قاسى من أجلها ألوانَ البلاء. ضحّى من أجلها بالمكاسب والرغائب. أعطاها الكثيرَ الكثير من قلبه وفكره وصحته حتّى أَوْهَنَ جسمه المرض، وتظاهرتْ عليه العلل. لم يَضْعُفْ له مع ذلك يقين. لم يَهِنْ له مع ذلك عزم. لم يصدَّه عن غايته ترهيبٌ ولا ترغيب. بقيَ رغم كلّ ما أصابه سبّاقاً إلى الواجب. سبّاقاً إلى أهدافِه وأهدافِ أمته وبلاده المثلَى. وها هو ذا يُساقُ في شيخوخته المتقدّمة إلى السجن من جديد بعد دَعْوَتِهِ المخلصةِ الجريئة كلَّ أبناءِ الشعب إلى تجمُّعٍ وطنيٍّ احتجاجيٍّ سلميّ.. ثم يُطْلَقُ سَراحُه بعدَ إضرابِه الصارِم عن الطعام الذي أشفَى به على الموت (حتى لا يموتَ في السجن) على أن يحاكم وهو طليق في محكمة الجنايات
أنا معجبٌ بهذا الرجل الجليل: بنقائه، بشمائله، بإنسانيته، بتجرُّده. لم ينطلقْ قطُّ في جهاده المتواصل مِنْ كُره وحِقد. لم ينطلق من مصلحةٍ شخصيةٍ أو مطمع. لم يسلك طريق العنف والصدام. لقد انطلق هذا الرجل الجليل من الحبّ: حُبِّهِ للحرية والكرامة. حُبِّهِ للمساواة والعدالة، حُبِّهِ للحكم الشوريِّ الرشيد. حبّهِ لتقدم بلاده وازدهارها على كلّ صعيد. كان حريصاً على بلاده كلّها دون تمييز. على شعبه كلّه دون تمييز. وعلى أن يتجاوز ببلاده كلِّها: بحكامِها وشعبِها. بموالاتِها ومعارضتِها. بمختلفِ أديانِها وأعراقِها وشرائحِها المخاطرَ المحدقة، والعواصفَ المنذرة، والصراعات المدمّرة.. إلى وحدةٍ حقيقية راسخة، على الأسس السليمة الوطيدة من الحريةِ والكرامة، والمساواةِ والعدالة، وسائر الحقوقِ المقرَّرةِ للأمم والشعوب وللإنسان، لنكون بذلك -حقاً وصدقاً- كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضاً، ولنكون على الصعيد الداخليّ والخارجيّ أقدرَ على الوفاء بحاجاتِنا وأهدافِنا، ومواجهةِ سائرِ تحدّياتِ العالم والعصر
تمنّيتُ لو أنّ الرئيس بشار الأسد لم يَدْفَعِ المهندس غسان النجار إلى السجن، ولا إلى محكمة الجنايات؛ وإنّما دعاه للقائه في القصر لِيسمعَ منه صوتَ الشعب الصادق الذي لا يسمعه من المرائين والمنتفعين، وليسمعَ منه مباشرةً ما يراه أصحابُ المعرفة والخبرة والرأي الحرّ من سُبُل التغيير والإصلاح الضروريّ الواجب الذي تحتاجه الأمة والبلاد؛ ولكنّ الرئيس الأسد دفع بغسان النجّار إلى السجن، وأحاله إلى محكمة الجنايات ولم يَدْعُهُ إلى القصر، وقَبِلَ فيه وفي سواه -ربما- نصيحةَ من لا يدركونَ الحقائق، أو لا يُخْلِصون له النصح!!
أخي الحبيب غسان
أنتَ في شيخوختك ومرضك وشدّتك
أنتَ في روعةِ شجاعتِك وتضحيتك ونُصحك لدينك وأمتك وبلدك
أنتَ في قلبي وفكري وإن بَعُدَ المزار
وأنتَ معي معي في دعائي وضراعتي عندما أسجدُ للهِ عزَّ وجلّ
فتحيةُ القلبِ الذاكرِ الشاكر لكَ ولسائرِ أحرار بلادنا الشجعان الذين يرتفعُ بهم صوتُ الحقّ، وترتفعُ بهم جبهةُ الحقّ، وتنفتحُ لنا بإخلاصهم ووعيهم وشجاعتهم أبوابُ المستقبلِ الحرِّ الكريمِ إن شاء الله.