شر البلية ما يضحك

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

 تناقلت بعض وكالات الأنباء , وعلى الشبكة العنكبوتية , وصفحات الفيس بوك الخبر التالي :

استنفار أمني ومخابراتي وعسكري شامل في سورية , للقضاء على أي تحرك شعبي ينادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي , وهذا الاستنفار جاء رداً على دعوة بعض النشطين السوريين من الشباب على صفحات الفيس بوك , ليوم أسموه(يوم الغضب ) في الرابع والخامس من شباط .

حتى هنا الأمر طبيعي جدا , فهو احتراز أمني تقوم فيه الدولة السورية ولكن !

المثير للضحك والاستغراب بنفس الوقت هو:

أن النظام السوري طلب من عناصر حزب الله اللبناني التدخل لإنقاذه , وكان أن لبى حسن نصر بإرسال ألف عنصر من حزبه , كدفعة أولى , وتجهيز أربعة آلاف مقاتل من حزب الله , لمقاومة الشعب السوري , في حال إذا انتفض الشعب السوري واستجاب لدعوة الغضب المقترحة , مضافاً إليها الطلب من الحرس الثوري الإيراني , المتمثل في الجيش المسمى بجيش القدس , والذي شوهد مع عناصر الجيش السوري عندما طوق مدينة الحسكة السورية .

حول هذا الموضوع بالذات  , يمكنني القول فيه أن شر البلية ما يضحك , في مقابل الحقائق التي يعرفها الجميع , والمتمثلة بقوة على الأرض السورية , ومن هذه الحقائق الآتي

1-   تصريح الرئيس السوري قبل أيام لجريدة وول ستريت , سورية لا يمكن أن يحدث فيها ما حدث في تونس وما يحدث في مصر الآن , بحيث اعتبر أن سبب بعد سورية عن تلك المواقف , أنه لم يضع يده في يد إسرائيل , بينما هو يعرف الحقيقة , أن سبب اطمئنانه هذا يعود إلى السياسة الأمنية القاسية والظالمة , والتي يتبعها النظام مع معارضيه , أو حتى من الذين يشك فيهم مجرد شكوك

2-   يبلغ تعداد الجيش السوري كشكل تقريبي , 750 ألف مقاتل

3-   الحرس الجمهوري والحرس الخاص يفوق تعداده المائة ألف عنصر

4-   عد د ضباط الأمن في عام 2002 كان ستين ألف ضابط أمني

5-   يوجد أكثر من عشرة فروع تابعة للمخابرات السورية

6-   يوجد 750ألف بعثي كلهم عملاء للنظام وجواسيس على الشعب السوري

كل هذه القوات عملها الوحيد هو حماية النظام  , وموجهة ضد الشعب السوري فقط , فليس هناك عدو للنظام لكي يوجه هذه القوات ضده , لأنه منذ سنة 1974 لم تطلق طلقة واحدة باتجاه إسرائيل , وإنما كانت كل عمليات الجيش السوري وتوابعه موجهة ضد الشعب السوري واللبناني , وكذلك اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

7-   خرج مؤيدو النظام مظاهرات في الشوارع وهم يهتفون , بعض الناس يحرقون أنفسهم ليسقط النظام , والشعب مستعد يحرق نفسه ليبقى بشار , رداً على يوم الغضب

8-   فالذي يثير الضحك هنا , أبعد كل هذه القوات مجتمعة عند النظام , والشعبية التي يدعي فيها والبالغة 99بالمائة , تستنجد بالخارج , من طهران لجنوب لبنان , وما خفي كان أعظم

ولكن الذي يميت غيظاً هو السؤال التالي:

هل أصبحت سورية ولاية إيرانية تابعة لولاية الفقيه ؟

فبشار الأسد لا يثق بجيشه , ويخاف إن حصلت انتفاضة ضده , انتفاضة من أجل الإصلاح السياسي , أن يمتنع الجيش  عن الوقوف ضد الشعب السوري المنتفض ضد الاستبداد , ليعتمد بصورة رئيسية على عناصر ولاية الفقيه خامنئي , لأن هذه العناصر دموية , ولا يمكن أن تخرج عن طور القائد , وبالتالي ستحطم أي انتفاضة شعبية

وحول هذه النقطة بالذات , يمكن أن نستنتج في أن النظام السوري , وعلاقته المتينة مع طهران , والتغلغل الإيراني الأمني والمخابراتي والاقتصادي , والدعوة للتشيع داخل المجتمع السوري , بحماية النظام وتشجيعه , ما هو إلا :

لتكن سورية ولاية فارسية , ومنضوية تحت ولاية الفقيه , في مقابل بقاء النظام

وهنا أتوجه بسؤالي للنظام نفسه:

لماذا تسلم سورية لطهران , في مقابل بقاء نظامك ؟

 وفي يدك الحل السريع والناجح , حتى يكون الوطن لك وللسوريين فقط  , في أن تمد يدك للشعب , وتأخذ بيدهم وترى ماذا يريدونه منك

والسؤال الآخر :

في حال فشل حزب الله وجيش القدس في حمايتك , فهل ستلجأ إلى إسرائيل والجيش السوري حتى يحميك من الشعب السوري ؟

فلا أجد أمام النظام إلا إحدى هذه الخيارات , وإذا لم تختر واحدة منهم , فما عليك إلا الرحيل

لأنك شاهدت بعينك كيف اختفى مؤيدي النظام في تونس ومصر

والنسبة المئوية للقمع والظلم والفساد أقل من عندك بقليل.