قادة إسرائيل ما بعد قطار "السلام" مأزومون

قادة إسرائيل

ما بعد قطار "السلام" مأزومون؟؟!!

أسعد العزوني

[email protected]

يبدو رئيس الوزراء الاسرائيلي بيبي نتنياهو قويا اذا ما قورن بقادة الطرف  الآخر  عربيا وفلسطينيا لكنه وفي حقيقة أمره مأزوم ، وفي وضع نفسي لا يحسد عليه .

بداية لا بد من التوكيد على ان قادة اسرائيل منذ التوقيع على معاهدة كامب ديفيد السادات عام 1978 دخلوا مرحلة الحرج الدولي ، ولم يعودوا قادرين على تلافي تداعيات الهجمة " الاستسلامية " العربية التى اكتملت بانضمام القيادة الفسطينية الى الجوقة اياها .

لم يعد ممكنا ولا مناسبا لقادة اسرائيل ممارسة طقوسهم المعهودة وهي التباكي أمام المجتمع الدولي بأن اسرائيل ذلك " الحمل الوديع " محاطة باثنين وعشرين  غولا يحملون السيوف والسكاكين لطعنها ويمثلون الدول العربية طبعا ، ولولا الملف النووي الايراني وخطابات الرئيس أحمدي نجاد التى تتضمن هجوما وتهديدا لفظيا لاسرائيل لأفلس قادة اسرائيل منذ زمن .

تنتشي اسرائيل دوليا عند ظهور أي صوت يهددها في المنطقة والعالم على حد سواء ، وهذا يعني  بالنسبة لها مواصلة ابتزاز القوى العالمية الكبرى وامريكا على وجه الخصوص بحجة الدفاع عن نفسها ، وها هي فلسطينيا تتسلح بحماس التى تحكم قطاع غزة مع ان الأخيرة ومنذ أن كان مؤسسها الشيخ أحمد يسن حيا  دعت الى هدنة طويلة  الأمر الذي اسقط في يد الارهابي شارون فأمر بقتل الشيخ أحمد يسن للتخلص من هذا الصوت ، وليس سرا القول ان رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل لجأ الى وزير خارجية اليونان السابق جورج بابا ندريو لابلاغ الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز أن حماس مستعدة لتوقيع معاهدة سلام مع اسرائيل ان أقدمت الأخيرة على الاعترا ف بالحركة  أنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بدلا من منظمة التحرير .

كاد زعماء اسرائيل الأوائل أن يقعوا في نفس الورطة التي يعاني منها قادة ما بعد الهجمة الاستسلامية العربية  عندما وافق الرئيس المصري الراحل عبد الناصر على   اجراء محادثات مع اسرائيل ابان عهد  رئيس الوزراء الأسبق موشية شاريت الذي قبل العرض لكن بن غوريون الذي   كان خارج اللعبة السياسية  آنذاك عاد اليها ونحى شاريت جانبا ، واستمر في لعبة التباكي أمام المجتمع الدولي والادعاء بان اسرائيل واحة وحيدة للديمقراطية في الشرق الأوسط ، على عكس الدول العربية .

هذا هو  التفسير المنطقي لواقع الحال بالنسبة لقادة اسرائيل منذ معاهدة كامب ديفيد التى اخرجت مصر من معادلة   الصراع .

ومن يتمعن جيدا في صفحات هذا الملف ، يجد ان اسرائيل دخلت مرحلة الهيجان بعد هذه المعاهدة اذ أقدمت على غزو جنوب لبنان واحتلال بيروت  ومحاصرتها 88 يوما واخراج قوات منظمة التحرير من لبنان بالتآمر والتخطيط مع آخرين بطبيعة الحال .

شارون الذي كان ملك اسرائيل غير المتوج ، ويلقب ب" بلدوزر " اسرائيل عانى من مرحلة انعدام الوزن بعد تعرضه لهجمة " استسلامية" لا مثيل لها ، تمثلت بما اطلق عليها " مبادرة السلام العربية " التى قدمتها العربية السعودية واختلف حول هوية كاتبها ، فهناك من يقول انها كتبت بيد اليهودي الصهيوني  الكاتب توماس فريدمان وآخرون يقولون ان من صاغها هو وزير خارجية الأردن الأسبق د. مروان المعشر .

ما يميز شارون عن نتنياهو ان الأول كان صاحب قرار وليس رهينة لأحد في حكومته بل كان هو جل حكومته ولم يكن مثل نتنياهو الواقع تحت رحمة حارس البارات السابق ليبرمان الذي يهدده بتفجير حكومته .

 عندما طور العرب هجمتهم " الاستسلامية " على اسرائييل وقدمت العربية السعودية مبادرتها الى قمة بيروت عام 2002 لاقرارها ، جن جنون شارون وهاج كثور يعلم جيدا ان أحدا لا يجرؤ على الوقوف  أمامه ، وأقدم على شن حرب على السلطة الفلسطينية وأعاد احتلال العديد من المدن الفلسطينية ، وارتكب جنوده مجزرة شنيعة في مخيم جنين .

وعلاوة على ذلك فقد منع شارون رئيس السلطة الراحل ياسر عرفات من السفر الى بيروت للمشاركة في قمة بيروت لمباركة مبادرة السلام العربية في رسالة واضحة من شارون للدول العربية بان اسرائيل لا تريد سلاما ، بل تسعى الى استسلام منسحق ، وأظن انها حققت ذلك ، لأن الدول العربية  رغم الشعارات الثورية الطنانة الرنانة الصادرة من بعض العواصم، وصفقات الأسلحة التى تقدر بعشرات المليارات من الدولارات الأمريكية تبدو أمام اسرائيل مثل نملة مشلولة  أمام فيل هائج .

نتنياهو حاليا ليس مأزوما فقط ، بل هو مرعوب لأنه يدرك جيدا معنى أن يكون رهينة لمجنون ، وهو يخاف ان يكون مصيره ان هو أذعن للرئيس أوباما وقادة الدول العربية الجانحون ل" السلم " كمصير سلفه اسحق رابين الذي قضى اغتيالا على يد يهودي متطرف لأنه وقع  اتفاقيات اوسلو  مع منظمة التحرير ومعاهدة وادي عربة مع الأردن .

هذا ما يبرر تعنت نتنياهو ولجوئه الى الشروط التفجيرية وفي مقدمتها شطب حق العودة والتنازل عن القدس والاعتراف بيهودية اسرائيل وسيطرة الجيش الاسرائيلي على غور الأردن .......!

قادة اسرائيل يستخدمون التكتيك يهدف الحصول على تنازلات فلسطينية وعربية ، وعندما يحققون ما يريدونه يلجأون الى الانتخابات المبكرة ، كما انهم لا  يندلقون امام الآخر ، حتى ان  نتنياهو تعامل مع الرئيس الأمريكي اوباما بطريقة جافة ، وحرك أدوات  اسرائيل في امريكا ليضغطوا على البيت الأبيض كي يوقف ضغطه على اسرائيل  لصالح العرب ، وها هو يتسلح بمواصلة الاستيطان ويرفض تجميده ، ناهيك عن فتح ملف الجاسوس جوناثان بولارد المتهم بالتجسس على أمريكا والمطالبة باطلاق سراحه مقابل التفكير بتجميد الاستيطان .

بقى القول ان اسرائيل ترفض السلام لعدة ، اسباب اهمها " " رخاوة الخصوم " وعدم استحقاقهم تقديم أي شىء لهم ، ووجود مبدأ في العقيدة اليهودية أنه في حال انتفاء العدو الخارجي فان على اليهود البحث عن عدو داخلي بمعنى تفجير الحرب الأهلية  وبما ان الدم اليهودي محرم على اليهودي ، فانه ممنوع اللجوء الى الحرب الأهلية ، وبالتالي " فان المصلحة العامة تقتضي بعدم الاستجابة لهجمات " الاستسلام " العربية لتبقى اسبرطة على  قيد الحياة تعربد.