إيران والغرب

– خلاف قديم بتجدد مستمر –

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين / ‏06‏/10‏/10/ يعتقد الكثير من مراقبي خلاف الغرب مع ايران بأن الخلاف بينهما يعود الى تخصيب حكومة الملالي اليورانيوم لتطوير برامج بلادهم العلمي نوويا ، فالخلاف مع ملف ايران النووي يعود الى عام 2002 اضافة الى تصنيف البيت الابيض ايران بمحور الشر مع كوريا الشمالية وسوريا والعراق قبيل الغزو الامريكي لتلك الدولة عام 2003 والاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين وتأكيد  ايران بأن امريكا  هي الشيطان الاكبر هذه المقولة التي اصبحت على ألسنة العامة منذ اطاحة الثورة الخمينية بنظام الشاه ، فالغرب بنظر الى ايران القوية خطر على مصالحها في منطقة الخليج العربي اكثر من خطرها على امن تلك المنطقة جراء بروز ايران كدولة قوية في تلك المنطقة وتعتبر مفتاحا للنزاعات والسلام في آن واحد  فهي تتزعم الشيعة في العالم وتضاهي السعودية التي تعتبر زعيمة اهل السنة بدون اي منازع  وموقعها الاستراتيجي بين الدول العربية ودول آسيا الوسطى يجعل من الغرب ينظر الى مصالحه بتلك المنطقة نظرة خوف وقلق مستمر .

الا أن الخلاف بين الجهتين المذكورتين  قديم ، وحسب ما أعلنه خبراء منطقة العالم الاسلامي بندوة دعا اليها مبرة هاينريش بول للدراسات الدولية بان النزاع بين الغرب وايران يعود الى بدايات القرن التاسع عشر اي منذ عام 1801 عندما وقعت حرب صغيرة بين ايران وروسيا لطمع موسكو بجورجيا التي كانت تابعة لايران الفارسية نجم عن تلك الحرب علاقات دبلوماسية بين الدولتين المذكورتين ومشاركة بريطانيا وروسيا باحتلال ايران بين اعوام 1914 و 1941 وتصريف شئون تلك الدولة واستلام الولايات المتحدة الامريكية مسئولية تصريف شئون ايران ما بعد الحرب العالمية الثانية ومساهمتها بالقضاء على حكومة محمد مصدق في عام 1953 واعادة المخابرات الامريكية شاه ايران السابق محمد رضا بهلوي الى السلطة من جديد ليصبح الشاه اطوع لأمريكا من أبنائها فتدخل الغرب في تلك الدولة جاء من اجل وقف جماح اي حركة اسلامية في العالم الاسلامي تدعو الى التحرير واعادة الخلافة الاسلامية كما أن تدخل الغرب في ايران في سنوات الحرب العالمية الاولى كان لوقف جماح طموحات الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ال سعود رحمه الله الذي كان يتطلع لتوحيد العالم الاسلامي من جديد ، تدخل الغرب السافر في ايران انتهى منذ الاطاحة بالشاه عام 1979 ، ليبدأ عهد جديد بالعلاقات تكمن بالعداء بين الطرفين اذ لا يمكن ان يكون هناك تعاون بين ايران والغرب بالرغم من آراء مفكرين ايرانيين مثل استاذ علوم التاريخ الفارسي في جامعة مدينة كولونيا امير شيخ صادقان الذي يعتقد ضرورة حوار مباشر بين الغرب وايران للمصلحة الاقتصادية والدينية فموقع بلاده الاستراتجي بمنطقة غنية بالموارد الحية سيكون في مصلحة الغرب للحصول عليها وموقع ايران الديني يعتبر هام بالنسبة للغرب لمراقبة الحركات الاسلامية ، بينما يرى مناوئ حكومة الملالي بهمان نيروماند ضرورة قبول الغرب بروز ايران كدولة نووية قوية في المنطقة للقضاء على حكومة الملالي وارساء الديموقراطية في تلك الدولة اذ ان بقبول الغرب لايران القوية وضع حد لقوة اي حركة اسلامية تظهر في آسيا الوسطى ومنع قيام اي دولة اسلامية جديدة على غرار ايران .

ويستبعد خبيرا ايران والعالم الاسلامي ادود شتاينباخ  اي تقارب بين الغرب وايران نظرا لعدم وجود اي ثقة بينهما فواشنطن حاولت التدخل عسكريا للاطاحة بنظام الملالي عندما ارادت الافراج عن الرهائن الامريكيين بالقوة وبالتالي فان الادارة الامريكية ومعها الغرب الذين يضغطون على طهران من اجل وقف تخصيبها اليورانيوم ويفرضون اجراءات اقتصادية جديدة ضدها لا يابهون لمطالب ايران بضرورة الضغط على الكيان الصهيوني الذي يقوم بتخصيب اليورانيوم وتصنيع قنابل نووية خطيرة اذ ان خطر الصهاينة على المنطقة لا يعتبر اقل من خطر ايران على المنطقة بل ان دول المنطقة ينظرون الى طهران نظرة دينية قحة والتعاطف معها ضروري للغاية ولن يوافقوا في أي حال من الاحوال تأديب تلك الدولة عسكريا ، وعلى الغرب اذا ما اراد كسب ثقة طهران من جديد انتهاج سياسة مغايرة تماما مع تلك الدولة تكمن بالمرونة والحوار المباشر على حد أقوالهم .