النظام السوري والرغبه في اجتياح بيروت من جديد
النظام السوري والرغبه في اجتياح بيروت من جديد
الشيخ خالد الخلف
انتهت إجازة دمشق العسكريه والمراد العودة السورية القوية الى الساحة اللبنانية المفتوحة، التي قاطعها السوري مرغمآ ولو كان على الشاشة فقط ولكن بتواجد مخابراتي هائل منظم ومبطن ، بل اسمحوا لي القول بأنه الغياب القسري جداً ، ولكنه معظم الغياب كان حقيقة لأسباب سياسية وتكتيكية سعى اليها لإعادة ترتيب الاوراق في الداخل اللبناني، فهل يقارن الغياب بالتغييب!!؟ وهل تقارن القسرية بالترغيب!!!؟ إذن في الواقع غاب عنها معظم الوقت لاضهارها كمحافضه منفلته امنيآ ، وإفهام المجتمع الدولي بضرورة التواجد العسكري السوري وعصاه فوق رؤوس اللبنانيين ليعرفوا أن الله حق وأن سوريا هي الوحيدة القادرة على تأمين لبنان أمنيا"وسياسيا"....فلماذا وكيف يكون التواجد وماهي الحجج التي يتذرع بها هذا النظام للعوده !!!؟؟؟
فقد رأينا في الحلقة الأولى من الاحداث الدامية في الخامس من حزيران من عام 2008 والتي إفتعلتها بعض الاحزاب الموالية للنظام البعثي في سوريا أن السبب الأول هو أن النظام الأسدي الذي لايقف مع لبنان ، فقد وقف مع حلفاء ايران طوال الحرب اللبنانية اللبنانية، ثم وقف مع العربي الشقيق في حرب الانتخابات اللبنانية ..
والنظام البعثي قتل الشعب العربي في لبنان ، منذ (1975) عندما أخذ الضوء الأخضر من ( رئيس الولايات المتحدة آنذاك جيرارد فورد ) وإسرائيل من أجل ذبح الشعب اللبناني والمقاومة الفلسطينية ، فكانت النتيجة أن ذبح من المقاومة الفلسطينية أضعاف ماذبحه الاسرائيليون :
دخل لبنان تحت مظلة ( قوات الردع العربي ) وصار يقف إلى جانب فريق ليقتل فرق أخرى ، فوقف مع المسيحيين ضد الفلسطينيين .
ونفذ مجزرة ( تل الزعتر) التي قتل فيها ألوف الفلسطينيين ، بعد أن قطع عن الحي الماء والكهرباء والطعام عدة أيام، مماجعل بعض الأهالي كما قيل يأكلون الكلاب خوفاً من الموت جوعاً .
ثم وقف مع الدروز ليقتل المسيحيين ، ومرة أخرى وقف مع جماعة أمل الشيعية ليقتل الدروز ، ثم وقف مع العلويين والشيوعيين ليقتل المسلمين السنة ، وهكذا يتضح أن مهمته في لبنان هي القتل ، ولم ينج من رصاصه أحـد ، أما الشيعة من جماعة أمل وحزب الله فقد كواهم بناره أكثر من مـرة وكان متوجهآ لمحيهم من الوجود لولا تدخل الكومندوس الايراني .
ولكن كيف له أن يدخل لبنان ، ويتصرف فيه كما يحلو له؟ لابد من موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل ، وقد استطاع الاب حافظ الأسد أن يحصل على هذه الموافقة ؛ عندما تعهد بتصفية المقاومــة الفلسطينية واللبنانية ،.
وفي ( 21/ 1 /1976م ) تحدث ناطق رسمي باسم البيت الأبيض قال إن الرئيس فورد تخلى عن معارضته لتدخل عسكري خارجي في لبنان ، وإن الولايات المتحدة كان من الضروري عليها ، أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة ومآرب سوريا ونواياها .
وفي( 29 / 1 /1976م )تحدث ناطق رسمي باسم الخارجية الأمريكية قائلاً إن الولايات المتحدة تعترف بأهمية الدور الذي تقوم به سوريا ، بالنسبة لتسوية الأزمة اللبنانية .
وفي ( 27 / 1 /1976م ) نقلت وكالة اليونايتد برس من واشنطن بأنها كانت تقوم بنقل الرسائل من الكيان الصهيوني إلى سوريا ، حول الوضع في الجنوب اللبناني ، وقال (فريدريك براون) إننا على اتصال مع حكومات إسرائيل وسوريا ولبنان ، وإننا نراقب الوضع عن كثب ، واعترفت الصحف الإسرائيلية بأن اتصالات من هذا النوع قد جرت ، وأوضحت أن سوريا أكدت لمسؤولين أمريكيين أن وجود قواتها في الجنوب إنما يستهدف المقاومة واليساريين اللبنانيين . ولهذا وقف اليهود والأمريكان إلى جانب التدخل السوري في لبنـــان .
ونقلت رويتر في (15 / 4 /1976م ) قول كيسنجر إن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في لبنان ، وإننا شجعنا البادرة السورية هناك ، وإن الوضع يسير لصالحنا ويمكن رؤية خطوط تسوية .
ونقلت الشرق الأوسط في ( 18 / 8 /1977م ) في تعليق لها على اجتماع الأسد بكارتر في جنيف تقول :
إن عملية إخضاع المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان ، كانت جزءاً من استراتيجية كبيرة ، لإضعاف المقاومة ومعارضي التسوية،وقدم كارتر للأسد مكافأته بالاستجابة إلى طلبه والاجتماع به في جنيف بدلاً من واشنطن ، كما كان يفعل مع غيره من الرؤساء العرب .
وصرح موشي دايان لوكالة الصحافة الفرنسية في ( 5 / 6 /1976م ) قائلاً إن على إسرائيل أن تظل في موقف المراقب ، حتى لو غزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر ، لأن غزو القوات السورية للبنان ، ليس عملاً موجهاً ضد أمن إسرائيل.
ونقلت إذاعة إسرائيل عند بداية التدخل السوري في لبنان تصريحاً لرئيس وزراء إسرائيل (إسحق رابين ) قال : إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان ، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين ، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين ، ويجب علينا أن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحسنة بالنسبة لنا . (كما ورد في نص للدكتور خالد الاحمد نشره على موقع سورية الحرة )
أما اليوم وفي خضم الاحداث والظروف الحساسة والحرجة جدا"بالنسبة للحكومة اللبنانية والشعب اللبناني ككل فنجد بشار الاسد يعود ليصطاد مرة أخرى في المياه اللبنانية العكرة فيعكر صفو المسـلمين مع ممن انضم إليه ليقاتلوا في إطار المقاومة و التحرير، وتمكن بعد تلاعبه بالمشاعر الوطنية من احتلال الشارع الشيعي المغلوب على أمره والضائع بين محراب ايران ومئذنة بشار، والقوى الوطنية اللبنانية في الفريق المناوئ( يقف متفرجا")، والان بات أكثر مقربة من قصرالرئاسة في بعبدا ، فهرب رئيس الوزراء سعد الحريري الى الامام ليحاول قطع الطريق على الجيش السوري من خلال تمسكه بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتقرب من رأس الهرم في سوريا ليكون أكثر إضطلاعا" على ما يجري خلف كواليس قصر الشعب في دمشق من خلال وضع الملك عبد الله في صورة التطورات أول بأول، وسيطرة الجيش اللبناني على معظم لبنان بقيادة لبنانية خالصة ، وبات مؤكداً بعد الاحداث المؤخرة التي جرت في منطقة برج أبو حيدر بين أعضاء حزب الله وآخرين من جمعية المشاريع الاسلامية ، وفي هذا الظرف الحرج تحرك الجيش لينفذ الأوامر التي صدرت إليه من لبنان بإمتياز .
وبمجرد وصول القوات اللبنانية بعد موافقة الحكومة التي تكفلت بتغطية إعلامية لصالح الجيش ، تخلت الان سورية عن صمتها عن طريق الطبل( وئام وهاب)، كما تخلى حزب البعث عن رديفتها في العراق إبان الغزو الامريكي لها وبهذا يشق الأسد الصف اللبناني من جديد، كما يتخلى دوما" عن حلفاء الامس ولا يخفى على أحد أن السطات السورية تخطط لعودة سريعة الى الساحة اللبنانية وبأي ثمن قبل صدور القرار الظني المتعلق بقضية اغتيال رفيق الحريري ليكون الشرطي الذي ينظم عمليات تنفيذ القرار بعد الاتفاقات المبرمة على حساب الحلفاء ولبنان ووفق الشروط الامريكية والاسرائيلية فجاء الجيش اللبناني وقطع الطريق عليه وعلى مخططاته الثعلبية و انتصرت القوات الخيرة انتصاراً ساحقاً على القوات المشتركة الواقفة خلف الكواليس، وفرضت حصاراً في البر والبحر والجو على المتربصين ولكن الى حين....................
والان و بعد أن كبر خطر الأزمة اللبنانية واستطار في شتاء عام (2010) أصبح هم الاسد أن يكسر حدة التلاحم الوطني اللبناني الذي انتشر كالمد يكتسح أمامه كل المخططات ... ولايعلم الاسد أن اللبنانيون قادرون على ردع التدخل السوري بمجرد البقاء خارج اللعبة السورية الايرانيه الامريكية وهو يستطيع أن يتجاهل انتصارات المقاومة داخليا" ، فزمرة الاسد هي الطرف الرابح منها ، و هناك هم مستعجل أكثر و هو ما الذي ستفعله إسرائيل وسوريا . فكلاهما تريان لبنان ضرورياً وحساساً لأمنهما ...ولهذا يعملان على إشعال البلبلة الداخلية أكثر لعلها تهبط عليهم بالخبر السار وهم متجـهون إلى الداخل في قلب العاصمة بيروت .
كان المخطط المعروف في أميركا وإسرائيل هو تخويف حزب الله كي يصبح خارج الحلبة الاقليميه ، بينما يترك اللبنانيون يتذابحون حتى النهاية ، كانت هذه غريزة إسرائيل والاسد أيضاً فكرته بارعة للمفاجئة في قلب هذا المفهوم رأساً على عقب ، فقد خطر له الان أن السياسة الصحيحة ليست تخويف اسرائيل بسلاح حزب الله بل تخويفـا للبنانيين من هذا السلاح لايجاد حجه اجتياح لبنان عسكريا" ، وبدلاً من القول لهم إذا دخلنا فسوف لن تدخل إسرائيل فإن الرسالة الأكثر دهاء هي أن يقول إذا لم أدخل لحمايتكم إسرائيل ستدخل بالتأكيد .
وقد يضطر الأسد مجبرآ الى " دخول لبنان لحماية الشيعه من السنه او العكس او لمنع الغزو الإسرائيلي فتصبح هذه الاخيرة على تخوم امتداد نفوذ دمشق من جديد .
إن عائدات الاسد السياسية أكبر في حال الولوج الى الداخل اللبناني من بقائه خارجا" وإسرائيل يمكن أن تكون خطرة جداً ، فالفلسطينون سيتم ضبطهم ، حركة حماس تم احتواؤها ، ولبنان آمن اكثر لحدود اسرائيل في وجود الجيش السوري .والأسد يعرف أن مكانته مهددة لو أنه بقي في داخل حدود سوريا ؟ هذا مايدفعه لتحريك الفتنه والاقتتال الداخلي اللبناني اللبناني ؟

