إيران العظمى
أسعد البيروتي
نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الرسمية عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قوله تعليقاً على ما طرحه الأمين العام لـ"حزب الله" في شأن جريمة اغتيال الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري "لقد أعلنا من قبل بأن الصهاينة فُرضوا على المنطقة. لإثارة الخلافات والمشاكل، حيث أنهم يغتالون شخصاً، ومن ثم وبتعقيدات مختلفة، يوجهون أصابع الاتهام الى آخرين".
تدخُلُ نجاد في جزئية بالقياس الى كلّيات المشاكل الرئيسة في العالم ، هو جزؤٌ محدود، قياساً لتكراره الدائم أن لإيران الحق في إدارة شؤون المنطقة، لا بل أكثر من ذلك، لها الحق في إدارة العالم !! . يفهم من التعليق النجادي أن إسرائيل اغتالت الحريري لتلصق التهمة بحزب الله والمقاومة، هكذا مفهوم، أكثر ركاكة وتهافتا من أن يناقش.
قال الرئيس نجاد في 15/8/2010 : "الجيش الامريكي أضعف جيوش العالم !، لم يسبق أحد الرئيس الإيراني الى تصريح كهذا؛ إلَا العظيم سيد درويش عندما غنى "أعظم جيوش في العالم جيوشنا، ولا شيئ في الكون يقدر يحوشنا"، إلَا أن ما يغفر لسيد درويش هو أنه يجوز للفنان ما لا يجوز للسياسي وخاصة إذا كان رئيس أمّة من أعظم الأمم تاريخياً ، وحاضراً بالذات، لشدة توق شعوبها للحرية ولشدة وعظمة التضحيات التي دفعتها وتدفعها من أجلها، الحركة الخضراء نموذجاً.
قوْلا الرئيس الإيراني يوحيان بالعظمة التي تتمتع بها الإدارة الإيرانية الحالية، ويوحيان أيضا بأنّ ثمة دولة في العالم اسمها: إيران العظمى، وذلك جريا على ما كان يقال سابقا بريطانيا العظمى، أجهل الناس في السياسة والتاريخ يرى بوضوح تام الفرق بين بريطانيا العظمى وبين إيران العظمى.
ثمة ردود عملية على العظمة الايرانية، وبكلام أدق، على هيمنة إيران نجاد.
الرد الخليجي العربي:
سفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبي قال صراحة:"لا يمكننا العيش مع إيران نووية، أنا مستعد لاستيعاب ما يحصل". كلام العتيبي هو الرد على ما أرادته إيران من إرهاب لجيرانها، حصلت الحرب أم لم تحصل.
رد الحليف –السابق- الروسي:
بعد تأخير سنوات، أعلنت موسكو أنها ستبدأ بتزويد مفاعل بوشهر الوقود النووي الأسبوع المقبل في 21 آب، ورأى البيت الأبيض أن ذلك يلغي حاجة إيران إلى امتلاك القدرة على تخصيب الأورانيوم.
الرد الدولي:
أذا كانت موافقة الإدارة الإيرانية على استئناف المحادثات مع مجموعة فيينا" الولايات المتحدة،فرنسا، روسيا، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، "... إذا كانت تشي بالصدق، أوكانت مناورة، ففي الحالة الأولى تتأكد الجروح التي أصابت الجسد الإيراني بسبب العقوبات القديمة والجديدة، وفي الحالة الثانية فأن حزم أوباما والعالم تجاه الذرة الإيرانية سيزداد ولن ينقص.
رد الإدارة اللبنانية:
قد لا تقدر الإدارة الإيرانية على إلغاء المحكمة الدولية في الدائرة الدولية إلا أنها قد تنجح في أشاعة مناخ عدائي للمحكمة في الأوساط الإسلامية الشعبية.أما في الدائرة اللبنانية فإنها تضع الامتناع اللبناني عن الإلغاء قبالة فتنة طائفية.
قررت الإدارة الإيرانية أن تستعمل لبنان كموقع أمامي تقاتل من خلاله" الشيطان الأكبر "، لأن هذا"اللبنان" مهيؤٌ أن يهدد المجتمع الدولي في حال وضعة أمام خيارين أحلاهما مر، وهما إما أن يقبل الهيمنة الإيرانية، أو يقبل الفتنة الطائفية، ويوافق مرغماً على انقلاب ضد الإدارة اللبنانية الراهنة. حاولت الهيمنة الإيرانية أن تستخدم موضوع سفن المساعدات الإنسانية إلى غزة انطلاقاً من لبنان، وحاولت أن تستغل غضب" الأهالي"، أهالي الجنوب على اليونيفيل وبالذات اليونيفيل الفرنسي- بالمناسبة الفرنسيون هم الأكثر تشدداً تجاه الملف النووي الإيراني، وبالمناسبة ثانية الفرنسيون دعموا ويدعمون أي شكل من المصالحات العربية وبالذات ما يتعلق بلبنان وبالذات ثانية تفاهم س- س وهذا التفاهم هو من أكثر الإعاقات الملموسة للهيمنة الإيرانية. كلا المحاولتين باءتا بالفشل، فضلاً عن فشل محاولات مثيلة.
الإدارة اللبنانية وعلى رأسها رئيس وزراء لبنان سعد الحريري، ردت على الهيمنة الإيرانية المشتقة من إيران العظمى والراغبة بإلغاء المحكمة بما يلي" صمتنا سيحمي المحكمة الدولية"، الحريري قبل وأثناء وجوده في سردينيا أكد وبثقة وقوة أكبر نفس المعنى في إفطاره الرمضاني مع جيران قصر أبيه في قريطم في 14 82010 " لن يدفعني أحد إلى الكلام،إلا عندما أرى وجوب ذلك، أنا أختار متى أتكلم، واللبنانيون يريدون الحقيقة والاستقرار".
الحريري راغب في العدالة وهذا قرار دولي وراغب في الاستقرار وهذا قرار دولي أيضاً، ولن تقدر إيران العظمى على تعطيل أي من القرارين رغم تحديها الخلَبي لقرارات مجلس الأمن ضد نووييها.
الحريري اكتفى بالصمت الإيجابي بعيداً عن الصراخ الديماغوجي. لا أذكر القائل" الصمت موقف، وخلق الحزم أبكما" ولكني أذكر وأعي أن صمت الحريري من ذهب وهو أفضل من الكلام المساوي للفضة، ومؤكد أنه أفضل من الكلام الثرثار.
الشعوب الإيرانية شعوب عظيمة، والأمة الإيرانية، أمة عظيمة، وكل ما أتمناه ألا تضيَع الإدارة الإيرانية تلك العظمة في الوقت الذي تظن فيه أنها تستجيب لها.