جورج بوش بعيون ألمانية

جورج بوش بعيون ألمانية

د. ياسر سعد

[email protected]

في محطته الألمانية ضمن جولته الأوربية قال الرئيس الأمريكي جورج بوش إنه يفضل الخيار الدبلوماسي في التعامل مع الملف النووي الإيراني غير أن جميع الخيارات تظل مطروحة. وأكد بوش على أن التقدم الحاصل في العراق يعد كبيرا، وأن الجهود لمساعدة هذا البلد ستغير منطقة الشرق الأوسط إلى الأفضل, وأن الإطاحة بصدام جعلت العالم أكثر أمنا. الرئيس الأمريكي أدمن على ما يبدو تجاهل الوقائع والعبث بها, دون أن يقيم وزنا للحقائق على الأرض. فأي شرق أوسط هذا الذي يتغير للأفضل؟ وأين هذا العالم الذي هو أكثر أمنا في حين لا يمر يوم إلا ونسمع عن المجازر والنهب والتدمير في العراق, وعن تحذيرات وهمية أو حقيقة عن عمليات إرهابية محتملة؟

الرئيس الأمريكي وصلت شعبيته للحضيض في بلاده وتهاوت مصداقيته في أرجاء المعمورة. فقد تزامنت مع زيارته كتابات ومواقف مشككة بالرجل وساخطة على سياساته.  ففي افتتاحيتها يوم الثلاثاء كتبت صحيفة دي بريسه النمساوية تقول: "لا تزال أوروبا منقسمة ومتذبذبة حول هذا الرئيس الأمريكي الذي أثار شعورا بالغضب الشديد تجاه أمريكا حتى بين حلفائها وأصدقائها في أوروبا بسياساته سواء في العراق أو المتعلقة بمكافحة الإرهاب". أما وزير الخارجية الألماني الأسبق هانز جينشر فقد اعتبر في حديث إذاعي قبيل زيارة بوش لألمانيا, أن الولايات المتحدة تكبدت خسارة كبيرة في الاحترام والنفوذ تحت قيادة الرئيس جورج بوش, وأن آراء الأوروبيين السلبية في الرئيس الأمريكي لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.

من ناحيته اتهم كارستن فويجت، منسق العلاقات الألمانية الأمريكية, في حديث لصحيفة "شتوتجارتر ناخريشتين" بوش بشن الحرب الأمريكية على العراق على أساس معلومات مشكوك في صحتها ودون تأييد مجلس الأمن الدولي, وبانتهاك القانون الدولي الإنساني في جوانتانامو. في حين قال هانز كلوزه، نائب رئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الألماني,  لنفس الصحيفة: "لا نستطيع حقا القول إن جورج بوش جعل العالم أفضل، بل على العكس من ذلك فقد ساهم نشاطه بشكل رئيسي في الإضرار بسمعة الولايات المتحدة في العالم". وحسب يورجين تريتين، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الخضر، فإن بوش "جعل العالم أسوأ".

فيما أوضح ايكرت كليدن، خبير الشئون الخارجية بحزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل, أن الحرب الأمريكية على العراق وسجن جوانتانامو وأبو غريب قد أضر بسمعة الولايات المتحدة. وأضاف أن هذه السياسات والممارسات أضرت كذلك بشدة بسمعة الغرب في العالم الإسلامي. من جهته قال جيدو فيلله، رئيس الحزب الليبرالي الديمقراطي:"لم تكن فترة بوش جيدة سواء لأمريكا أو لأولئك الذين يرون أنفسهم أصدقاء لأمريكا، مثلي". ورأى فيلله أن سياسة بوش قد قوضت من نفوذ الأمم المتحدة وقدرتها على حل الأزمات، كما عملت على نفور أصدقاء أمريكا والمتعاطفين معها من حولها وأضرت بسمعتها حتى وصلت بها إلى أدنى مستوى لها.

  وعن زيارة بوش لبلادها كتبت صحيفة برلينر مورجنبوست الألمانية تقول: "إن تدهور صورة أمريكا لدى الرأي العام الألماني يبقى أمرا مثيرا للقلق, فهناك فقط ثلاثون في المائة من الألمان الذين ينظرون بإيجابية إلى أمريكا". فيما علقت صحيفة نوردفست تسايتونج  على زيارة بوش بقولها: "رئيس الولايات المتحدة جورج بوش يودع ولا أحد في أوربا يذرف دمعة على فراقه. إذ بينما ساهم بوش الأب بشكل أساسي في تحقيق الوحدة الألمانية وإزالة الجدار بين الشرق والغرب، قام بوش الابن بعد أشهر قليلة من توليه منصب الرئاسة ببناء جدران جديدة.  ولم يسبق على الإطلاق أن تدهورت سمعة أمريكا ومكانتها في ألمانيا وفي العالم كما حدث لهما فترة رئاسته".

كثيرون في العالم متشوقون لرؤية نهاية حقبة بوش والتي اعتمدت على جبروت القوة والمغالطات في سياساتها وتصرفاتها. لقد نجح بوش فيما فشل فيه الكثير من خصوم بلاده وأعدائها, بإلحاق هزيمة أخلاقية كبرى بالولايات المتحدة وبعولمة مشاعر عدائية  تجاهها.