كرم جبر ... ذلك الألفي المحظور
كرم جبر ... ذلك الألفي المحظور
أ.د/
جابر قميحةلنقف قليلا عند ذلك العنوان الذى قد يبدو مغلقا ، ولنترك كرم جبر فهو إنسان واضح مفتوح ... ونقف أمام لقب جديد نرى أنه يناسبه في وضعه الحالي وهو " الألفي" , وكان لقبا لأحد زعماء المماليك واسمه " محمد بك "... ويقال : إنه لُـقِّـب " بالألفى " لأنه كان على رأس ألف مملوك من أشجع المماليك .
ونحن هنا نصف كرم جبر " بالألفي " ، لأنه رئيس مجلس إدارة مجلة اسمها " روزليوسف لاتوزع فى الإسبوع أكثر من ألف نسخة ... ومن ثم تكلف الدولة آلاف الجنيهات كل يوم . لماذا؟ علم ذلك عند الله ، ثم الدولة ، ثم كرم بك الألفي .
**********
وكرم مغرم باطلاق كلمة المحظورة على جماعة الإخوان ...فكان يقول " الجماعة المحظورة " ثم أصبح..يستخدم " المحظورة " فقط أي بلا " جماعة " أي أنه يتعامل مع الصفة بلا موصوف ، أو كما يقول اللغويون ... أقام الصفة مقام الموصوف ... كأن أقول وكان رأس النفاق يغدر بالمسلمين ، ولا أذكر قبلها " عبد الله بن أبي بن سلول" .
فكثيرا ما تقرأ لكرم : علينا أن نتصدى للمحظورة .. خطر المحظورة ... المحظورة رائدة الإرهاب ... الخ .
فالرجل يجد متعة كبيرة فى تكرار هذه الكلمة .. التي يكتبها فى مجلته الألفية أو يذكرها – ويصر عليها – فى برامج التلفاز ، فكأنها أصبحت عضوا من أعضائه .. أو جزءا من جهازه العصبي . ولو استطاع لخاطب كل واحد من الإخوان بقوله : ( الذى تخيلته أنا شعرا )
فاحترم - يا أيها الرجعيُّ- حظركْ
لا تقل لي:
"إنما الإسلام حلٌ "
إننا نرفض حلَّك
وتذكر: أنت عضو
في كيان وصْفُه "المحظورُ"
و"المنحلُّ"
فالقانونُ قد أوجب حلكْ
هل من المعقولِِِ
أن يَطرحَ محلولٌ
لهذا الشعب حلاً ؟
فتعقَّـلْ
لا تُجاوز بالهُراء المرِّ حدًَّكْ
إننا الدولةُ، والجولةُ،
والصولة، والدستورُ،
والقانون، والسلطان، والجاهُ
فراجع في ضلالاتِك عقلكْ
(لنا مصرٌ ومَن أمسى عليها
ونبطش حين نبطش قادرينا)
فاحترم - يا أيها الرجعي - حظركْ
ليس ينجيكَ، ولا يحميكَ
أن تتلُو - مع الأسحارِ – وِرْدَ كْ
أو تبللَ - من دموع الخوفِ
في المحرابِ - وجهَكْ
وتصلي وتزكي
وتعيشَ العشقَ في تقواكَ
كي ترفعَ وِزْرَكَ
بعد ما أنْـقَََض - في زعمك - ظهرَكْ
(ولن تنجُو إذا لم تتخذْنَا
مثالاً هاديًا تقوى ودينا)
***
ولكنى لم أجد في كرم الألفي - هو ورجله الثانى عبد الله كمال – إلا " رجلا أبيض " عاجزا عن الإبانة ، والتعبير عن رؤيته ، ... فهو بلا أرضية أو خلفية ثقافية أو سياسية ... وقلمه .. كلسانه فيما يكتب بصحيفته ، أو ينطق تلفازيا محكوم بالعجز ... مع أنه يقرأ في برامج التلفاز من ورق مكتوب .
****
وإذا سألت كرم الألفي هذا عن مصدر الحكم على جماعة الإخون " بالحظر ... جاءك جوابه " هي محظورة بحكم القانون ... أي محظورة قانونا .
ونسأله أي قانون يأ ألفي ؟ ... فيكون الجواب" قانون الدولة . فنسأله ماقانون الدولة ... يا كرم جبر يأ ألفى ؟.
... أي ... إي ...
وأقول يا ألفي إننا نعيش فى دولة بلا قانون . فالحاكم هو القانون .... وهو الدستور ... وهو النظام ... وهو الحزب ... وهو الدولة . وأعتقد أنك فى حاجة أن تعرف المفهوم الصحيح الواقعي " للحظر :
**********
الحظر -لغة- هو المنع والحجر -كما ذكرنا. ودون أن ننفصل عن هذا التعريف, وفي ضوئه أري من الضروري -في هذا السياق- أن نلقي نظرة علي واقعنا السياسي والحزبي في العهد المباركي:
1- فهناك أحزاب وُلدت «محظورة بطبيعتها, وحظرها حظر ذاتي إرادي, فهي أحزاب «مجمدة» أو معلبة, لأنها لا تملك من «القدرة» والقوة الشعبية ما يمكنها من التحرك والتأثير. والناس لا يعرفون إلا اسم رئيس الحزب, وأعضاء مجلس إدارته هم جمهوره وأنصاره, ولا يعرفهم الناس, ولا يعرفون عنهم شيئًا, وما سمحت الحكومة بقيام عدد من هذا «النوع» «الجامد أو المجمد أو المعلب» إلا ذرا للرماد في العيون, وهي تدعي بأننا «دولة ديمقراطية» بدليل وجود هذا العدد الكبير من الأحزاب عندنا.
2- وهناك أحزاب محظورة حظرًا جزئيًا فهي مشروعة ولكنها لا تملك من حرية الحركة إلا ما تسمح به الحكومة, وشبيه بذلك حالة حزب «العمل» الذي «جُمد» نشاطه مع أنه نشأ مشروعًا في الأصل.
**********
والذين يحكمون بالحظر, أو الإباحة في مجال الأحزاب يعتمدون علي الظاهر المشهور من التحرك والنشاط والإجازة القانونية. ويغفلون أهم قواعد الثبات والبقاء والتفوق الحزبي. وأعني بها القاعدة النفسية, أي مكان أو مكانة هذا «التنظيم الحزبي» قادة, ومبادئ, وخططا في نفوس أعضائه بخاصة, ونفوس الشعب بعامة, لأن الحظر أو الإجازة لا يكونان بقرار حكومي سلطوي, ولكن بقرار شعبي عملي يصدر بلسان الحال , لا لسان «المقال», ويتمثل في ثلاثية: الحب والاعتناق والالتفاف. أي حب الأعضاء للحزب وإخلاص الود والوفاء له, واعتناق مبادئه والإيمان بها إيمانًا عميقًا, والالتفاف بمعني حماية الحزب, والتضحية في سبيله بالنفس والولد والمال.
ولننظر إلي الحزب الوطني, وترجمته تتمثل مفرداتها فيما يأتي:
1- إمكانات ضخمة من المال والمباني والحراسات وأمن السلطة.
2- أغلبية مدّعاة, قالوا إنها لا تقل عن ثمانين في المائة, وأنها لن تقل عن ذلك في المستقبل, وكل مستقبل, بل ستزيد زيادات مطردة, بذلك صرح الشاذلي ذات يوم لصحفي «بالعربي الناصري» وأقول «قلبك أبيض يا شاذلي... فالغيب لا يعلمه إلا الله».
3- براعة فائقة في فنون تزوير الانتخابات والإرادات, والتأمين «الأمني» المكثف.
4- تقديم أهل الولاء الحزبي علي أصحاب الخبرات والولاء الوطني, بصرف النظر عن مصلحة الشعب, وخصوصًا الطبقات الدنيا.
5- الوعود البراقة التي لم يتحقق منها شيء, بل تحقق بها نقيض المنشود مثل: الوعد.. بل الوعود برفع المعاناة عن المواطنين, والقضاء علي البطالة, والارتفاع بمستوي التعليم والثقافة... إلخ.
وبعد كل أولئك من حقي أن أقول إن هذا الحزب الوطني هو «المحظور» الأول في كل الأحزاب, فهو «المكروه» الأول, وهو «المعزول» الأول, فليس له «قاعدة نفسية» في نفوس الشعب, بل بني كبارهم بينهم وبين قلوب شعبنا المطحون حائطًا خرسانيًا سميكًا متينًا. فإذا سمع أحد المواطنين اسم «الحزب الوطني» قفزت إلي خاطره كلمات النفعية والادعاء والتزوير والبهرجة و«العض» علي الكراسي بأسنان أقوي من حديد «أحمد عز»!
**********
ومن استقراء " إفرازات " كرم في صحيفته الساقطة الخاسرة , ومن يسيرعلى دربه من أعضاء " مدرسة المستنقع الصحفية " ...هؤلاء الذيـن يصـرون على وصف الجـماعة بـ " المحظورة " يكونون مدفوعين بمشاعر متعددة أهمها :
1ـ الحرص على إرضاء الأسياد من الحكام والقادة , وصولا لأرقى المناصب , وأكثرها دَرّا وكسوبا ومغانم .
2ـ الشعورالنرجسي الحاد ,وتضخيم الذات على حساب الحق والقيم والحقيقة .
3ـ الاعتقاد الغالط بأن مثل هذه " الإفرازات " الخسيسة تشوه وجه الجماعة ,وتقودها إلى الانهيار.
وشكرا لك ياكرم ...يا رئيس مجلس إدارة صحيفة لاتوزع أسبوعيا أكثر من ألف نسخة ...شكرا لك , ولمن يسير على دربك , فقد ذكرتموني ـ من حيث لا تقصدون ـ ببيت من الشعر يتوافق مع حالتكم , ويتلبس بها, وهو قول الشاعر :
كنـاطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوَعِلُ