غدر الزمان ما خلي حدا بمكان
غدر الزمان ما خلي حدا بمكان
عبد الحميد عبد العاطي
http://abedalati.blogspot.com
فرغ
محتواها الرشيق وتلاصقت بجدار العزيمة ، لعلها تجد كوب من قطرات النخوة على أسلاك
وحواجز الصمت العربي ، حاولت تسلق الجدار ولم تستطع ، صرخت فلقد كسرت قدمها ولكنها
لم تيأس ، حاولت مرة أخري وفى هذه اللحظة أطلق عليها الرصاص والقذائف والاستنكارات
والتصريحات فسقطت مكسرة الجناح لا حول لها ولا قوة .
هي
غزة تهتز كل دقيقة بشهدائها كشجرة البلوط الصامدة في وسط صحراء مقفرة ، لا تعرف
الخنوع ولا الرحيل ، تشتاق للربيع من وقت لأخر ولكن تبقي أحلامها منزوعة الحقيقة ،
إلي أن يأتي البرق والرعد والمطر ويخيم بوجه ارض فلسطين كلها .
كتبت عشرات المقالات ولم أجد شخصا عربيا واحدا ينتفض إلا القليل وبعض الأعداد
الفردية التي لطالما اكتفت بالاستهجان والامتعاض من واقع الأمر، وطالبت بالصمود في
وجه لعنة الانبطاح ، وقالت : لكم الله يا شعب الجبارين .
توالت الآهات والنداءات لكي تقفوا لنصرة غزة ولكن للأسف لا حياة لمن تنادي ، الى
ان وصلنا لواقع فريد مجمله باختصار .. نحن من تبقي للدافع عن فلسطين ، فان سقطت غزة
سقطت المقاومة الفلسطينية ، ولكن لا ولن ننسي كل من قاوم وسوف يقاوم بالعلم والفكر
وبالحروف الأبجدية .
هنا
حيث اقطن أنا وأبناء عمومتي .. نعاني الكثير الكثير من جراء الحصار ، لقد أصبح
لرغيف الخبز طابور ،ولغاز الطهي طابور، وللكاز وللسولار طابور ، وللعلاج والدواء
طابور ، والماء هبه الله طابور ، والكهرباء بالطابور فكل 24 ساعة تأتي 8 ساعات
فقط ولها العناء الأكبر كون الغاز مقطوع، فيطر أهالي غزة الطهي وتأجيل أعمالهم
وطعامهم لحين موعد الكهرباء ، هذا ولم اكتب بعد ان هناك عشرات المرضي بحاجة ماسة
للعلاج وللسفر فى اقرب وقت ممكن و اى تأخير يشكل خطرا على حياتهم ، وهناك أيضا ألاف
العمال المتوقفين عن العمل وتقدر نسبتهم 85 % من قطاع غزة ، غير الغلاء وفقدان
السوق غالبية السلع الأساسية وان وجدت تباع بأسعار خيالية لا يستطيع المواطن شرائها
.
جيراني القابعين في قلب الحصار ، قالوا لي : يا عبد صورنا بكلماتك وفرجي العالم شو
بصير معنا، يمكن مش شايفين الصورة الحقيقية على التلفزيون .
قاطعهم جار أخر وقالهم : لا شايفين وعارفين شو اللي بصير معنا ، بس هدول تربوا على
الجبن والتهليس .
وقلت : يا جماعة التلفزيون وحتي الكلام ما بوصل الواقع ولا حتي جزء منه ،لأنه اللي
بصير اكبر ما انه يتخيله العقل او يحسه أي إنسان " واللي أيده بالثلج مش زى اللي
أيده بالنار ".
الجيران : طيب شو الحل يا رجل .
قلت
: الحل بقول الله تعالي "يأيها الذين امنوا اصبروا و
صابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " صدق الله العظيم " سورة أل عمران
200".
وقال ابو فادي : صدقت يا عبد ، أهل الشام عامة ، وفلسطين خاصة ، فى رباط إلي يوم
القيامة ، فعن عبد الله بن حواله عن النبي " صلي الله عليه وسلم " انه قال "
ستجندون أجنادا ، جندا في الشام ، وجندا بالعراق ، وجندا
باليمن فقلت : خر لي يا رسول الله . قال: عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ،
يجتبي إليها خيرته من عباده "
وأكمل انه سبب هذا الفضل ان المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي كانت تدور علي
أرضها ، فأهلها في صراع دائم مع أعدائهم ، وهم في رباط الي يوم القيامة ، والتاريخ
يشهد لذلك ، فعركة اليرموك حسمت الصراع مع الروم ومعركة حطين حسمت الصراع مع
الصليبيين ، ومعركة عين جالوت حمست الصراع مع المغول ، ولا شك أن صبرنا على هذه
الأرض سيتوج بانتصار بإذن الله ، فلا تنسوا هذا الشعب المرابط الصامد الضاغط على كل
الجراح .
"
أتمني أن يزمجر أحدا فيكم "