الإسلام بين أمريكا وأوروبا

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين /‏‏02‏/08‏/10 تعتبر ظاهرة قيام احزاب معادية للوجود الاسلامي في اوروبا مثل الحزب القومي الهولندي الذي يدعو رئيسه جيرت فيلدريز الى طرد المسلمين من هولندا واوروبا وحرق القرآن الكريم الذي يعتبره بمثابة كتاب / كفاحي للزعيم النازي ادولف هتلر / يدعو الى محاربة الانسانية وفرض هيمنة المسلمين على جميع شعوب العالم كما كانت ظاهرة المعاداة قيام احزاب يمينية متطرفة في المانيا دعوتها مثل دعوة فيلدريز وتقف وراء معارضة بناء اي مسجد بمئذنة في المانيا .

الا أن هذه الظاهرة متأثرة تماما بظاهرة العداء للاسلام في الولايات المتحدة الامريكية هذه الظاهرة التي حمل لواءها الرئيس السابق جورج بوش الذي يرأس حركة / الانجيليين  / هذه الحركة التي تدعو الى العودة الى تعاليم / الانجيل / حسب ما ذكره الامريكي توماس كايد استاذ علوم التاريخ وتاريخ الاديان في جامعة بايلور بندوة دعت اليها مبرة فريدريش ناومان للدراسات والمساعدات الدولية التابعة للحزب الفيدرالي الحر في مدينة  بوتسدام القريبة من العاصمة ابتدأت يوم أمس السبت وانتهت يوم أمس الاحد .

ويؤكد كايد ان العداء الاسلام موجودة منذ زمن غابر  تعود الى فرة القرن السابع عشر حيث تأثرت مدرسة حركة الانجليين باولئك الاوربيين الذي هاجروا الى امريكا يحملون في طياتهم العداء الى الاسلام متأثرين بذلك من قوة الدولة العثمانية والصراع بينها وبين القيصرية النمساوية الهنغارية متمثلة بعائلة هابسبورج التي كانت تعتبر القوة الرئيسية في اوروبا تواجه قوة دولة الخلافة الاسلامية العثمانية كما ان ممسيحيي اوروبا الذين هاجروا الى امريكا الشمالية لم يكونوا على اتصال قوي مع المسلمين اضافة الى استهانتهم بالأفارقة المسلمين الذي اتخذوهم عبيدا ولم يأبهوا لشعورهم وانتماءهم الديني اضافة الى ان عداءهم للاسلام تأثر بكتاب عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وضعه استاذ علوم اللاهوت البريطاني همبفري بريدوكس مليء بالهجوم على رسول البشرية عام 1697 متهمه في معظم صفحاته بالاحتيال ، هذا الكتاب الذي تداول بشكل كبير في امريكا حتى اصبح انجيلا يقرأ  واستطاعت الحركة / الانجيلية / التأثير على الكاثوليكية المسيحية في امريكا على ان الاسلام دين يدعو الى العنف وانه معاد للمسيحية واليهودية والاديان الاخرى ويجب على المسيحيين الامريكيين التعاضد بقوة مع مسيحيي اوروبا من اجل اعلان حرب ضروس ضد الاسلام متمثلة بحروب صليبية  جديدة بالتعاون بشكل مطلق مع الكنيسة البابوية في روما .

الا أن هذه المدرسة لم تستمد القوة الحقيقية الا عندما استلم رئاستها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش / الابن / وتنفست الصعداء عندما أعلن عزمه محاربة حركات ما يطلق عليها بالارهاب الدولي في افغانستان تكون اول طلائع الجيش الامريكي في كابول وأخرها في واشنطن ومحاولة بوش اعادة مجد الامبراطورية الرومانية المسيحية المقدسة من جديد تكون واشنطن عاصمة لها .

ويعتبر احد مشاركي تلك الندوة بأن العداء للاسلام في اوروبا قديمة للغاية وليس لها علاقات بالفتوحات الاسلامية بل جراء الفتن والاكاذيب عن الاسلام فالحروب الصليبية اساسها قسيس زار الاماكن المقدسة في فلسطين واكرمه المسلمون وعاد الى اوروبا وهو يحمل ضغائن على هذا الدين حسدا لما رآه من التقدم والازدهار في مدن المسلمين بينما كانت اوروبا تعيش في ظلامات الجهل فقرطبة وبغداد ودمشق كانت طرقاتها مضيئة عرفت تلك المدن الاضاءة وهندسة حدائق المدن وغيرها بينما كانت اوروبا وفي مقدمتها باريس ولندن وبرلين تعيش في ظلام دامس كما استعان الاروبيون من اجل القضاء على الاسلام بالتتار اذ انهم كانوا يعتقدون من كتبهم المقدسة بأن خلاصهم من الاسلام يأتي من الشرق وبهتوا لما اعتنق التتار الاسلام وتأثير أوروبا المسيحية على امريكا بالمعاداة للاسلام معروف وحوادث 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2001  لها أسبابها الرئيسية فلولا احتجاز الطالبان لراهبات كن يعملن ممرضات في افغانستان وهيجان اليابان على الطالبان لانهم كانوا يريدون قصف تمثال كبير لبوذا لما تحركت اوروبا وامريكا وبتحريض من الكنيسة على انهاء حكم الطالبان

ويجب على المرء أن لا ينسى بأن الحركات الانجيلية والكاثوليكية في اوروبا كانت تنظر الى دولة الخلافة العثمانية  منازعا للمسيحية الاروبية على القوة والسيطرة وقد استطاعت الحركات المسيحية في اوروبا اقناع الولايات المتحدة الامريكية خلال منتصف القرن الثامن  عشر والتاسع عشر ضرورة محاربة القراصنة في البحر الابيض المتوسط الذين كانوا يعتبرون ايضا الطابور الخامس للعثمانين بنشر الدين الاسلامي في اوروبا وامريكا وان تلك الحركات وجدت في امريكا الشمالية ضالتها المنشودة بنشر الافكار المعادية للاسلام والاخذ بعين الاعتبار سفر / يوحنا / في الانجيل انه عندما يجف نهر الفرات فان انتصار المسيحية  على  العالم اصبح قائما ومستقرا .

وأشار فولفجانغ جيرهاردت رئيس معهد فريدريش ناومان الذي كان من المعتقد استلامه منصب وزارة الخارجية الالمانية في حكومة المسيحيين الفيدرالية الحالية انه يمكن وضع حد لظاهرة عداء الغرب للاسلام فتطورات السياسة الدولية  والتحديات التي يواجهها العالم حاليا تتطلب مصالحة حقيقية بين الاسلام والمسيحية ، فالسياسي والمفكر  الالماني  رالف داريندورف عضو مجلس اللوردات البريطاني  الذي رحل عن عالمنا في وقت سابق من عام 2009  يرى ان  اوروبا وامريكا ستعتنقان الاسلام   في يوم ما فالحركات التبشيرية الاوروبية في الولايات المتحدة الامريكية ساهمت بتنصير الافارقة الذين كانواعبيدا وتم تحريرهم عندما اعتنقوا المسيحية وعودة معظمهم الى الاسلام من جديد دليل واضح على قوة هذا الدين كما ان جميع الدعايات المضادة للاسلام في اوروبا وخاصة في المانيا أثبتت عكس جدارتها جراء ازدياد ظاهرة الاعتناق للاسلام وخاصة بعد حوادث 11 أيلولم سبتمبر من عام 2001 ويجب على الاوروبيين والامريكيين العمل سويا بقبول الاسلام كدين راسخ في مجتمع اوروبا وامريكا .

وحث جيرهاردت على الحوار من اجل نبذ العداء بين المسيحية والاسلام اذ ان اي حرب تقع بينهما تعتبر دمارا للانسانية جمعاء على حد أقوالهم .