هدم البيوت سياسة اسرائيلية متأصلة

جميل السلحوت

[email protected]

قامت اسرائيل الرسمية صباح الثلاثاء 27-7-2010بهدم قرية العراقيب الفلسطينية في النقب عن بكرة أبيها، وتم تشريد أهلها ليبقوا بين السماء والطارق، والعراقيب واحدة من اربعين قرية عربية غير معترف بها وموضوعة على قائمة الهدم، علما أن القرية الضحية قائمة قبل قيام دولة اسرائيل.

 ورغم الاحتجاجات البسيطة التي قام بها البعض الا أن عملية الهدم  مرت دون احتجاج  دولي، مما سيشجع على هدم قرى أخرى، تماما مثلما كان السكوت على عمليات الهدم السابقة  تشجيعا على عمليات هدم أخرى وأخرى.

وعمليات هدم البيوت العربية في فلسطين التاريخية سياسة صهيونية معروفة حتى قبل قيام اسرائيل في ايار 1948، حيث أن الأكذوبة الصهيونية قامت على مقولة "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" لذا فان عمليات اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه كانت سابقة أو مصاحبة لعمليات الهدم، وهكذا تم تشريد حوالي 750000الف فلسطيني في النكبة الكبرى عام 1948 ليتشردوا في كافة أصقاع الأرض، وما أن قامت اسرائيل كدولة في ايار 1948حتى قامت بهدم حوالي 540 قرية وبلدة وتجمع سكاني فلسطينية، ومسحتها عن الوجود ببيوتها ومساجدها ومقابرها وأبارها وأشجارها ومقاماتها، فأصبحت أثرا بعد عين.

وتواصلت عمليات هدم البيوت العربية بحجج مختلفة، منها عدم الترخيص حتى ايامنا هذه، وبعد حرب حزيران 1967 وما أعقبها من وقوع باقي اراضي فلسطين التاريخية تحت الاحتلال، اضافة الى الجولان السورية وسيناء المصرية، فان اسرائيل المحتلة قامت منذ الأيام الأولى للاحتلال بهدم حارتي الشرف والمغاربة وحيّ النمامرة داخل القدس القديمة، وفي المنطقة المحاذية للحائط الغربي للمسجد الأقصى، علما أن القدس القديمة محمية من "اليونسكو"كمدينة تشكل ارثا حضاريا للبشرية جمعاء، وقامت ببناء حيّ استيطاني يهودي في المنطقة المنكوبة، وفي نفس الوقت هدمت قرى اللطرون الثلاثة، وشردت أهلها، لتبني لاحقا على انقاضها متنزه "كندا بارك" تخليدا للصداقة الاسرائيلية الكندية، وكذلك الأمر بالنسبة لمرتفعات الجولان السورية حيث هدمت بالكامل حوالي ستين قرية سورية.

 وفي العام 1972 قام الجنرال اريئيل شارون قائد اللواء الجنوبي بتجريف الاف الدونمات في قطاع غزة، وهدم الاف البيوت بحجة توسيع الشوارع، لتسهيل عبور سيارات جيش الاحتلال، وليصعب اصطيادها من المقاومة، وتواصلت عمليات الهدم في الاراضي المحتلة، وفي مقدمتها القدس الشرقية، ليصل عدد البيوت المهدومة منذ العام 1967 الى حوالي خمسة وعشرين الف بيت، أي ما يعادل بناء مدينة كبيرة من مدن الشرق الأوسط، كما تم في العام 2009 تجريف ما تبقى من مقبرة "مأمن الله" التاريخية في القدس الغربية.

وعمليات هدم البيوت العربية تتزامن مع البناء الاستيطاني اليهودي المتواصل في القدس وبقية الاراضي الفلسطينية المحتلة، مما يعني ان هناك سياسة اقتلاع يصاحبها سياسة احلال، وتتناقل وسائل الاعلام مطالبات ورجاء لنتنياهو حتى "يجمد" الاستيطان في فترة المفاوضات، وكأن في ذلك اعترافا بأن الاستيطان حق له.

ان سياسة هدم البيوت خصوصا في الأراضي المحتلة وعلى رأسها القدس يتطلب تحركا دبلوماسيا عاليا، لوقف هذه الجرائم،فهل ستتبنى الجامعة العربية هكذا مطلب.