الحشر مع الأحباب !

الحشر مع الأحباب !

سامي رشيد

[email protected]

ورد في الحديث النبوي : يحشَر المرء مع مَن أحَبّ !

 1) الله الذي يحشر الناس ، يعلم مكنونات صدورهم ، ويعلم مَن يحبّ ، ومَن يكره !

2) كيف يَظهر الحبّ للناس ، وهو حالة داخلية ، في أعماق الفرد ، لايطّلع عليها البشر!؟

يَظهرفي ركنَي العمل ، كليهما : القول والفعل .. أو في واحد منهما !

· ظهور الحبّ في العمل ، يتجلّى في :

ـ الزيارة ، والمساعدة في الأعمال ، وتقديم الهدايا .. ونحو ذلك !

* ظهور الحبّ في القول ، يتجلّى في :

ـ تكرار الكلمات التي تحمل المحبّة والمودّة !

ـ الثناء والمدح ، وإطراء الأقوال والأفعال ، الصادرة عن الشخص المحبوب !

ـ الدفاع عن شخص المحبوب ، وعن سياساته ، إذا كان سياسياً ، وتزيين هذه السياسات، في عيون الناس .. خدمة للمحبوب !

3) إذا زعم الشخص المحبّ ، أن ما يفعله مع الشخص الآخر، ليس حباً ، ولا بسبب الحبّ ، أو من أجل الحبّ .. إنما هو عمل من أعمال السياسة ، والحكمة ، والحنكة ، والدهاء ، والمكر، واتّقاء الشرّ ، وكسب المذكور إلى الصفّ الصديق ، وإبعاده عن الصفّ المعادي .. ونحو ذلك من مسوّغات ، وحجج ، وأعذار، وأسباب .. فما الذي يؤكّد صحّة زعمه !؟  

ـ الشقّ عن صدره ، لمعرفة نيّته الحقيقية ، غير ممكن ! فكما أن مدّعي الإيمان بلسانه، تؤخذ دعواه على أنها حقيقة ، ويـُترك قلبه للـه ، ليحاسبه على مافي داخله .. فكذلك الأمر، هاهنا ! ولو جاز شقّ الصدر هنا ، في ادّعاء السياسة ، ومشتقّاتها ، ولواحقها .. لجاز هناك ، في ادّعاء الإيمان ! ولو جاز التكذيب هنا ، لجاز هناك !

ـ إذا ادّعى مظهِر المودّة والمحبّة، لشخص فاسد ظاهرِالفساد، أو مجرم واضح الإجرام..  بأن قوله ، أو فعله ، إنّما هو نوع من أنواع التزلّف ، والتملّق .. لتسيير مصالح معيّنة ! وأنه يمقت هذا الشخص ، أو يحتقره ، أو يتمنّى له الهلاك .. إذا ادّعى هذا ، فقد أظهَر نفسَه بمظهر المنافق الرخيص ! فهو بين حالتين :

 + الصدق في دعوى المودّة ، أوالحبّ ، للمجرم الفاسد .. وفي هذا يحشر معه !

 + الكذب في الدعوى ، وفي هذا يعدّ منافقاً !

  ويبقى أن يشار، إلى الفرق في العلاقة ، بين شخص عادي ، يتزلّف إلى آخر ذي شأن ، نفاقاً ، أو يتقرّب إليه محبّة .. وبين شخص ما ، يتقرب إلى آخر سياسي ، يتحكّم بمصير أمّة ، أو دولة وشعب ..

فالعلاقة الشخصية ، بين شخصين عاديين ، يظلّ نفعها ، أوضررها ، محصوراً بينهما .. سواء أكان النفع والضرر ماديّين ، أم معنويّين !

 أمّا التزلّف إلى سياسي ، صانع قرار، نفاقاً .. أوالتقرّب إليه محبّة .. ففي كل منهما ، أذى كبير، للآخرين ، الذين تُخدع عقولهم عن حقيقة المجرم ، الذي يضطهدهم ، أو يدمّر بلادهم ! فيحمل صاحبُ الخداع والتضليل ، أوزاره ، وأوزار الذين يضلّهم ! كما يحمل الآثام ، المترتّبة على اضطهاد الضحايا الأبرياء ، الواقعين تحت سطوة المجرم، وتسلّطه، وجبروته .. بصرف النظر، عن كون المحبّ ، أو المنافق..عالِماً دينياً ، أو مثقّفاً ، أو إعلامياً .. أو كونه مجرّد شخص عادي ، رخيص النفس ، أو ذلق اللسان !

ومعلوم ، بالطبع ، أن هذا كله ، يختلف عن الكلمة الطيّبة ، التي أمِر المسلمون بقولها ، والتي تدلّ على كرم النفس ، وحسن الخلق .. ويفتح الله بها القلوب ، ويقيم بها جسور المودّة بين الناس .. وهي لاتحمل غشاً ، ولا خداعاً ، ولا نفاقاً ، ولا تضليلا !