التشيع .. يهدم تاريخ الإسلام

خمس رؤى إسلامية

الرؤية الثانية

التشيع .. يهدم تاريخ الإسلام

سورية الشامي

[email protected]

لا نبالغ أبداً لو قلنا: إن أعظم خطر يهدد الإسلام هو (فكر التشيع).

ولكي لا يسيء البعض فهمنا، فيتهمنا بأننا غضضنا الطرف عن كل أعداء الإسلام، ثم رمينا من هم مثلنا (مسلمون ينطقون كلمة التوحيد) بهذه التهمة الخطيرة، نقول: لم يغب عن ناظرنا مطلقاً أي عدو لهذا الدين، كيف ونحن نتجرع مرارة عداوته لنا كل لحظة، ولكن من النباهة أن يصنف المرؤ أعداءه حسب تسلسل العداوة التنازلي، ليركز جهده (المحدود) على الأعدى فالأقل عداءً، إذ أنه ليس من حسن التدبير أن تفتح مع كل عدو جبهة في نفس الوقت، وأنت محدود الإمكانات كما أسلفنا.

وكأمثلة على مانقول، فإن الجار سيئ الخلق لايتساوى في العداء مع اللص الذي يتسور بيتك ليسرق محتوياته، وإن اللص الذي يسرق محتويات البيت لايتساوى في العداء مع من يدعي أن جزءاً من بيتك هو من ضمن أرضه وأنك معتدٍ عليه، ولا أظن أن هذا الأخير يتساوى في العداء مع من يشتكيك للمحكمة زوراً مدعياً أن كل بيتك ملك له وأنك غاصب لبيته.

ولا أظن أنه من الحكمة أن تغض الطرف عن الظالم الذي يخطط لامتلاك منزلك ورميك مع أسرتك في الشارع، لتركز جل اهتمامك على الترصد لهفوات جارك سيئ الخلق (لماذا أوقف سيارته مكان سيارتك؟ ولماذا رمى القمامة أمام بيتك؟).

فإذا ما صنفنا أعداءنا حسب شدة العداء لنا ولديننا، تبين لنا بلا شك أن اليوناني الذي لا نتوقع منه حب الإسلام ونبيه لا يتساوى في العداء لنا مع الدنماركي الذي يستهزئ بديننا ورسولنا، كما أن الهندوسي مع أنه يكره الإسلام ولا يريده على أرض الهند لايتساوى في العداء لنا مع اليهودي في فلسطين الذي يكره الإسلام ولا يريده على أرض فلسطين، كما أن الياباني الحامل للسلاح ضدنا على أرض العراق، لايتساوى مطلقاً في العداء لنا مع الأمريكي حامل السلاح ضدنا على أرض العراق، الذي احتل أرضها ودمرها ونهب خيراتها، فحسب شدة الخطورة إذاً نصنف أعداءنا، واضعين عداءهم لنا جميعاً أمام أعيننا، مركزين في مجابهتهم على الأخطر فالأقل خطورة.

فمن هو عدونا الأخطر إذاً؟

نحن كمسلمين، تهمنا عقيدتنا في المقام الأول، فهي عنوان ديننا، وهي التي بها نحن مسلمون، وهي التي بها نتعبد ربنا ونحوز على رضاه وتوفيقه ونصره، وبها نفوز بجنته وهذا غاية منانا، وإن من يستهدف هذه العقيدة ويريد نسخها ومسحها من رؤسنا، ليستبدلنا بها ديناً آخر أو يتركنا بلا دين هو أعدى أعدائنا، وهو أخطر من الذي يستهدف إمكاناتنا أو حتى أرضنا، لأننا بعقيدتنا السليمة يمكن أن نجاهد وننتزع الحقوق المغصوبة أو نموت دونها مسلمين، ولكن بدون عقيدة توجه النفوس والقلوب، وتعطي حياتنا معنى ومبرراً، ماذا ترانا نفعل؟

بعض الدنماركيين استهدفوا رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم وديننا بالإساءة، برسوم كرتونية يهزأ من فكر صاحبها حتى الأطفال.

وبعض الهولنديين استهدفوا ديننا ونبينا بفيلم سينمائي، انتقده الكثير من مفكريهم حتى قبل أن يرى النور، ونحن بإعلاننا حب واحترام نبيهم (نبينا) الذي يدعون الانتساب لدينه، ننسف فكرتهم من الجذور.

والكثير من الكتاب والمفكرين الغربيين، ألفوا الكتب في الهجوم على ديننا، فأتاهم الرد المسكت من المستشرقين من بني جلدتهم، فكفونا مؤونة الرد عليهم.

واتهمت أمريكا الإسلام بالإرهاب، فاطلع الناس في بلادهم على ديننا فأسلم عشرات الآلاف.

وهجم المغول من قبلهم على بلادنا وحضارتنا ودمروها، ثم لم تمر سوى سنوات حتى عادت جحافلهم إلى بلادهم مسلمة تنشر الدين في أصقاع لم تتصورها مخيلة المسلمين.

سر هذا الدين في إلهيته، في نبوته العظيمة، في رجاله حملته بكل شجاعة وتفان وحب لتبليغه للعالمين، مفنين لأجل ذلك أعمارهم ومسترخصين في سبيل ذلك أرواحهم، في أحكامه ومبادئه وأخلاقه السامية، في وسطيته واعتداله، في راية الحب (الحب الإنساني الدفاق) الخفاقة فوقه، تصبغه رغم أنف الحاقدين بأنه دين الرحمة والحب والإنسانية، باختصار .. سر هذا الدين في تاريخه المجيد المعجز المتجدد.

لهذا كان من واجبنا نحن المسلمين أن نعتبر أنّ أعدى أعدائنا هو ذلك الذي يريد نسف هذا التاريخ العملاق، بالتشكيك في تبليغ أصل الرسالة عن الإله، ثم بانتقاص قدر خير البرية نبي هذا الدين ورفع قدر غيره فوق قدره، والطعن بدين حملة الراية الصحابة الكرام واتهامهم بالكفر والنفاق، واستبدال أشرف الأخلاق (عفاف النساء وصدق الرجال) بأخس الرذائل (الزنى والكذب) وجعل ذلك من القربات لله، ونزع الخير والحب من النفوس واستبدالها بالكره والبغض الدفين بلا مبرر.

ليس هذا فقط! بل هناك ماهو أخطر وأدهى وأمر؟

ادعى أصحاب هذا الفكر أنهم مسلمون، ثم أتوأ أول ما أتوا إلى جبريل الأمين الذي نزل بالرسالة (فاتهموه بأنه تاه وأخطأ تبليغ الرسالة)، ثم أتوا إلى الرسول الذي أرسله الله إليهم (فانتقصوه ورفعوا من سواه من الأعاجم فوق منزلته)، وإلى أزواج نبيهم (فرموهن بالزنى)، وإلى صحابة نبيهم الذين زحفوا من وسط الجزيرة العربية إلى بلاد فارس حاملين رسالة الإسلام الخفاقة ليخلصوهم من تسلط الأكاسرة الظالمين و ليبلغوهم هذا الدين وماتوا في سبيل ذلك (فأبغضوهم وشتموهم ولعنوهم واتهموهم بالكفر والنفاق)، وإلى إخوانهم في العقيدة (فحاربوهم ودعوا إلى قتلهم صباح مساء)، إلا إذا اتبعوا دينهم وفعلوا مثل مايفعلون، فهل هناك أخس وأدنأ وأقل مروءة من هؤلاء، وهل هناك ملمح للإسلام في فكر هؤلاء، وهل هناك من هو أكثر تنكراً لتاريخ دينه (إن كان له دين) من هؤلاء.

متخصصون في بغض (السادة)، يبغضون من الملائكة سيدهم (جبريل)، ومن الرسل سيدهم (محمد)، ومن الرجال ساداتهم (الصحابة)، ومن النساء ساداتهن (أمهات امؤمنين)، ومن الصحابة سادتهم (أبي بكر وعمر وعثمان)، ومن الناس سادتهم (كل عالم عامل)، فأي مستوى من البشر أصحاب هذا الفكر؟

ثم ادعوا أن فكرهم هذا هو (مذهب) من مذاهب الإسلام، وأسسوا لهذا المذهب قواعد وأسس خاصة بهم ونهجوا منهجاً يخالف كل مذاهب المسلمين ومناهجهم، فصارت لهم كتبهم ومراجعهم المحشوة كذباً وضلالاً حتى في القرآن والحديث الشريف، فجلسوا لوحدهم في شق، والمسلمون كلهم في شق آخر، يحاورونهم فلا يجدون إلا الغلو والتعنت، ويناقشونهم فلا يجدون إلا الرفض والاستكبار، إذا ذكرت آية أجابوا أن تفسيرها غير ما تعلم، وإذا ذكرت حديثاً قالوا هذا ليس في كتبنا، لتجد نفسك تتيه معهم في فراغ.

مبعث هذا الفراغ أنك تستند إلى تاريخ تستمد منه قوتك وشخصيتك وفهمك وعلمك وكل أحاسيسك، وتظن خطأً أنك تحاور من يشاركك هذا التاريخ، ثم تكتشف في نهاية المطاف أن من أمامك لا يعترف بكل تاريخك، لأنه مهدوم في فكره من أساساته، المصحف الذي بين يديك (كتاب الله المبدوء بسورة الفاتحة) هو غير المصحف الذي بين يديه (مصحف فاطمة المبدوء بسورة الولاية)، وكتب السنة المعتمدة عندك (وأهمها صحيحا البخاري ومسلم) لا وجود لها في دينهم (لأن كل رواة الحديث من الصحابة هم في نظرهم كفار ومنافقون باستثناء الصحابة من آل البيت)، بل حتى (المساجد والجوامع) التي هي بيوت الله، نقلوا ملكيتها لغير الله فصارت (حسينيات ومزارات ومراقد)، فأي إسلام هذا الذي يدعون أنهم أتباع أحد مذاهبه؟

نعلم مذاهب الإسلام كلها، الكل يتفق على الكتاب والسنة وأصول الدين، ولئن كان هناك خلاف بين المذاهب ففي الفروع وبما ينعكس رحمة وتيسيراً وسعة على الناس، فأي مذهب هذا الذي له مصحف خاص، وتفاسير خاصة، وكتب حديث خاصة، ومنهج بحث خاص، هو في الحقيقة ليس مذهباً جديداً بل هو دين جديد.

ثم هم يدعون الناس لاعتناق (مذهبهم)، وكلنا يعلم أنه ليس في الإسلام مايسمى الدعوة إلى هذا المذهب أو ذاك، بل ليس هناك مجرد محاورة صاحب مذهب ليتركه ويتبع مذهباً آخر، فكيف بمن ينشر فكره بالقوة حاكماً على كل مخالف له بالكفر واستحقاق الموت، أتكون هذه دعوة لاتباع (مذهب) أم حرب لاعتناق (دين).

ولو تساءلت مالمطلوب؟ أتاك الرد بلا مواربة، (أن تتشيع)، أن تمسك معنا المعول وتشاركنا في هدم (تاريخ) هذا الدين من أعلاه واقتلاعه من جذوره، واستبداله بدين جديد (بلا تاريخ)، دين له آلهة بشرية متعددة أسبغوا عليهم صفات ذات الله، وأنبياء من صنعهم، رفعوهم فوق مراتب أنبياء الله وملائكته، وتعاليم تمسخ الإنسان وتحوله إلى عبد يسجد لعمامة سوَّدها الحقد على الإسلام وأهله، وتعده بجنة غير جنة الله، مالكوها آلهة بشرية، يهبونها لمن يشاؤون من أهل دينهم، ويوزعون عليهم مفاتيحها (البلاستيكية الملونة) في الحسينيات.

أفكار ومبادئ وقيم سوداء، استحكمت في رؤوس أصحابها، حتى طغت عليها، ثم طفت تصبغ عمائمهم بلون هو أنصع ألف مرة مما في قلوبهم على الإسلام وأهله.

لو جلست إليهم تسمعهم وهم يتناولون التاريخ، لما ذكروا إلا فتن الماضي وذكرياته المريرة التي ساهموا هم أنفسهم بصنعها كلها، يعيدون لوكها كل مرة، ويزيدون فيها ويحرفون ويشوهون، ثم يتمايلون ويتباكون ويلطمون، أما صفحات العز وذكرياته المشرقة ورجالها الأفذاذ فليس لذلك في دينهم أي ذكر.

ولو سمعت لهم وهم يتكلمون عن حاضر الإسلام وآماله ومشاريعه وهمومه ومشكلاته، لما ذكروا إلا من يخالفهم بالرأي، وأنهم سوف يفعلوا وينتقموا منهم.

أما مستقبل الإسلام، فكل مستقبل الإسلام في فكرهم، هو ثقب صغير، في حائط قديم، في مزار عتيق، في مدينة سامراء من العراق، يجلسون أمامه القرفصاء، يسندون رؤوسهم بأيديهم، ينتظرون خروج (صاحب الزمان) مهديهم المنتظر من سرداب مظلم خلف الثقب، حيث اختفى فيه وهو طفل منذ مئات السنين، سيخرج وهو يتكلم العبرية (وليس العربية) ليملأ الدنيا عدلاً بعد أن ملئت جوراً، وليبتدئ مسيرة العدل بقتلنا نحن المسلمين.

هذا هو التاريخ والحاضر والمستقبل عند أصحاب فكر التشيع، ومن أراد المزيد فليطلع على ترجمات كتبهم، ليجد فيها ما يعجز عن وصفه البيان، وأمام أصحاب هذا الفكر المقيت تقف حكومات الدول الإسلامية موقف المتودد المتقرب (حسب قوانين السياسة)، ويقف الكثير من علماء المسلمين موقف الصمت المطبق (رغبة في لحمة الصف الإسلامي)، وأي سياسة وأي صف إسلامي تتكلمون عنه يا أهل السياسة ويا أهل الرأي، وانتم حسب مواقعكم في أروقة الحكم وفي مقامات العلم، تعلمون أكثر بكثير مما مر ذكره، من أهوال وفواجع وشرور مستطيرة، لو استمريتم بالسكوت عنها وممالأتها، فستدفعون وتدفع شعوبكم ثمنه دماً ولات حين مندم.

وللحديث متابعة ..