شكرا للعرب والمسلمين
شكرا للعرب والمسلمين
جميل السلحوت
التقرير الذي بثته فضائية الجزيرة مساء20-7-2010 عن المساعدات "الانسانية" التي تقدم الى قطاع غزة المحاصر الى درجة التجويع والموت، مثير للحزن والأسى والغضب، فالأدوية والعقاقير المستفاد والمستعمل منها 30%فقط ،والآخر اما منتهي الصلاحية منذ أكثر من عشر سنوات أو لا مجال لاستعماله مثل الحبوب المضادة لانفلونزا الخنازير التي انتهت من العالم أجمع، وبعض المواد الغذائية بما فيها حليب الأطفال منتهية الصلاحية ايضا، واستعمالها يلحق الضرر ان لم يوصل مستعملها الى الموت، لكن المفجع هو تلك التبرعات السخية بالأكفان بما فيها أكفان بمقاسات الأطفال، فشكرا للمتبرعين العرب والمسلمين الذين ينتظرون موت أطفال ونساء وشباب وعجائز غزة، فتبرعوا لهم سلفا بالأكفان، وكأن المتبرعين لا يعلمون أن الشهداء الأحياء عند ربهم لا يغسلون ولا يكفنون بل يدفنون بملابسهم ودمائهم العطرة، وقد ذكرني هذا التبرع المفجع بما أعلنه أحد المسؤولين العرب في بداية انتفاضة الأقصى من أن دولته قدمت مساعدة للشعب الفلسطيني بمبلغ يصل الى عشرة ملايين دولار، لكن أحدا من المسؤولين الفلسطينيين لم يعلم من الذي استلم هذه المساعدة مما أثار غضب الرئيس الشهيد ياسر عرفات، فطلب من وفد فلسطيني زائر أن يستوضح الأمر من ذلك المسؤول، فعاد الوفد بقائمة تتضمن ثمن تذاكر طائرة للجرحى المصابين بجراح خطرة ونقلوا للعلاج في ذلك البلد على متن طائرات خطوطه الجوية وفي الدرجة الأولى على تخوت وبسعر أربعة أضعاف، فعادوا شهداء بنفس الطريقة، وأجرة علاجهم في الدرجة الأولى في المستشفيات، والباقي أرسل مع الصليب الأحمر الدولي كضمادات وقطن للجروح، فشكرا على هذا التبرع السخيّ، وشكرا على دقة الحسابات في الفواتير التي قدمت لشعبنا الذبيح.
ومن حق المرء أن يتساءل عن كيفية وصول العقاقير والأغذية منتهية صلاحية الاستعمال، أو التي لا لزوم لاستعمالها، والتي يتبرع بثمنها في الغالب فقراء الشعوب العربية والاسلامية لا أغنياؤها، هل جاءت بشكل عفوي، أم أن بعض المتنفذين في بعض الوفود يتاجرون بدماء شعبنا ومأساتنا وقضيتنا، فيتفقون مع شركات تجارية معينة، ويشترون بضاعتها الفاسدة مقابل مبالغ تدخل جيوب هؤلاء المتنفذين الذين يتباكون في وسائل الاعلام على الجرائم بحق الانسانية التي ترتكب بحق شعبنا؟ فان كانت الأولى فتلك مصيبة، وان كانت الثانية فالمصيبة أعظم.
ان حق شعبنا على الأشقاء العرب والمسلمين في مساعدته واجب قومي وديني وأخلاقي وانساني، وليس منّة من أحد، وهو فرض عين، وعليهم أن يتذكروا أن المشروع الصهيوني لا يستهدف فلسطين وشعبها فقط ،بل يتعداهم بكثير، وأنهم أُكلوا يوم أُكل الثور الأبيض، وأن التاريخ سيسجل أن الدول العربية والاسلامية والعالم أجمع شاركت في حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه، وأنهم لم يستعملوا حتى أضعف الايمان لمساعدته، فيا لعار العرب والمسلمين!.