حوار عباس وأولمرت

نسخة طبق الأصل!!

مخلص برزق*

[email protected]

إصرار محمود عباس على اللقاء بنظيره مجرم الحرب أولمرت في كل الظروف عادية كانت أو استثنائية، يبعث برسائل هامة ويدل على دلالات واضحة لا يخطئها العقل ولا يصعب على القارئ أن يستشفها من بين ثنايا الكلمات القادمة.

ولا أزعم هنا أنني حصلت على سبق صحفي، أو أنني أملك أجهزة تجسس فائقة الحساسية، أو أن إنساً أو جناً يزودونني بما يدور خلف كواليس الإعلام المرئي والمسموع.. إنني أسجل هنا وبكل جدارة أنني لا أجد أية صعوبة تذكر في تخمين بعض ما سوف يدور من حوارات في اللقاء المزمع عقده غداً في قدسنا المحتلة بين أولمرت وعباس.. وإليكم نص الحوار:

من جهته سوف يهنئ عباس نظيره على العملية الأمنية التي استهدفت رجل حزب الله القوي عماد مغنية ويقول له: "خرب الله بيتكم، كيف تمكنتم من الوصول إليه؟"

سيرد عليه أولمرت ساخراً: "لقد تعلمنا من خيبتكم في غزة فحبكناها جيداً ونفذنا ما عجزتم عن تنفيذ ما هو أيسر منه بحق هنية".

وسيقول له عباس منفعلاً: "أي خيبة تقصد.. أتلك التي سببها دحلان عندما فشل في تخليصنا من هنية على المعبر، أم خيبته هو وأبوشباك والمشهراوي والمدهون وباقي "الشلة" في حسم الأمور مع حماس.. أم الخيبة التي سببها الطيب عبد الرحيم بانكشاف محاولتنا الجديدة للتخلص من هنية في حفل تكريم الحجاج.. أم خيبتنا في أبي علي شاهين وحكم بلعاوي ودحلان الذين نشروا غسيلنا الوسخ على الملأ.. أم تراها خيبتنا الكبرى ومصيبتنا في توفيق أبو خوصة الذي كشف المستور، وأظهر المخبوء، وأفسد علينا خططنا في تشويه حماس ووصمها بذلك الوصف المقزز أنها ترمي الناس من فوق الطوابق العليا لأبراج غزة.. عن أي الخيبات تتكلم يا عزيزي فلولا خشيتي من "زعل" السيدة كوندوليسا رايس لقدمت استقالتي وتركت السياسة واشتغلت مع ابني طارق في شركته الجديدة"..

أولمرت: "مهلاً، مهلاً، وهل تظن أنني سأسمح لك بذلك؟ مع من أتفاوض إذاً؟ إن بادرت إلى الاستقالة فسأسارع إلى سحب ترخيص شركة الاتصالات الذي أعطيته لابنك في لقائنا السابق".

عباس: "ولكنكم لا تساعدونني بشكل فعال لتأكيد شرعيتي وتثبيت حكمي بالقضاء على حمساوية غزة.. وبصراحة فإنكم تجبنون عن اقتحام غزة؟"

أولمرت: "يا هذا، ألا تستحي من نفسك.. أمددناكم بأحدث أنواع الأسلحة والعتاد واشتركت العديد من الدول في تدريب رجالكم، ودايتون بجلالة قدره أشرف على وضع الخطط لكم، وأمريكا لم تقصر معكم وأغدقت عليكم بمئات الملايين من الدولارات، وضغطنا على العالم كله كي يحاصر حماس وحكومة هنية، ثم خلال ساعات فررتم كالفئران إلى رام الله.. ثم تريدنا أن نقتحم غزة لسواد أعينكم كي نغرق في مستنقعها وتكون لنا "مقبرة" كما تتوعدنا فلاشات فضائية الأقصى.. إنني بالكاد نجوت من لجنة فينوجراد وتريدني أن أورط نفسي في أوحال غزة".

عباس: " مع احترامي الشديد لك ولرئيس جهاز الموساد الجديد الذي كرمته بالأمس، فهل تظن أنك ستنجو من فينوجراد القادمة بعد فعلتكم "المهببة" مع حزب الله؟"

أولمرت: " ها أنت قلتها بنفسك، فلو كنت صديقاً وفياً بحق لفعلت شيئاً مجدياً لوقف صواريخ القسام التي أقضت مضاجعنا وأوجعت خاصرتنا الجنوبية في سديروت. هل تظن أن من الممكن أن نتفرغ لغزة في ظل الرعب الشديد الذي بدأ يطل علينا من الجبهة الشمالية، بل وفي العالم أجمع بعد تهديدات حسن نصر الله لنا ولشعبنا في الشتات.. فكف عن توجيه اللوم لنا وافعل شيئاً بدل إبداء شماتتك".

عباس: "يعني إنت شايفني كتير معجب بها الصواريخ"..

أولمرت: "وهل يكفي أن تردد لازمتك واسطوانتك المشروخة بأنها صواريخ عبثية ثم تقف مكتوف اليدين أمام ما تسببه من كوارث ومصائب في نسيجنا الوطني والقومي وما تسببه من دمار نفسي عميق وشرخ بين مواطنينا الذين يقطنون سديروت وبين أولئك الذين ينعمون بالأمن في تل أبيب".

عباس: "يبدو أنك لا تتابع فضائية الأقصى جيداً ولم تشاهدني وأنا أهدد وأتوعد مطلقي الصواريخ وأوجه تعليماتي الواضحة لأجهزتي الأمنية بأن "أي واحد بشوف أي واحد حامل صاروخ يطخوا يقتلوا، منيح هيك".. ثم إنك تعلم تماماً أننا الآن لا نسيطر على غزة لتحاسبنا عن تلك الصواريخ التي تستفزني وتهيج شياطيني قبل أن تحل في دياركم العامرة.. فلماذا لا تسألني مثلاً عن آخر إنجازاتنا في نابلس ورام الله وبيت لحم؟".

أولمرت: "وهل تظن أنكم قد فعلتم شيئاً؟ صحيح أنكم ساعدتمونا كثيراً في ضرب حماس بالضفة وتعاون معنا الطيراوي وكميل واليحيى تعاوناً كاد أن يتفوق على الذي قدمه لنا أنطوان لحد، لولا..

عباس: لولا ماذا؟ بعد كل الذي فعلناه من إصدار لمراسيم تجاوزنا فيها الدستور وشكلنا حكومة تقبلون بها وقمنا بتعيين سلام فياض رئيساً لها على القياسات التي اشترطتموها علينا، ثم أتبعنا ذلك بحملة غير مسبوقة في تاريخ الشعب الفلسطيني ضد المقاومين.. ولقد رفضنا كل الوساطات العربية والإسلامية للحوار مع حماس وتمسكنا بشروطنا التعجيزية كي لا يتم الحوار استجابة لطلباتكم. ثم إننا لم نقصر أبداً في ملاحقة أبناء حماس قادة سياسيين ونواب، رجالاً ونساء، أغلقنا لهم جمعياتهم الخيرية، صادرنا أموال الزكاة، اعتقلنا أكثر من ألفي كادر منهم، عذبناهم، قتلنا منهم محمد رداد، أغلقنا مكتب فضائيتهم، ومنعنا صحفهم من التوزيع في الضفة، منعناهم من أي نشاط كان، فبركنا لابنهم مؤيد بني عودة اعترافات بالعمالة لكم، أخرجنا المعتقل لدينا موسى الخراز في مؤتمر صحفي تحت التهديد والوعيد ليتبرأ هو وحماس الضفة من الانقلاب الدموي في غزة وليطالبوا بتسليم السلاح لنا هنا في الضفة.. ثم تقول لولا؟؟"

أولمرت: "نعم، لولا أنكم لا تبذلون جهداً كافياً لتطبيق خارطة الطريق لما وقعت عملية ديمونا التي كادت أن تعصف بالائتلاف الحكومي الذي أرأسه.. إنكم لم تفعلوا شيئاً في الخليل، خاصة بعد أن تكرر الأمر للمرة الثالثة بعد بيت كاحل وكفار عتصيون وديمونا فإنني أذكرك بأنني إن لم تضاعف جهودك فلن أبالي بك أبداً وسأرسل دباباتي لمحاصرتك في مبنى المقاطعة برام الله، واذهب بعدها إلى الجحيم!!"

عباس: "أعود هنا لأذكرك بأننا عبرنا عن إدانتنا الشديدة لعملية بيت كاحل وعبّر رئيس حكومتي فياض عن ألمه وتأسفه لذوي ضحاياكم، ثم إننا أصدرنا أحكاماً بالسجن لمدة 15 عاماً على اثنين من أبناء الخليل نفذا عملية ضدكم، كما أننا قمنا بإدانة عملية ديمونا وصمتنا طوال الفترة الماضية عما تفعلونه في غزة وحتى في الضفة من قتل بالجملة.. ألا يكفي كل ذلك؟ ألم ندافع عن حقكم في التواجد على معابر غزة وعلى رأسها معبر رفح؟ ألم نقف إلى جانبكم في مجلس الأمن مرات عديدة لمنع فك الحصار عن غزة أو اعتبار ذلك جريمة إنسانية؟ ألم نسكت على تهويدكم للقدس وحفركم تحت الأقصى؟ ألم نصمت على مشاريعكم الاستيطانية في جبل أبو غنيم؟ ألا ترون أننا نأتيكم للتفاوض رغم كل الأجواء الصعبة؟".

أولمرت: "لا تنس أيضاً أن هذا جزء من الاتفاقيات التي اتفقنا عليها في مؤتمر أنابوليس وأن أي مفاوضات قادمة لا يمكن أن تتم إن لم تقدموا بين يديها أعمالاً كهذه تساعدنا على القبول بكم شركاء في التفاوض، وإلا.."

عباس: "وإلا ماذا؟"

أولمرت: " وإلا فإنك لن تنعم بمقابلتي بعد اليوم، وسنقطع عنكم شريان التفاوض، ونبحث لنا عن وكلاء آخرين بدلاً عنكم!!".

               

*  كاتب فلسطيني مقيم في دمشق.