سورية خالية من مُعتقلي الرأي والسياسة
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
(قد يبدوا العنوان غريباً ، ولكنه سيأتي يومٌ تدّعي فيه السلطات البوليسية السورية ذلك ، بعدما أن وصلت الوقاحة بأحد المُنظمات الرسمية التي ادعت بأنها انسانية بأن عدد معتقلي الرأي والفكر والسياسة بحدود 1450 شخص ،كما ادعت مثل هذه المنظمات من قبل بأن لا معتقلين لبنانيين ولا عرب في سورية ، وتبين فيما بعد أنّ الزنازين الفردية والجماعية الكثيرة العدد والمنتشرة في كل أرجاء بلدي الحبيبة مليئة بالنزلاء العرب ،نقلاً عن أُناس أنجاهم الله من غياهب المُعتقلات وأدوات بشار القمعية ، التي تقوم على اختطاف المنتقدين للطغمة الحاكمة في بلادنا ، وكذلك من خلال سجّلات الدول التي فقد أبناءها في سورية أو في أقسام المخابرات التي كانت تعمل في لبنان)
فبالأمس أطلّت علينا منظمة رسمية سورية مُقربة من النظام ، ولها صفة التخصص بقضايا حقوق الإنسان ، ذكرت أن عدد مُعتقلي الرأي والسياسة في سورية بحدود 1450 سجيناً فقط بينما الحقائق تقول بأنّ أعدادهم بالآلاف ، وبحسب إحصائيات المعارضة ، ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والعالمية أن العدد يبلغ أضعاف ماذكر ، وأنّ عدد الأكراد الذين اعتقلوا لاحقاً يزيد عن العدد المذكور ، هذا ماعدا عن المعتقلين الآخرين من كل الأطياف ، وما عدا عن آلا لاف المفقودين منذ عقود ، منذ أحداث الثمانينيات من الاتجاه الإسلامي وتحديداً من الإخوان المسلمين
وإلى ذلك أشار المحامي هيثم المالح الناشط الأبرز في حقوق الإنسان والمحامي هشام شيشكلي وآخرون "كما ورد في المرصد السوري" – وكذلك زملاء لنا كانوا يعملون في الاستخبارات العسكرية والمدنية وآخرون مطلعون بالشؤون الأمنية ، أكدوا لنا بأنّ الأعداد تتجاوز العشرين ألف مُعتقل ، موزعين تحت الأرض على مئات الفروع السرّية في كل المدن السورية ، وأنه يُمارس عليهم أقسى أنواع الإذلال والقهر إلى يومنا هذا ، وأنّ معظمهم مُصابون بأمراض وعاهات مُزمنة ، كما وأن الكثير منهم قد قضى نحبه تحت التعذيب ، والبقيّة تتطلع إلى اليوم الذي ترى فيه النور ، وإننا وبلا شك نُحمّل مسؤولية الحفاظ على حياتهم ووجودهم السلطة السياسية المُتسلطة الباغية ، ونُطالب في نفس الوقت المنظمات الإنسانية والحقوقية العربية والدولية التدخل لتخليص أبناءنا وإخواننا وآباءنا المعتقلين من عتمة الظلم والظلام ، ونناشد الكون بأجمعه لتحديد موقف واضح ورافض لكل أساليب القمع لهذا النظام ورفع الغطاء عنه ، قبل أن يستفحل خطره الذي يمتد يوماً بعد يوم ويطال دولاً وشعوب والذي سيؤدّي الى صعوبة السيطرة عليه فيما بعد
ومن غير الجائز أخلاقياً وإنسانياً وحتى دينياً أن يبقى هؤلاء الأحبّة الأحرار رهن القيد كل هذه السنين الطوال ، ومن غير الجائز أن يصل الاستخفاف بالناس إلى هذا الحد ، ليُعلن عن أعداد المعتقلين التي لاتبلغ حتى عُشر العدد الصحيح ، لأن هؤلاء بشر ولهم أباء وأمهات وأبناء وإخوان ، ومن غير الجائز صدمتهم إلى هذا الحد الذي يُعلن فيه غيابهم الأبدي بلا مبرر واضح ، سوى لاستمتاع جلاديهم بتعذيبهم والتشفي فيهم
هذا الرقم المذكور" 1450" والإعلان عنه ، فيه تحدٍ واضح لمشاعر الناس في أعزّ ماعندهم ، الذين هم منّا ونحن منهم ، آباءنا وإخواننا وفلذات أكبادنا ، والأنكى من ذلك عند ذهاب الأهل لمراجعة فروع الأمن للسؤال عن فقيدهم الذي خُطف منذ عقود أو حديثاً ، يأتيهم الجواب بأن ينسوهم وعدم السؤال عنهم ، وهذا فيه قمة الاستخفاف والاستهتار بحياة البشر ، وحتى إذا كان لدى الشخص كلب أو حيوان وفُقد منه ، فهو لايزال يذكره ، فكيف إذا كان ذلك المُغيّب قطعة منّي وأنا منه
وكنت في السابق قد دعوت المعارضة وكل حر من باب التجاوز والموانة عليهم إلى عقد لقاء موسع للمعارضه ، على أن يكون في انعقاد دائم ، تُدعى له وسائل الإعلام والهيئات الرسمية ، ويكون موصولاً بأحد المحطات الفضائية لبث التقارير اليومية وأراء الناس والمثقفين ورجال السياسة والصحافة في كل مايجري ، ويكون مصحوباً بنشاطات فاعلة على الساحة الأوربية واعتصامات أمام السفارات ، وتعليق لوحات وصور للفت نظر العالم الى قضية شعبنا ، والتواصل مع المنظمات الدولية ، في خطوة متقدمة لتحقيق أهداف شعبنا في التحرر والإنعتاق من إجرام السلطة الحاكمة ، ولربما تكون نقطة الانطلاق لتحقيق الغايات ، لرفع سقف المُطالبات ، وكشف هذا النظام على حقيقته السوداء أمام العالم أجمع ، لأنه من غير المقبول أن نرى هذه الجرائم ونقف مكتوفي الأيدي أمامها ، وكنت تمنيت عليهم أن أسمع الردود الفعل المؤيدة والمتضامنة بهذا الخصوص ،وتمنيت عليهم تبني هذه القضية على سلم الأولويات وتمنيت عليهم الإعداد لهذا المشروع الذي أرجوا أن ينطلق سريعاً قبل فوات الأوان ، وتمنيت عليهم إشراك إخواننا اللبنانيين سياسيين ونواب ، وممثلين عن ذوي المُعتقلين الذين يُقدّر أعدادهم بالمئات في السجون السورية ، وغيرهم من العرب المتضررين من هذا النظام ، وتوقعت تضامن جهات أهلية وحكومية كثيرة مع هذه الخطوة التي تمنيت لها النجاح