أوراق محمود عباس في انابوليس

أوراق محمود عباس في انابوليس

وسريالية ما بعد الحداثة السياسية

عبد مقدس

[email protected]

المنطق  الحداثي الجديد-  ثقافيا وفكريا  وسياسيا -  يؤمن  بضرورة القفز اللامنهجي  نحو المجهول المطلق ،   في عملية هلامية هستيرية ، تفسر المنطق العبثي  الخلطي في تصدير الرؤية  البراغماتية لدى أصحاب  هذا المنتج الفلسفي.

وعلى الرغم من ان البراغماتية  قد  تحتاج الى  منطق  كلاسيكي   او  منطقي تفضي  من خلاله  المقدمات  إلى  نتائج  إلا  أن  إمكانية التحول في  طبيعة المراحل  قد  تصل إلى  هذا العالم الهلامي  المقصود  بحد ذاته   

 وهنا  ستتحول  «عملية السلام» المتولدة عن عقل سياسي براغماتي جبروتي إلى حالة هلامية سائلة ليس لها حدود أو معنى أو مضمون ويصعب تعريفها-  على حد  تعبير المفكر الفلسطيني  خالد الحروب – ويصبح 

مؤتمر أنابوليس تجسيدا ثقيل الوطأة والدم لما بعد حداثة سياسية عدمية، تقطع بشكل تام مع أمها الأصلية، الحداثة السياسية، المعنية بالمضمون والتسلسل والترتيب، والمنكبة نقدياً على ذاتها شكلاً وجوهراً..

أقول سيذهب  الكل  إلى هذا المؤتمر دون  أن  تكون  هناك  حاجة الى  أوراق تفاوضية    الا أوراق  تفرضها الذهنية السريالية التي  قرررت  تحويل الفلسفة العبثية إلى عبث  تفاوضي  ،   يصلح  ان يكون   معادلا موضوعيا لنظرية رايس الفوضى الخلاقة ،  وهنا  ستسقط الحلقات الأضعف  كمادة   ميتافيزيقية لتمرير القفز النوعي في  هلامية التفاوض ،  واعني  بذلك  إمكانية تشكيل   مطلب فلسطيني  مقابل ولو إلى الحد الأدنى  ، فلا حديث  هنا  عن  تنازلات  لان  التفاوض  التقابلي مرفوض  أصلا  ،  ما  دام الطريق  التفاوضي قادرا على إحداث  قفزات  تتجاوز  عتبت  وحروف  أبجدية  لصالح طرف ما  ،  كالجانب الفلسطيني  مثلا   

 سيجلس  الطرفان على طاولة ليس المطلوب  منهما سوى الجلوس ويحمل الطرف الفلسطيني  ورقة القبول المطلق ولن مارس  وى عملية كتابية توقيعية على أوراق  هلامية محددة المسار  إلى عالم  تفاوضي  مجهود  وواقع  جغرافي  محدد  وواضح   لتمرر سيناريو هلامي يفضي إلى رؤية  مقننة سلفا  إذ  أن الطرف الفارض  فيها قرر  نجاح المؤتمر سلفا لان المقصود  منه  تمرير سريالية التفاوض لتحيق واقع  براغماتي  ،  ولكي ندرك  ذلك   علينا  أن  نناقش  اللغة ونستحضرها؛   فمفهوم  التفاوض :  ان يتم بين طرفين ،   أما أ ن  يتحول الطرفان إلى طرف واحد ،   وفق أجندة  واحدة ،  ومسار  واحد ؛ فهنا تكمن   العبثية الميتافيزيقية الهلامية  ؛ فالجانب الفلسطيني  لا يجوز له  حمل أوراق- أصلا-   ليفاوض  عليها أو بها  ولذا  أعطي الجانب  الأقوى- إسرائيل  - كامل الصلاحيات لتحديد  مسار التفاوض  وأعطي  حق الحديث عن   نتائجه قبل انعقاده.

 لنستمع  إلى بعض تصريحات  الساسة اليهود  ثم نحكم  : 

 يقول   رئيس الحكومة (إيهود أولمرت ) : إن نقطة الانطلاق لأي مفاوضات مع الفلسطينيين ستكون الاعتراف بأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي. ويقول -  أيضا - : إن نقطة النهاية في المفاوضات يجب أن تكون "نهاية الصراع ونهاية المطالبات".

  هنا حسم  تطفلي  على واقع هلامي 

 كما أكد أولمرت أن هناك مسارا للمحادثات، تتم المفاوضات في إطاره حول الحل الدائم، بالرغم من عدم تطبيق المرحلة الأولى من خارطة الطريق، التي تلزم الفلسطينيين بنزع أسلحة فصائل المقاومة.

 وان مؤتمر أنابولس سوف يستمر ليوم واحد فقط.

 وأضاف: "لن نجري أية مفاوضات حول وجود إسرائيل كدولة يهودية، فهذه نقطة الانطلاق لأي مفاوضات". و لن يجري مع أحد أية مفاوضات حول كون "إسرائيل دولة الشعب اليهودي". وبحسبه فمن لا يقبل بذلك لا يستطيع أن يجري معه مفاوضات.

 وتابع أن هذه المسألة قد تم توضيحها للفلسطينيين والأمريكيين، وأنه لا يوجد لديه أي شك في أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس حكومته، سلام فياض، ملتزمان بالاتفاقيات، ويرغبان بصنع السلام مع إسرائيل كدولة يهودية، على حد قوله.

 وعلى رغم ذلك فإن المؤتمر في طريقه للانعقاد ليس لأنه مطلوب منه أن يصل إلى نتائج على صعيد العنوان الرئيسي له، بل لأن المطلوب والهدف أساساً هو، مرة أخرى، أن ينعقد فحسب. في تسييس كهذا تغدو مفاهيم الفشل والنجاح التقليدية فاقدة لمعناها. يصبح إنجاز الشكل، أي انعقاد المؤتمر، وليس المضمون، أي النتائج المرتبطة بالهدف المعلن، هي عين النجاح.

  وهنا  نعود إلى نقطة جوهرية في تفسير منطق السياسة  الأمريكية في إدارة الصراع دون البحث  عن النتائج والأسباب التي  قد تجد  لها  موقعية هلامية بين ألف وياء سريالة النهج التفاوضي.