مع تحرر سجن تدمر نستذكر عطر شهدائنا في الثمانينيات 1
مع تحرر سجن تدمر
نستذكر عطر شهدائنا في الثمانينيات 1
مؤمن محمد نديم كويفاتيه
وأنت تقف على أعتاب تدمر قف بخشوع وإجلال وإكبار عن أرواح عشرات الآلاف ممن فقدناهم ظلماً في هذا القاع السحيق الذي أراده الحاقدون المتغطرسون لنا ناراً ، فكان لهيباً يحرقهم الى يوم القيامة ، ليشهد العالم اليوم على خستهم وحقيقتهم وجذورهم ، ليعرفوا حقيقة من هم بني وحش " أسد " وحسن ناصر اللات وخامنئه ممن يحمونه ويشاركونه في القتل ، ففي تدمر تقرأهم جميعاً هؤلاء الهمجيون من خلال الوسائل وافانين الاجرام التي استخدموها وتشفيهم بالناس ؟ ومن أين جاءوا ؟ وعلاقتهم وارتباطهم بوطننا وشعبنا ؟ فلم يتركوا وسيلة من وسائل الوحوش إلا واستخدموها على أحرارنا ، بل كانوا أكثر شناعة لأن الوحوش تفترس لتعيش ، بينما هؤلاء يتلذذون في الدماء والآلام ، لم يقتلوهم برصاص أو على أعواد المشانق ليُنهوا حياتهم ، بل كان حقدهم أكبر من أن يفعلوا ذلك ، إنهم أرادوا اشباع غرائزهم وما نشئوا عليه من الغل والكراهية لبني جنسهم ، انتهكوا أعراضهم وهم مُقيدون بالأغلال ، وساموهم سوء العذاب تلذذاً وإمعانا بالجريمة ، لم تكن تعنيهم القيم أو يعتلجهم أي شعور بالإنسانية ، إنهم ليسوا من جنس البشر ، إنهم من الحضيض الأسفل من القذارة قد جاءوا ، ونبتوا من أوساخها وأوحالها ونتانتها ، ومن تلك الدناسة ترعرعوا ونمت أجسادهم على الحرام ، فلم يعرفوا الطيب أبداً ، إنما هم من شجرة خبيثة نمت أغصانها على النهب والقتل والتشفّي ومصّ الدماء والتعدّي على الحرمات والمقدسات ، لم تكن أفعالهم حاضرة اليوم ، بل كان هذا تاريخهم الذي سطروه بكل أنواع العهر والفجور والعدوان والهمجية ، لم أجد في القاموس عبارات تكافئ افعالهم ، لاوالله ولن أجد
في هذا السجن " تدمر " وما أدراك ماتدمر ، تلك التي قد قضى فيها أبرار سورية شامخين وهم مبتسمين رغم مرارة ماعانوه وما لاقوه وهم مستسلمين إلى رب لاينساهم ومستبشرين بلقائه ، وهم يعلمون أن الخطوة التالية الى النعيم المقيم ، واللقاء بالرب الكريم ، مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، مع محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ، عند المليك المقتدر ومع الحور العين في جنّات النعيم ، فكانت عندما تفيض أرواحهم يشكون الى ربهم ضعف حالهم وهوانهم على الناس ، وعند الغمضة الأخيرة وآخر نظرة الى هذه الدنيا غير أسفين عليها يتطلعون إلينا وهم يأملون أن تكون دماءهم بداية غرس لحرية البلد وكرامة الشعب ورفعته وصحوته ، ويرجون من الله مالا نرجو ، تتلقاهم الملائكة لتحفهم بأجنحتها بُشراكم جنّة عرضها السماوات والأرض هذا ماكنتم توعدون ، هؤلاء ممن استضعفوا وقضوا تحت السياط وقهر الجلاد لأنهم قالوا لا للطغيان ولا للاستبداد هم اليوم في عليين ، وجلادوهم وقاتلوهم وموالوهم الى عذاب السموم قد قضى معظمهم على أيدي ثوارنا ، ولازالت جحافل أبطالنا تُلاحقهم أينما كانوا ، كما فعل القائد العظيم صلاح الدين عندما لاحق العبيديون القتلة أجداد الخامنئيين إلى أقصى اصقاع الأرض بغية القصاص ، وكذلك هؤلاء لن يفلتوا من العقاب ، سنلاحقهم أينما كانوا ، وأينما حلّوا لكل من شارك في سفك الدم الحرام وهم الأحرص عليها كيفما كانت ، بينما شهدائنا لم يكونوا يأبهون الموت ، بينما هؤلاء لن يجدوا عن الموت محيصاً ، وهم يعلمون إلى اين مصيرهم ، وأنهم الى مذابل التاريخ سيُرمون ، وأنهم لعنة حلّت بالأمة ، بينما من نجوا من هذا السجن الرهيب وهم يتابعون هذا الموقف ، قد أدركوا معنى مايجري ، وقد ذاقوا منّة الله عليهم فزادهم استبشاراً بوعد الله ونصره ، ومازادهم إلا يقيناً ، فبدعاء هؤلاء ومن قضوا شهداء سننتصر لأن الله لايُضيع أجر عامل ، وبالقلوب الثكلى والأيامى والأرامل والمكلومين سننتصر ، وبالرضّع التي شقّت بطون أمهاتهم سننتصر ، والشيوخ الذين قطّعت رؤوسهم ورُميت بالزبالة سننتصر ، وبالزوجات اللاتي فقدن معيلهن سننتصر ، وبمن سُحلوا في الشوارع وذّوبوا بالأسيد سننتصر ، وبمن مُثل بهم وهم أحياء أو اموات سننتصر ، وبمن هُدّمت بيوتهم وصوامعهم فوق رؤوسهم سننتصر ، وبالملايين التي تشردت وقاست عناء الظلم سننتصر ، وبالدماء الغزيرة التي سفكها هؤلاء الآراذل من بني أسد وخامنئي وأرجاسهم سننتصر ، فكم من قلوب أحرقت على فلذات أكبادها وهي ترى أشلاءها متناثرة في كل مكان أو مات أطفالها من الجوع والبرد بفعل الحصار أو ذبحاً بالسكين أمام اعينها ، حتى سمع الكون صداها ولامن مجيب لها إلا الله وهي موقنة بخالقها وربها بالإجابة سننتصر ، وكانت في ليلها بمحرابها الى من لاينام تسأله الانتقام والنصر ، ورفع هذه الغمّة وقد آن أوانها ، بعدما كشفت ثورتنا كل الوجوه الكريهة والأقلام المأجورة سننتصر ، لن تضيع دماء الشهداء هدراً منذ أن غرز هؤلاء مخلبهم في جسد الأمّة سننتصر ، سننتصر سننتصر سننتصر بإذن الله سننتصر.