تسْلم الأيادي
تسْلم الأيادي!
(إلى المؤرخ د. محمد الجوادي)
سعيد عبيد
في بلادي
تُقتل الأسْدُ اغتيالا
والنُّسورُ
والفُهودُ
ويُغنّي الجحشُ: "تسلم الأيادي!"
ويَرُدُّ الكَلبُ: "تَسْلمْ!"
ويَروغُ الثُّعلبانُ وابنُ آواهُ المُعمَّمْ
بين تصفيقِ الحرابى
ونَعيبِ البومِ مِن وسْطِ الخرابِ
ويُنادي:
"يا مليكَ الغابِ، تَسْلمْ!
أنت مُلْهَمْ!
فاقطِفِ الهاماتِ،
أعدِمْ كلَّ رأسٍ لا يُطاطي
لا تُحابِ
ما لنا إلّاكَ
أنْعِمْ ثمَّ أكرِمْ!"
====
في بلادي
يستبيحُ الجُندُ عَذراءَ الوُرودِ
في مقاصيرِ الحَدائقْ
لمْ يَنَلْها ألفُ وامِقْ
فيَطيرُ الشَّوكُ جذلانَ: "لِتسلمِ الأيادي!"
والطُّفَيْليُّ المنافقْ
وتَرُدّ ذابلاتُ الزَّهرِ: "تسْلمْ!"
وتَزيدُ الدّمَنُ الخُضْرُ اخضرارا
نافخاتٍ في اسودادِ الثّأر نارا:
"يا جُنودَ الربِّ
دُوسوا حُمرةَ الخَدّ الذي لا ليسَ يُلْثَمْ
كِبرياءً تتعالى في الرّبيعِ
خَلْفها الخَيْباتُ للعشّاق ما بينَ عليلٍ وصَريعِ".
====
في بلادي
يُكْسَرُ الزِّندُ الذي أرْدى جُذاذًا كُلَّ مَن فينا تَصنَّمْ
ويُهَشَّمْ
فَيَجيءُ الكَلُّ مولاهُ المُحَطَّمْ
ويُعيدُ
مِثلما قَدَّ العبيدُ
من جلاميد المُقَطَّمْ
بخروجِ الرُّوحِ
أهرامَ المدافنْ
لأبي الهولِ المُعَظَّمْ
ثُمَّ يَهْوي ساجدًا للذَّقن يتْلو – ويْحهُ! – ويَترنَّمْ:
"يا مليكَ الإنس والجنّ المُفَدّى
ها – أبيتَ اللعنَ! – أَوْفَيتُ بِرِقِّي
لِاُريكَ الصِّدقَ صِدقي
فعساكَ اليومَ تَرضى
فعساكَ اليومَ تَرضى"
وعنادُ الحُرِّ مصلوبٌ – لكيْ يُرَى – على بابِ المدائنْ
يا شُموخَ الموتِ موتٌ لا يُداهِنْ!
====
يا بلادي
يا قِفاراً من أسودٍ وورودٍ وزُنود
يا غُبارا تحت أقدام الجنودِ
ومليكٍ فاقَ نِيرونَ حَسودِ
ما أمَرَّ أن أراك يا بلادي في الحَديدِ
قدْ أحاطَ شامتين بكِ أرذالُ العبيدِ!