فائِضُ الليْل يُمَشط ُحُلمَ أوْهَامِهِ ...
محيي الدين الشارني - تونس
( إلى رُوح الشّاعر فينا ... قمرا سَيَظلّ يتلألأ دائما بيننا ولا يموت ... ) .
* * *
سليل الأقحوان / رخيم الإنشاءاتْ ...
( عن نفسِي المُكتظة بما لا يمكن فِقدانه ...
عن الشاعر المصاب بهاجس الهوس الفريد / الرّفيع ...
عن " هوميروس " وعيون " إلزا " ...
عن وطني الذي لا يموتْ ... )
* * *
أجلسُ إليَّ ... علني أجدني ...
أبحث عني فتنوءُ بي نفسي عن ناي ذاكرتها ... وتهرب مني الطرقات بعيدا ... إلى حيث نفسِي ...
مطرُ الكلام للإنشاءاتِ رخيم ...
وقلبي تباكيهِ روابيهِ / وقحط الإندثار السّريع ...
وجوانحي كسباسب تعضها إشتعالات
حُلمي الرّضيض ...
أ ُطلّ على إختلاس شؤوني / وقار زيتوني مني ...
فتعجب سفوح ويأتي نحول ينذر بالتفريط
المملّ في توتر أوصاب تراب تعاويذ مطر القريض ...
أعود ... من جذوة تماسك له عقبى الإنثناءات الرتيبة ْ...
أ ُجمِّعني من سحاب ضرير ...
وأتدثر بفوضايَ ... فتغيب نتوءاتٌ عرّشتْ
لإقرار تضرّج مفاوز الهشيم ...
أتسكعُ فِيَّ باحثا لي عن ظلِّ وقت شفيفِ يلوذ
بسقف تفاخرها ... ودمي ...
أركضُ خلف دمي باحثا لي عن جوهرة ترهَّلتْ
وقهوة موحلة ...
وقشّ دمي جريحٌ ...
آخذني في حضني ...
أسْتلني مني ...
أ ُفاخرُني ...
وأ ُشمِّسُني لحنا تكبو فتائله ...
وأشتاقُ أن أضمّني إليّ ْ ...
وأشتهي أن أ ُكلمني ... ولو ليوم يتحدُ
وحيدا في قامة وحدته ...
أ ُلاطفني ...
أ ُلاطمني ...
وأ ُروِّضني ببعض القثاءات علني أجدُ
الأرض في قتات ما سُميّ أسفا ... أو ضحالة
بأغوار القلوب ...
أكتظ ّ بي ... فتغار مني الأغادير ...
وأتوارى عني ... كمحق أجوف الأخاديد ...
أعْتزلني ... وأجلس بعيدا عن وشائج روحي ...
أشمتُ بي ذلك أني عنيد الغياب والنشيش
برعم فحيحي ...
وأ ُغادرني بحثا لي عن لمْعَة مَحبّة تبْرَدُ ...
أ ُغادرني على ألاّ أعودَ إليَّ مُفعما
بخيالات اليعاسيب ...
فتتوارثني اللغة وبعض مزايا من لذيذ
أفق شريد ...
أ ُسافرُ معي في حافلة جنوني أستقطر مِزَقِي ...
... وهمي كهودج القفر صديقي ...
أقتفي أثري ...
أ ُجنُّ ...
أندفعُ نحوي ...
فتجفل مني خُطايَ ...
وألتفُّ بي ...
أ ُضمرُ لي تخوم فرح قديم تجتبيه أفلاذ
حِنطتها مآقي الكوابيس ...
فتهتاج بدمي لذائذ الصّروف ...
وأ ُناوشني ...
مَنْ يجتثني مني ...
من يلمّ فطام فوضايْ ...
من يكسو بشتات الفؤاد مزاهر دمايْ ...
من يصالحني مع فنارات دمي ...
من يجمِّعني معي ...
من يدفعني نحوي لألوِّن بمهمه الأباريق
لحم صروحي ...
من يُؤثث قوادم الهفو لي ...
لأسير معي ... وحدي ...
( أسِيرُ مَنْ أنا ...
غير مكنون صائدتي ...
وإسفنج القصيدة فاتحة خلودي ... )
أنِيسُ مَنْ أنا ...
غير أصداء سِماتي تستضيءُ ...
ووجه رمل يومض كمغاور حشرجة
يتثاءبُ لها هيكل الصّنوف ...
مشرّدٌ أنا خارج ذاتي ...
مشرّدٌ أنا أبحث لي عن حمّى ما تبقى
من صهريج رفاتي ...
متى وَجَدتنِي لأظلل إكتمال الرّوح في دهشتي ...
متى تقمّصتُ سنيني ...
متى أخفيتني عني ...
متى ضممتني إليّ ْ ...
وشاقتْ بي نياشين أُحجيّة يميني ...
أنا أ ُعاني مني ... يا أنا ...
أنا أ ُعاني مني منذ ودَّعني طريقي ...
أنا أ ُعاني مني منذ إكتملت حرائقي
وجُنت مساءاتُ التباشير ...
أنا أ ُعاني مني منذ أن خلتني مواعيدي
وهزتني للشظى مساحيق بريقي ...
متى إكتفيتُ مني ...
متى ضقتُ بي ...
طوعا ... أو طلاقة ...
لستُ أعرفُ ...
متى ضِعتُ فِيَّ لأستفيقَ ...
متى ضَيَّعَتنِي نفسي وضيَّعتُ الأمارات / الطريقَ ...
متى أضرمتُ القلب في حَزني ...
وأغفلتُ الماءَ / الصّديقَ ...
متى شبَّتْ يدايَ في الفيضان ...
متى شبّتْ يداي في فمي ...
متى شبّتْ يداي في دمي ...
آهِ ... يا أنا ...
متى إسْتوقفني طريقي ...
متى إسْتوقفتني هالات يدي لبضعة نجمات ...
متى كنتُ لسقسقات الرّوح العدوّ / الحريقَ ...
متى ضربتُ رأسي بعنوان الحكاية الميِّتهْ ...
ومهوايَ يوشوشهُ حجل الطلل العميق ...
متى كنتُ كاللطخات المبهوتة ...
كأمواه العطبْ ...
متى أفلتتْ أزرار قلبي من خُضرة أحزاني ...
ومتى كنتُ لرمد الرِّيح طين السّببْ ...
متى كنتُ لرائحة عمري نبع فؤاق ...
متى كنتُ لمشاتل دمي ... حلوق طربْ ...
متى كنتُ لوردة الرّخام إن طاب تظاهره ...
متى ............. ؟؟؟
آهِ ... يا أنا ...
أعِرني وجهي كيّ أمضي إليّ ْ ...
آهِ ... يا أنا ...
أأعْرفنِي ...
وأراها تعرفني فيوظات الأزمنه ْ ...
آهِ ... يا أنا ...
أأ ُؤنِسُنِي ...
وهذه أحزاني تورِّطني فيّ ...
لن تلتمع بوجهي قيد أمكنه ْ ...
آهِ ... يا أنا ...
أأ ُوَاسِينِي ...
وأنا الشاعر الحزين هربتْ مني يدي ...
وضفائر قصائدي صارتْ كلّ هواجسها
كمثل صوامتي ... آسنه ْ ...
آهِ ... يا أنا ...
أعْياني الإقتراب مني يا دمي ...
أعيتني موازيني ...
وأعياني التشبّث بلحم الورق حُرّا ...
أ ُفسِدُهُ بتباعد الأقحوان عن محبّتي
وتفاح الخيالات ...
أتحسّسُ فرحي فِيَّ ... فلا أجدهُ ...
وأتحسّسُ حُزني في حوائط الدّهور ...
فأجده مع زرير الوقت يحومُ ...
وأ ُضمر لي بعض غصون تستجمعها حدقات آكامها ...
تين وأعناب من رطب الهجو الأخير والسّديم ...
متى تنطلي يدي عليّ ْ ...
متى تنطلي يدي على أفلاك عيوني ...
آهِ ... يا مساءات ظنوني ...
آهِ ... يا مهاوي الإسفنجْ ...
متى تغادرني القصائد تغنم مجيء وجهي على
قارعة الأصول ...
متى أ ُعيدني إليَّ ليتعرّى الضّوء في خاتم
الفرْو السّديد ...
متى أ ُوسِّدني دمي ... على شاطىء جسدي
مبهورة مراميه تفوحُ ...
متى أ ُلطخنِي ببلابل حنادسي ...
متى أحميني مني وأنام مطمورة أحلام بقاياي
في مِسلة تكشط محتويّات السّدوف ...
الدّنيا موصَدة الحنايا حولي ... يا أنا ...
تتوعّدني ضلوعي بالإطمئنان الرّهيب ...
تتوعّدني ضلوعي بالإطمئنان عليّ ْ ...
وعلى قلوع نفسها ...
مَنْ يظنّ أنّ نفسكَ سِوَاكْ ...
مَنْ يظنّ أنكَ حين تراكَ ... لا تَرَاكْ ...
أوَ أراني حين أجلسُ إليّ ْ ...
أوَ أراني حين أبحثُ عني ...
وأتلفتُ إليّ ْ ...
أوَ أراني حين يقفز قلبي مني ...
ويَندَسُّ كالمدى في رسيس شفتيّ ْ ...
أوَ أراني حين أسقط من يدي ...
وتتلاشى ... تترامى سكرات هذه الدّنيا فيّ ْ ...
أوَ أراني أنا المسكوبُ بُعادا ...
لا أنتمي حتى ... إليّ ْ ...
ضَيَّعَتنِي طرقي ...
ضَيَّعَتنِي سُفنِي ...
ونسِيَتنِي أيّامي على مفصل الهموم ...
أوَ يوجَدُ مثلي على حدِّ عِلم وجهي إليّ ْ ...
أوَ يوجد مثلي ...
أنا المحزونُ بغامق الإسفلتِ ...
كشَكِيم الحَصَى ترقطنِي أصابع مُقلتيّ ْ ...
أزُورني أحيانا ... ( حِفاظا عليّ ْ ... )
أزُورني أحيانا ...
أنا السّادر يجتثني الإرتجال مني ...
وينشقُّ لبان البرق كسُرَّةِ الأسى من
كِسْرَةِ فحْمي إليّ ْ ...
أزورني أحيانا ...
وأجْلِسُ على حافة الرّميم ...
وحافتي تلاويني ...
أزورني أحيانا ... حدادا عليّ ْ ...
وأ ُخلفني أحيانا مُترعا بشهقات الجمر ...
وبما مَرَّ نزقا مريرا ... إليّ ْ ...
أعْتكِرُنِي ...
وقلبي مازال يُلاحقني ...
يُحذرني من تغافل الضوء لو أفرح ...
قلبي مازال على وشك الشعْر الضنين ... يتربّص بي ...
يتبدّى كَصُوَر مدجّجة بالوهم ...
... بزمزمة ونونة وقمطريرْ ...
قلبي يختلسني مني ...
وشتاتي ينضّه هذا الغمى كالدّواخل
مبحوحة نواصيه ...
شحيح هذا الورد كفاقة قلبي الشقيّ ...
وأ ُشفق عليَّ من تفاؤلي ...
إني وقعتُ في هواكَ يا ديجور تعبي ...
ولستُ أملّ مغانمي ...
سَأسْتقيلُ من رؤاك يا أنا ... وأتمزّقُ ...
سأستقيلُ وأترك أيّامي للعذاب الجميل
تفرحهُ ...
تزوِّجه محازنها فإنه وحيدٌ ... يُغوِّلُ ...
سأستقيلُ مني ... يا أنا ... وأتمزّقُ ...
وأتمزّقُ ... وتتمزّق ذرى الفراغ فيّ ْ ...
أتضوّرُ شِعْرًا يغطي ملامحي ...
وأتبعثرُ كالبلور المحموم في نار يديّ ْ ...
أشكوني لبعض ريح مَرّتْ من هنا ...
ولا أجدني أبدا أفرحُ بي ...
أوْ أتنزّهُ في هلامات النفير وفيّ ْ ...
وحيدٌ أنا ... أستعيرني مني لبضع ضحكات ...
وحيدٌ أنا ...
معي قلبي يطوِّح بي في بارق شموليتها ...
إغترابي عني يرشدني لي ...
حِرْمَانِي مني يأخذني إلى أسايَ العظيم ...
هل ألبس قلبي أهبة الترجّم وأحزاني ...
أم يُلبسني بدني كلّ ما يتراءى له مِن
فجيعة صاغها له عذب إحراجي ...
من يُغدق عليَّ نفسي
غير أسفي الرّضيع ...
مَن يُغدق عليَّ نفسي
لأحتلَّ سائر نفسي ومالها من خطوات
وأرض وميامن وميشمة وإنقضاء ْ...
مَن يُغدق عليَّ نفسِي
كيّ لا تغافلني أناتي ببعض توْق ينهل
على يأسي بكلِّ مساحات كتمانه ...
مُصَابٌ أنا بي ...
محرومٌ أنا مني ...
مدفونٌ أنا ... فيّ ْ ...
مُتقاعد أنا من طاعة التغيهب والمعمعانْ ...
فمن ينقذني مني ...
لأ ُعْلِنَ إستفاقة الحريق إلى الهذيان ...
من يُنقذني مني ...
لتطأطئ الأحلام مكامنها ...
وتنطلي الحروف على خدر خفقات الفوات ...
على خدر الفوات الأنيق ...
من لي ومن عليَّ فيكَ يا قلبي ...
تعبتُ ...
وأتعبتني خربشاتُ حريقي ...
تعبتُ ...
وأخلفني وعدي ...
وجابتني طرقي ...
وما سألني عني طريقي ...
متى أصِِلُ إليَّ ... بعدي ...
وأ ُعْلِنُ إنتهائي ...
متى أ ُضْرمُ الحَضارة فيّ ْ ...
وأمْنعني عن ذاتي ...
آهِ ... يا أنا ...
لو تتبدّلُ الحروف ...
لو يستمرُّ تيه التفجُّع فِي تهذيبي ...
لو يستمرّ تيه الرّقائق في تعذيبي ...
لو تلدني الليالي من جديد ...
أوَ تغضب القصيدة من يقظتي
وحنيني يجلس على الشبّاكْ ...
يُلمِّح لبعض إرهاص تنداح مآربه كفوهة
الوقت بليلة ْ...
أوَ تغضَبُ القصيدة مني ...
وأنا أ ُؤجِّلُ خُطايَ إلى ما بعد حروف الغروب ...
ياسمينة إنجرحتْ ...
ونافورة تهجّد تتدلى على أقبيّة التوابيت ...
سَأ ُحرِّرني مني ... يا أنا ...
ولن أ ُوَالِسني ...
وستربِّي قصائدي حشائش التلاويح المتلفعة
بسابق الإنتعاش الملفوف بزنار هدايتها ...
ستربِّي قصائدي بارق صحوي وظنوني ...
وسأموتُ اللحظة ...
وستموتُ خدودي ...
وأ ُعلنكَ حيّا ... يا وطني ...
فأنتَ لا تموتُ ...
أنتَ بعدي ...
ستبقى حبيبي ...
أنتَ بَعْدِي ...
لكَ رائق فِكري ...
ولكَ عزّ حنيني وطاعة حشايَ
ومشهد قلبي الحميم ...
واقفٌ أنا على شُبّاك القصيدهْ ...
أنظرُ إليَّ ... من بعيدٍ ...
ومن بعيد يأتي أحبابي ...
لِيَزُورُوا مَبْنى طريقي ...
مُتُّ ومازالتْ القصيدهْ ...
القصيدة وطني الذي لا يموتُ ...
وأنا طريقي يفوتُ ... وبرائحته عطر
يُزكِّيهِ زُمُرَّدٌ وأختام مَوَالد ...
آهِ ... لو أتنبّأ بإنزلاق غصون التخييل ...
آهِ ... لو أنكَ يا حبيبي تجيءُ ...
قالها الوطنُ ... وتدللَ على واجهات جبيني ...
قالها الوطنُ ... وتدللَ أنسًا بلآلىء / رائقات يقيني ...
قال ... أنا أعْرف أنّ القصيدة تتهادى كنجلاء
في غمْرةِ التباهجْ ...
فآهٍ ...
آهِ ... لو أنكَ يأ شاعري كما عهدتكَ تضِيءُ ...
آهِ ... لو أنكَ يا شاعري تحَدِّثُ عني سُبل بريقي ...
سَأفرَحُ وتفرَحُ بي كلّ خلجات نجوم التهاليل ...
سَأفرَحُ وتفرَحُ بي كلّ خلجات / وهجات ضمائر كلّ الطيوب ...
آهِ ... يا سُكرَ الوقتِ ...
آهِ ... يَا دفاءة وطني الجميل / قلبي القريبِ ...
آهِ ... كم أحِبُّكِ ... يا أنا ...
آهِ ... كم أحِبُّكِ يا صباحات /
عذابات /
قداسات حبيبي ...
... / ...