الغائب ... العائد
لك حنَّتْ قلوبُنا ، وتلظَّى = في حنايا أشواقِها الإصرارُ
 يتهاوى على المحاجرِ وهمًا = مابناهُ الإقبالُ والإدبارُ
 وتراءتْ بك المنى ، ومن المجدِ ... = ... شموخٌ علاه لاينهارُ
 وضلوعُ الربيعِ يزجي شذاها = لأمانيه موسمٌ معطارُ
 ليس زورًا تلك الرُّؤى ، فمداها = في يديه الإثمارُ والإعمارُ
 تتثنَّى بك البيادرُ جذلى = دانياتٌ سلالُها والنضارُ
 بك طابَ اللقا فتلك وجوهٌ = باسماتٌ لأهلِها استبشارُ
 والليالي ـ طوبى لهم ـ مقمراتٌ = حيثُ ولَّتْ بسوئها الأكدارُ
 لك هذا الترحابُ من كلِّ قلبٍ = يتباهى ، وشانئوه احتاروا
 وابتهاجٌ يومي بمنزلةِ الفضلِ ... = ... فدنياكَ بهجةٌ وازدهارُ
 سلسلتها الأفراحُ في كلِّ أرضٍ = وتغنَّتْ بجودِها الأمصارُ
 واحتفاءٌ به الوفاءُ تجلَّى = وله الناسُ أبرموا واختاروا
 حسبُك الخيرُ لم يطفْ في مدارٍ = ذي اعتكارٍ إلا و ولَّى التَّبارُ
 حسبُكَ الحبُّ في القلوبِ استفاضتْ = بمعاني خلودِه الأسفارُ
 حسبُكَ الشوقُ في حنايا نفوسٍ = مازجتْهُ الأشذاءُ والأوطارُ
 عدْتَ تحيي ما ماتَ في سأمِ العمرِ ... = ... ليُطوَى على يديك البوارُ
 في سنين انقضتْ ، توالتْ عجافا = حيثُ ماجَ الأسى ، وطال انتظارُ
 شهدَ اللهُ أنَّك الخيرُ يُزجَى = والخزامى والطيبُ والأمطارُ
 فربانا قطوفُها يانعاتٌ = دانيات أغصانُها والثِّمارُ
 أيها الغائبُ الحبيبُ تهادى = في محيَّاكَ أُنسُنا واليسارُ
 وتغنَّت لك القوافلُ نشوى = وحُداها التاريخُ والآثارُ
 جئتَ والكونُ مالديه أنيسٌ = ويطيبُ الهنا ، ويُطوَى اعتكارُ
 فهو الفضلُ يورقُ الزَّهوُ فيه   = وتولي الآلامُ والأكدارُ
 فَلْيُجددْ وجهَ الأباطحِ جودٌ = ما سقاها من قبلِه مدرارُ
 ولتغادرْ بناتُ صدرٍ مدمَّى = مزَّقتْهُ الأنيابُ والأظفارُ (1)
 طالما هزَّه الحنينُ فألفى = في خباءِ السنين تُوقدُ نارُ !!
 والجديدان لم يبوحا بسرٍّ = دفنَ الليلُ سِفرَه والنهارُ !!
 إنما في الصدورِ يكمنُ لمحٌ = جهلتْه الأيامُ والأبصارُ
 (1) بنات الصدر : هي الهموم والأنكاد
وسوم: العدد 953